«تيك توك» تطبيق متميز للدخول إلى عالم العمل والمتعة

يشجع على عرض الإبداعات والإخفاقات العملية

«تيك توك» تطبيق متميز للدخول إلى عالم العمل والمتعة
TT

«تيك توك» تطبيق متميز للدخول إلى عالم العمل والمتعة

«تيك توك» تطبيق متميز للدخول إلى عالم العمل والمتعة

هل رأيتم يوماً أحداً يقلب قطعة معدنية بواسطة رافعة شوكية؟ يكفي أن تضعوا القطعة على سطح صلب وناعم الملمس... قربوا طرف الرافعة وضعوه على القطعة، حتى نصفها تقريباً واضغطوها قليلاً، وبرفق اجرفوها إلى الخلف. عندها، سينكمش طرف القطعة النقدية، فتنطلق في الهواء وتنقلب مرات عدة، لتهبط مرة أخرى، وربما على الشوكة نفسها. قد يتطلب هذا الأمر بعض التدريب.

- تطبيق فيديو شهير
يواجه الناس اليوم صعوبة في توصيف «تيك توك» TikTok، تطبيق الفيديو الشهير الجديد الذي يستخدمه الكثير من المراهقين، وفيه الكثير من الموسيقى، والكثير من كل شيء، تتحكم به خوارزميات غامضة تجمع المستخدمين من حول منصته الواسعة، لكنها ترضيهم وفقاً للأهداف التي يحددها مبتكروه فقط. لا يبدي «تيك توك» أي ندمٍ على هدر وقتكم، لكنه في الوقت نفسه، يبدو كوسيلة جيدة لإضاعة بعض الوقت في العمل.
يشجع تطبيق «تيك توك» المستخدمين على المشاركة فيه بمقاطع فيديو قصيرة أو أوسمة، أو عبر نشر النكات والتحديات، أو مقطع لغناء منفرد. وبطلباته الغريبة والمتكررة المتعلقة بالمحتوى، أصبح قوة غير متوقعة لعرض ظروف مختلَف أنواع العمل.
وفقاً لمتابعات وسائل الإعلام الأميركية، يرى شون دوغلاس مثلاً، وهو أحد مستخدمي «تيك توك»، أن «هذه المنصة قد تكون أحياناً وسيلة لتحفيف التوتر الذي قد يشعر به الإنسان في أي وظيفة». كما راكم دويناس (21 عاماً) من جزيرة غوام والذي يعيش حالياً في مدينة هيوستن الأميركية، عدداً كبيراً من المتابعين على التطبيق بفضل مقاطع الفيديو الفكاهية، وترديد الأغاني الشهيرة، إلى جانب أنواع الوسم (هاشتاغ) والمراسلات. وينشر هذا المستخدم من وقت إلى آخر منشورات من عمله كفرد في طاقم الضيافة الأرضية في إحدى الخطوط الجوية. وفي إحدى المرات، جذب متابعة المشاهدين بجولة مدتها 15 ثانية في طائرة تجارية فارغة جاهزة للتنظيف واستقبال المسافرين من جديد على أنغام أغنية «سانشاين، لوليبوبس، أند رينبوز». وقال دويناس: «فوجئ الناس كثيراً بحقيقة أنني لست ممثلاً أو منتج أفلام، بل أعمل لصالح إحدى خطوط الطيران».

