أحمد حمدي... القديم يُلهمني وكل بدلة أصممها تحمل شخصيتي

على العكس من الأزياء النسائية، تنحصر الموضة الرجالية في البدلات التي تظهر على ممشى العروض خجولة بتفاصيلها المُقيدة بسترة وبنطلون.
المصمم المصري أحمد حمدي في المقابل له رأي مخالف. فهو يرى في البدلات الرجالية متنفسا يُطلق فيه الحرية لخياله. دخل هذا العالم منذ 4 سنوات وسرعان ما ذاع صيته بين الفنانين من أمثال تامر حسني وأحمد حاتم وخالد سليم وشريف منير، إضافة إلى بعض رجال السياسة.
في لقاء مع «الشرق الأوسط» قال المصمم البالغ من العمر 32 عاما بأن علاقته بالأزياء بدأت في الطفولة «عندما كنت أراقب جدتي التي كانت تُفصل ملابسها بنفسها. في الثقافة العربية تعتبر ممارسة أعمال كانت خاصة بالمرأة أمراً منبوذاً، لهذا كنت أتابعها من بعيد وبداخلي شغف يدفعني للتدقيق في حركة القماش وألوان الخيوط».
اهتمام أحمد حمدي هذا تحول في فترة المراهقة وبداية الشباب إلى اهتمام واضح بمظهره، وهو ما مهد له الطريق إلى أن يعمل بفروع علامات أزياء كبرى مثل كالفن كلاين وغيس، في مصر. يتذكر هذه المرحلة قائلاً: «حبي لتنسيق الأزياء ساعدني في الحصول على وظيفة مُنسق داخل فروع كبريات متاجر الأزياء، في ذلك الوقت لم يكن لي أي علاقة بالتصميم، بينما اقتصرت مهمتي على تنسيق المتجر بشكل يجذب الزبائن».
ورغم محاولاته إرضاء أهله بالعمل في وظيفة عادية، لم يتخل عن حلمه «كنت أعرف أن مستقبلي هو تصميم الأزياء».
حصل حمدي على درجة الماجستير في التسويق، كذلك درس فنون التصميم في الأكاديمية الإيطالية لتصميم الأزياء بالقاهرة، ثم سافر إلى إيطاليا لدراسة فن تنسيق الملابس، ويقول «إطلاق علامة أزياء لا يقوم على الموهبة فحسب، كنت أعرف من البداية أن الدراسة هي السبيل لبناء علامة قوية».
ويتابع: «استغرقتني العملية سنوات طويلة، وبعد حضوري أسبوع الموضة في نيويورك عام 2015. وكان ذلك بمحض الصدفة، قررت العودة لمصر وإطلاق علامة تحمل اسم تراث أحمد حمدي بالإنجليزية heritage كما هي مدونة على البدلات».
عشر سنوات قد تكون فترة طويلة، لكن الإعداد الجيد ودراسة السوق مهدا الطريق للنجاح. ساعده أنه وصل إلى نجوم الفن، ويتذكر كيف كانت البداية عندما قابل زوجة المطرب المصري تامر حسني، بسمة بوسيل، وطلبت منه تصميم مجموعة بدلات لتامر ليحضر بها حلقات برنامج (ذا فويس). بعدها وصل صيته إلى نجوم آخرين، خصوصا بعد مشاركته في مهرجان الجونة السينمائي، حيث ظهر بتصاميمه نجوم من أمثال خالد سليم وشريف منير وغيرهما. ظهر شريف منير في المهرجان بسترة بيضاء بتصميم مسائي مع بنطلون أسود. وكانت الوردة الحمراء التي زينت ياقة السترة لافتة فيها. ويعلق أحمد حمدي «شريف منير رغم تقدمه في العمر إلا أن روحه شابة، يذكرني برجال الثلاثينات، وهو ما حاولت التعبير عنه في تفاصيل البدلة».
كلمة تراث التي اختارها أحمد حمدي كانت بمثابة تميمة الحظ التي لم تأت صدفة، فهو يحب كل شيء بنكهة الماضي. ويعود بالذاكرة إلى جلساته المطولة مع جده قائلا «عشت طفولتي قريبا من جدي استمتع إلى رواياته عن مصر في العشرينات والثلاثينات، وكيف كان الرجال يتميزون بالرقي والأناقة». هذه الذكريات شكلت أسلوبه المستلهم من مصر بكل التحولات الاجتماعية التي مرت بها وانعكست على التصاميم والألوان. كونه شابا عصريا يعيش في الألفية بتغيراتها وثوراتها، فإن جميع التفاصيل السابقة أصبحت جزءا منه، مؤكدا أنه منذ البداية اتخذ قرار أن يصمم بدلات تشبه شخصيته. فبينما يستعين أي مصمم جديد بعارضي أزياء لتسويق التصاميم، فإن أحمد حمدي يلعب أيضا دور العارض لتصاميمه. السبب حسب تفسيره أنه من البداية حرص على أن تعكس كل بدلة شخصيتي وبصماتي «وأعتقد أن هذا أمر تحرص عليه دور الأزياء الراقية. فمهما تغير المدير الإبداعي فيها يبقى أسلوب الدار راسخا وواضحا».
أما كيف انعكست شخصية المصمم في تصاميمه، فيقول بأنها في التفاصيل، مثل الياقات المدببة، والصدرية التي عادة ما تأتي بلون مختلف عن السترة، كذلك عدد الأزرار والفتحات وشكل الجيوب. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن لكل هذه التفاصيل وظيفة وليس مجرد إضافات للتزيين.
أما عن تأثير صيحات الموضة على تصاميمه فيقول «بالطبع أتابع ما يُعرض على منصات عروض الأزياء العالمية، وجميع توجهات الموضة تُلهمني وتؤثر علي، لكن بما يتناسب مع الرجل المصري والعربي. أكبر مثال على هذا أن الألوان المضيئة تتصدر الموضة حاليا، كما رأينا بدلات وردية وغيرها، وهي صيحات عصرية لا أرفضها، ولكني أقدمها بشكل يتلاءم مع زبائني، فلا مانع من الاستعانة بمنديل أخضر مضيء، أو لمسة محدودة بظل من الوردي». المهم أن تكون البدلة مفعمة بالأناقة وغير تقليدية سواء تعلق الأمر بالتفاصيل والألوان أو التأثيرات. فمثلا يعمل على طرح مجموعة مستوحاة من عصر الباروك الأمر الذي يعني أنها ستكون غنية لكن مناسبة للرجل العربي الشاب.