جعجع: لبنان ليس دولة «حزب الله»

تحدث عن «صفقة» بين بعض الأطراف السياسية

TT

جعجع: لبنان ليس دولة «حزب الله»

أكّد رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع، أمس، أن «لا تأثير مباشراً على لبنان من رزمة العقوبات التي سيتعرض لها حزب الله وسوريا وإيران»، نافياً أن يكون لبنان أصبح «دولة حزب الله». وأشار إلى أن «هناك صفقة بين كثير من الأطراف السياسيّة في لبنان».
وأوضح جعجع في حديث عبر قناة «العربية» أن «من استعاد المناطق في سوريا ليس نظام الأسد وإنما القوى الإيرانية بمعاونة الروس. والنظام سيسقط إذا انسحب الإيرانيون وروسيا، وبالتالي لا يمكن الحديث عن دولة موجودة في سوريا».
وعن المطالبة بعودة دمشق إلى جامعة الدول العربيّة، أكّد جعجع أن «لبنان الرسمي لا يطالب بهذا الأمر، وإنما الوزير جبران باسيل بصفته الحزبيّة باعتبار أن الحكومة لها رأي آخر في هذه المسألة». وشدّد على أن «لا مستقبل لحزب الله أو لأي حزب آخر من دون الانتظام ضمن إطار الدستور اللبناني، ووضع حزب الله لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه».
وشدد جعجع على أنه لم يعلن الهدنة مع «حزب الله» وسلاحه، قائلاً إن «عدم القتال بشكل مستمر لا يعني الهدنة التي لا يمكن أن تتم لسبب بسيط، هو إيماني الراسخ أنه بوجود سلاح حزب الله لا يمكن أن تقوم دولة لبنانية فعلية وجمهورية قوية كما نريدها».
وعن الانطباع السائد عن أن لبنان أصبح دولة «حزب الله» وفي الحضن الإيراني، شدد جعجع على أن «هذا الانطباع غير صحيح، وهناك كثير من الوقائع تدل على عكس ذلك، وفيما يتعلق بتعطيل الرئاسة لم يكن الفعل لحزب الله وحده، ولكن حصل ذلك بوجود كتلة كبيرة مثل كتلة التيار الوطني الحر، أي بمعنى أنه لم يكن حزب الله من يعطل، بل التيار الوطني الحر ليتمكن من إيصال مرشحه إلى رئاسة الجمهورية، الأمر الذي يدل على أنه في كثير من الأوقات هناك نوع من تقاطع المصالح بين حزب الله وفرقاء وأحزاب آخرين يؤدي إلى فعلٍ ما يظن البعض أنه فعل حزب الله وحده، إلا أن حقيقة الأمر ليست كذلك. وفي أي موقف يخرج به الآن حزب الله من دون تقاطع مصالح مع فريق آخر نرى أنه لا يستطيع الوصول إليه، ما يدل على أنه وحلفاءه المباشرين أقلية وليسوا أكثرية».
وأشار إلى أن «هناك صفقة بين كثير من الأطراف السياسيّة في لبنان، إلا أننا لسنا فيها. لذلك يدنا حرة في معارضة أي موقف أو تأييد أي موقف ولا يتم توجيه أصابع الاتهام نحونا لسبب بسيط، وهو أنه عندما لا يكون هناك شيء ليس باستطاعة أحد اتهامنا بشيء». ورأى أن «هناك فساداً حقيقياً في قسم كبير من الطبقة السياسية، ووزراء القوات سيقفون في وجه كل الصفقات المفترضة». وأضاف: «لسنا على شفير ثورة اجتماعية أو انهيار اقتصادي بمعنى الانهيار الكبير، لكن من الممكن إذا لم تُتخذ التدابير المطلوبة أن تشهد الحكومة أياماً صعبة جداً».
وعن قضيّة النازحين السوريين في لبنان، أوضح جعجع أنهم «يشكلون مشكلة كبيرة ولا قدرة لنا على تحملها وبشار الأسد لا يريدهم لأسباب استراتيجية وديموغرافية معروفة، فالحل الوحيد هو أن تتواصل الحكومة اللبنانية مع روسيا لإنشاء مناطق آمنة عند الحدود اللبنانيّة - السورية من الجهة السورية».
وفي السياسة الخارجية، أكّد جعجع أن «لبنان يعتمد سياسة النأي بالنفس والدولة كدولة تلتزم بها... لكن بعض الأطراف داخل الدولة كحزب الله مثلاً ومن وقت لآخر وزير الخارجية جبران باسيل لا يلتزمون بها». وعن علاقات لبنان مع دول الخليج، لفت جعجع إلى أن هذه العلاقات «في الوقت الراهن جد طبيعية ولم تسترجع بعد حرارتها السابقة ما بين عامي 1990 و2010. ولكنها عادت طبيعية».
وعلّق على ما يقوله بعض الخبراء عن أن الحرب مع إسرائيل آتية لا محالة، معتبراً أن «الوضع في المنطقة مفتوح على كل الاحتمالات، ولكن ذلك لا يدفعني إلى القول إن الحرب آتية لا محالة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.