- وظائف متنوعة
يضم تطبيق «تيك توك» خصائص مألوفة كالملفات الشخصية والمتابعين، لكنه يعتمد أكثر من غيره من المنصات على توصيات خوارزميات مميزة، إضافة إلى الفئات والأوسمة. يسهل هذا الأمر على مستخدمي التطبيق البحث في محتوى هائل من الوظائف التي تُعرض بشكل مختصر من قِبل الأشخاص الذين يمارسونها، فيقودكم وسم scrublife# (حياة التعقيم) مثلاً إلى داخل المستشفيات، و#cheflife (حياة الطاهي) إلى عالم المطابخ، و#forgelife (حياة الحدادة) إلى عالم من الحديد الحار، #farmlife (حياة المزرعة) إلى عالم الحقول.
كما يعرض لكم التطبيق أوسمة لمعظم تجار التجزئة الكبار وسلاسل المطاعم الشهيرة المليئة بشكاوى الموظفين ونكاتهم وملاحظاتهم، إلى جانب رسومات تعبر عن هذه المواضيع، كالزبون المكروه الذي يظهر في اللحظة الأخيرة التي تسبق الإقفال، والكثير من الفيديوهات التي يتم تصويرها خلال فترة الاستراحة، وأخرى تصور في الطريق من وظيفة إلى أخرى. لكن مقاطع كثيرة أخرى تبصر النور في السر، بين زبون وآخر، أو خلال فترة من الركود بحذر تام بعيداً عن أرباب العمل. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأوسمة تنتشر بشكل واسع بين الموظفين كـ#coworkers (زملاء العمل) و#working (في العمل) و#bluecollar (الياقة الزرقاء) و#lovemyjob (أحب وظيفتي).
يشارك الناس عادة الكثير عن وظائفهم على منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة، لكن على «تيك توك» الجديد نسبياً، كثيراً ما يشاهد المستخدمون محتوى من أشخاص لا يعرفونهم.
فالإبداع على هذه المنصة الجديدة منخفض الكلفة، والشهرة لا يمكن التنبؤ بها، والتقييم مضاعف لتشجيع المزيد من الابتكار. كما يشهد مستخدموه حالة من التحفيز الدائم للإبقاء على ملفاتهم مفتوحة للعامة في حال كانوا يرغبون في التقدم.
أبصر تطبيق «تيك توك» النور في وقت أصبحت فيه الأجهزة المحمولة تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وباتت فيها مشاركة أي مادة بواسطة هذه الأجهزة، وفي أي مكان، سلوكاً عادياً جداً.

- بوابة الوظائف
لذا؛ لا عجب أبداً أن «تيك توك» يشكل حتى اليوم على الأقل، بوابة لعدد هائل من الوظائف بالنسبة للأميركيين (وربما يحتاج إلى خطوات قليلة فقط ليصبح بوابة وظائف للصينيين والهنود والروس).
تميل المنصات الاجتماعية إلى بلوغ مستوى احترافي على المدى البعيد. يتيح لكم «إنستغرام» مثلاً العثور افتراضياً على أي خط للعمل، لكن قبلها، عليكم إجراء بعض البحث والحصول على إذن لمتابعة أحدهم.
إن أوضح أشكال العمل على منصات التواصل الاجتماعي هو التأثير، على الرغم من أنه لا يهدف إلى الظهور كعمل على الإطلاق. ويعتبر موقع «يوتيوب» اليوم موقعاً للعمل المربح، حيث إنه يدفع للمبدعين عليه بحسب حجم جمهورهم. يضم موقع «يوتيوب» ثقافات فرعية قائمة توازي بعض الوظائف حجماً، لكنها غالباً ما تكون محصورة بفئة معينة. من هنا، يمكن القول إن الـ«يوتيوبر» (المؤثر على «يوتيوب») الناجح يتحول على المدى البعيد إلى «يوتيوب» قائم بحد ذاته.
وكما في أيام «يوتيوب» و«فاين» الأولى، لا تزال الوسائل المربحة على «تيك توك» قليلة، أي أن الأساليب التي يجب على مستخدميه اعتمادها للنجاح لم تتضح بعد، باستثناء فعل النشر طبعاً. إن النجاح في هذه المنصة لا يعتمد على الطموح فحسب، أو حتى على الأداء وحده. ومع الوقت، ستوضح أولويات «تيك توك» نفسها بنفسها، وسنعرف ما إذا كانت هذه المنصة ستستمر أم لا، أو ما إذا كان المستخدمون سيزدادون إبداعاً أم لا. لكن حتى اليوم، يمكن القول إنهم يملأون هذا الفضاء الجديد بما يرونه أمامهم.


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».