20 ألف إصابة بـ{إيبولا}.. ومنظمة الصحة تأمل في وقف انتشاره

بدء تجارب أميركية على لقاح خلال أسابيع

بروس ايلورد مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر صحافي في جنيف يعلن فيه عن خارطة طريق لمكافحة وباء إيبولا (إ.ب.أ)
بروس ايلورد مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر صحافي في جنيف يعلن فيه عن خارطة طريق لمكافحة وباء إيبولا (إ.ب.أ)
TT

20 ألف إصابة بـ{إيبولا}.. ومنظمة الصحة تأمل في وقف انتشاره

بروس ايلورد مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر صحافي في جنيف يعلن فيه عن خارطة طريق لمكافحة وباء إيبولا (إ.ب.أ)
بروس ايلورد مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر صحافي في جنيف يعلن فيه عن خارطة طريق لمكافحة وباء إيبولا (إ.ب.أ)

تتوقع منظمة الصحة العالمية أن يتخطى عدد المصابين بإيبولا العشرين ألف شخص لكنها تأمل في وقف تقدم انتشار الفيروس خلال ثلاثة أشهر. وقالت المنظمة إن «العدد الإجمالي للمصابين بالحمى النزفية يمكن أن يتجاوز العشرين ألفا» في هذا الوباء. وأحصت المنظمة 3069 مصابا بالوباء توفي منهم 1552 في أربعة من بلدان غرب أفريقيا، مؤكدة أن هدفها الرئيس هو «الحد من زيادة الإصابات والمناطق الموبوءة خلال ثلاثة أشهر ومنع انتقال المرض إلى العواصم والمدن الساحلية الكبرى ووقف كل عدوى في المكان خلال ستة إلى تسعة أشهر».
إلا أن وزارة الصحة النيجيرية أعلنت عن حالة وفاة جراء الإيبولا في دلتا النيجر الغنية بالنفط، وهي أول حالة مؤكدة خارج العاصمة التجارية لاغوس. وقال وزير الصحة أونيبوشي تشوكو لوكالة الأنباء الألمانية إن طبيبا توفي جراء الفيروس في بورت هاركورت، عاصمة ولاية ريفرز بجنوب البلاد، في 22 أغسطس (آب) الحالي. وأضاف الوزير: «عقب إبلاغ أرملة الطبيب عن الوفاة اليوم التالي، جرى التحقيق بشكل كامل في الحالة وأوضح التحليل المعملي أن الطبيب توفي جراء الإيبولا».
ويوجد في مقاطعة لوفا كاونتي الليبيرية التي تحد غينيا معدل إصابة مرتفع، كما هو الحال في بلدتي كينيما وكايلاهون في سيراليون. ويتسبب مرض الإيبولا في نزيف حاد وينتقل عبر الاتصال بالدم وغيرها من سوائل الجسم.
الحصيلة الأخيرة الصادرة عن المنظمة الدولية في 26 أغسطس (آب) نشرت الخميس في جنيف، والحصيلة السابقة لهذا الوباء الذي يواصل تفشيه بـ«طريقة متسارعة»، تحدثت عن 2615 إصابة منها 1427 وفاة في 20 أغسطس. وأضافت المنظمة أن «أكثر من أربعين في المائة من مجموع الإصابات» سجلت في الـ21 يوما الماضية وتركزت في بعض البلدات. أما نسبة الوفيات فتبلغ في المعدل 52 في المائة وتتراوح بين 42 في المائة في سيراليون و66 في المائة في غينيا. وقالت المنظمة أن وباء «منفصلا» لإيبولا غير مرتبط بانتشار المرض في غرب أفريقيا، سجل في 24 أغسطس في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولم ترد الأرقام المتعلقة بالكونغو الديمقراطية في الحصيلة الجديدة لمنظمة الصحة العالمية. وفي غينيا حيث بدأ الوباء مطلع 2014، سجلت 648 إصابة منها 430 وفاة. أما في ليبيريا فسجلت 1378 إصابة منها 694 وفاة. وبلغ عدد المصابين في سيراليون 1026 توفي منهم 422. وفي نيجيريا أصيب 17 شخصا بالمرض توفي منها ستة أشخاص. ووفقا لتقديرات المنظمة ستتجاوز تكاليف مكافحة هذا الوباء خلال الستة أشهر المقبلة 370 مليون يورو.
وقالت مصادر إن مسؤولين في مجال الصحة بالولايات المتحدة بدء تجارب بشرية على لقاح مضاد لفيروس الإيبولا أنتجته شركة جلاكسوسميثكلاين خلال أسبوعين وليس في وقت لاحق من هذا العام كما قدرت الشركة في بادئ الأمر.
وأبلغ شخص على دراية بالخطة رويترز بأن المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع لمعاهد الصحة الوطنية الأميركية سيعلن عن التجارب في مؤتمر صحافي. وقال إن لجنة تضم مسؤولين بارزين من معاهد الصحة الوطنية الأميركية ووزارة الدفاع أجازت الأسبوع الماضي الخطوة الأولى نحو استخدام ثلاثة مختبرات متقدمة لتصنيع لقاحات الإيبولا.
وأنشأت وزارة الصحة الأميركية المختبرات الثلاثة وتقع في تكساس وماريلاند ونورث كارولاينا عام 2012 بالشراكة مع القطاع الخاص للاستجابة للأوبئة والتهديدات الكيميائية أو البيولوجية أو الإشعاعية أو النووية.
وستحدد دراسة جدوى أي من المختبرات الثلاثة وتسمى مراكز الابتكار للتطوير والتصنيع المتقدم لديه القدرات اللازمة لإنتاج لقاحات الإيبولا ومنها مزيج من الأجسام المضادة مثل العلاج التجريبي زي - ماب الذي استخدم في علاج حالات قليلة. وسيشارك في التجارب متطوعون في مجال الصحة بالولايات المتحدة بهدف تحديد ما إذا كان اللقاح آمنا ويثير استجابة مناعية وقائية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».