تدريب الصم على صناعة الأفلام للتعبير عن واقعهم

مبادرة شبابية في مصر حقّقت أحلامهم

خلال تصوير أحد الأفلام خلال الورشة
خلال تصوير أحد الأفلام خلال الورشة
TT

تدريب الصم على صناعة الأفلام للتعبير عن واقعهم

خلال تصوير أحد الأفلام خلال الورشة
خلال تصوير أحد الأفلام خلال الورشة

في مبادرة تستهدف إدماج الصُّم في صناعة السينما، أطلق شبان مصريون مبادرة «ديف فيلم لاب» لتشجيع ومساعدة وإتاحة فرص للشباب الصُم لتعلم صناعة السينما، وذلك من خلال اكتشاف القدرات والطّاقات الإبداعية لديهم، وتمكينهم من استخدام السينما كلغة للتّواصل بينهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه وبينهم وبين العالم، كأداة للمعرفة ووسيلة للتّعبير عن أفكارهم وأحلامهم.
تعتبر «ديف فيلم لاب» من أحدث المبادرات السينمائية لمشروع «سينما في كل مكان»، وهي مبادرة غير ربحية تأسست عام2018 في مصر، وتقوم بالتواصل مع الشباب من الصّم وتعريفهم بصناعة السينما وتدريبهم عليها بأسلوب منهجي ومتطور واحترافي، مما يمكنهم من دخول مجال صناعة السينما كمحترفين، وتقوم أيضا بعد انتهاء مرحلة التدريب بإنتاج أفلام لهم يكون المتدربون الصمّ هم صناعها بشكل كامل، وتهدف لتوزيع أفلامهم وتنظيم عروض لها.
يقول وجيه اللقاني، مؤسس ومدير مبادرة «ديف فيلم لاب» لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الفكرة عبر النجاح الذي حققه مختبر الصم للفنون البصرية والرقمية، وهو أيضاً أحد مشروعات (سينما في كل مكان)، عبر عقده ورشة للتدريب الفوتوغرافي للصم عام2018 في مدينة الإسكندرية، واكتشفنا وقتها مدى إقبال الشباب من الصم على تعلم التصوير الفوتوغرافي، وما نتج عن الورشة من معرض فني لافت، فهذا ما شجّعنا على تأسيس (ديف فيلم لاب)، ولكن ليكون مخصصاً في صناعة السينما».
ويضيف اللقاني: «هدفنا أن يشارك الصم في صناعة السينما لأول مرة في مصر والمنطقة العربية عبر ورش متخصصة لصناعة الأفلام بشكل كامل، من وضع الفكرة، وإعداد السيناريو، والإخراج، والتصوير السينمائي، وصولاً إلى مرحلة مونتاج الأفلام، ولقد استطاع المتدربون في نهاية الورشة التي انتهينا منها، صناعة ثلاثة أفلام قصيرة تتراوح مدتها ما بين 3 دقائق و7 دقائق بشكل كامل».
يضيف اللقاني أنّ الأفلام الثلاثة القصيرة التي أُنتجت تخص قضاياها عالم الصمّ بشكل مباشر، الفيلم الأول بعنوان «اللعبة» وهو فيلم عن لعبة من ألعاب الصم ومدته 3 دقائق ونصف، والثاني بعنوان «مش فاهم» عن معاناة أحد شباب الصمّ كونه شخصا أُمّيا لا يجيد القراءة أو كتابة اللغة العربية، مما يجعله لا يستطيع التواصل مع المجتمع، فهو لا يتكلّم ولا يسمع ولا يقرأ ولا يكتب، ومدته 4 دقائق ونصف.
بينما يحمل الفيلم الثالث اسم «صدفة» ويدور حول لقاء مجموعة من الصُّم مع أحد شباب الصُّم بالصدفة، الذي لم يتعلّم لغة الإشارة بعد، ويدعونه للانضمام لعالم الصُّم وتعلم لغة الإشارة، ومدة الفيلم 7 دقائق.
مثّل في تلك الأفلام شباب وفتيات من الصم، بالإضافة إلى مُترجمي لغة الإشارة الذين كانوا يترجمون محتوى الورشة، وهؤلاء المترجمون من أبناء الصم كذلك.
في السياق نفسه، رصد اللقاني إقبالاً كبيراً من الصمّ على حضور الورشة التي أنتجت في نهايتها تلك الأفلام ويقول «استمر المشاركون من الصم، وعددهم 14 مشتركاً، لمدة 24 يوماً متواصلة هي مدة الورشة، يحضرون في المواعيد، ومدة اللقاء الواحد يمتد بها إلى 6 ساعات كحد أدنى، وفي بعض الأيام كان اللقاء مع المُدرب يستمر حتى 8 أو 9 ساعات، وكانوا يبدون حماستهم دائماً. كما أعربوا عن رغبتهم في الالتحاق بورش أخرى أكثر تخصصاً في السينما في الفترات المقبلة، وأن تتيح الورش تدريب شباب آخرين من الصُّم».
ويعد الهدف الأكبر الذي تسعى إليه المبادرة في المستقبل القريب، هو دمج الصُّم للعمل في سوق صناعة السينما في مصر والمنطقة العربية باعتبارهم صناع سينما محترفين.
ويوضح اللقاني: «هدفنا الأول بعد الانتهاء من تلك الأفلام أن نترجمها بنصوص مكتوبة مصاحبة للأفلام بالعربية والإنجليزية، لتشارك في مهرجانات دولية في مصر والعالم، وذلك لعدة أسباب أولها إلقاء الضوء على تلك التجربة إقليمياً ودُولياً وتشجيع الشّباب صُنّاع الأفلام من الصُّم على مواصلة الطريق، ذلك سيحفزهم كثيراً، وكذلك للتّعرف على آراء المتخصصين مما يُثري المبادرة ويطورها، ويسمح لها بالانتقال إلى محيطنا العربي».
في السياق نفسه، يعبر إسلام أحمد، 19 سنة، وهو شاب أصم من الذين شاركوا في ورش الأفلام عن رأيه في المبادرة: «تعلمت في الورشة الإخراج والسيناريو، كما تعلمت الكثير عن التصوير والمونتاج، واستطيع الآن تصوير أفلام وحدي»، وأوضح: «شاركت في فيلم عن ألعاب الصُّم، واستخدمت الكاميرا الاحترافية لأول مرة في حياتي، كنت سعيدا جداً عندما شاهدت الفيلم في المونتاج، وأتمنى أن تكون هناك ورش سينما أخرى، وأن يعرف الناس أنّ الصُّم يستطيعون تقديم أفلام».
وقالت فاطمة بلال (17 سنة): «عرفت عن الورشة عن طريق جمعية للصُّم، في البداية كنت أجد صعوبة في فهم الكثير، من ثمّ بدأت أفهم وأحب السينما، تعلّمت في مختلف الفروع وتخصصت في الإخراج، وأخرجت فيلما عن لعبة جميلة ومبهجة، كل الصم يلعبونها ويحبونها وفكرت في إنتاج فيلم عنها، لأنّه عندما يرانا غير الصم نلعبها لا يفهمونها فأحببت من خلال ما تعلمته في الورشة أن يعرفوا أنّنا نحب اللعب ولسنا معاقين، لذلك أتمنّى أن أصبح مخرجة وأن أعلم الصم السينما».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.