حركات آيزاك هيرنانديز السحرية تعود إلى لندن

الفرقة الوطنية الإنجليزية للباليه تستعد لـ«سندريلا»

آيزاك هيرنانديز نجم البالية الإنجليزي في أحد عروض الدار
آيزاك هيرنانديز نجم البالية الإنجليزي في أحد عروض الدار
TT

حركات آيزاك هيرنانديز السحرية تعود إلى لندن

آيزاك هيرنانديز نجم البالية الإنجليزي في أحد عروض الدار
آيزاك هيرنانديز نجم البالية الإنجليزي في أحد عروض الدار

يعتبر آيزاك هيرنانديز أحد أكثر الممارسين الموهوبين براعة في الرقص الكلاسيكي في عصرنا الحديث. فقد نقلته حركاته المثالية الأنيقة إلى أكبر معاهد الباليه في العالم في باريس وموسكو وروما وبوينس آيرس، واليوم بات نجماً رئيسيا لفرقة الباليه الوطني الإنجليزي في لندن.
في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» خلال إحدى فترات الاستراحة من التمرين الذي يجرى 6 أيام في الأسبوع، استعداداً لعرضه الجديد «سندريلا» المقرر أن يبدأ في 2 يونيو (حزيران) المقبل، ليبهر به الجمهور في لندن، قال آيزاك: «هناك 100 راقص على خشبة المسرح وتقنيات بصرية جديدة تستخدم لأول مرة. قدمت نسخة من هذا العرض في مركز الباليه الوطني الهولندي، لكن الشيء المثير هو القيام بذلك على خشبة المسرح أمام 5 آلاف شخص. سيكون ذلك أمراً مثيراً خصوصاً أن الأعداد والتنسيق له جاء فريداً من نوعه».
آيزاك لا يكل ولا يمل ويبدو شاباً لم يتجاوز الـ28 من عمره. فهو يعمل بالشغف نفسه منذ أن كان عمره 8 سنوات. ويتدرب غالبية أيام الأسبوع ولا يزال أمامه وقت للعمل والابتكار حتى يحتل الباليه في بلده الأم، المكسيك، المكانة التي يستحقها ولا يعتبره الناس مجرد هواية أو فناً «مقتصراً على الفتيات». وبهذا المعنى يقول نجم الباليه المكسيكي الأصل: «أحاول أن أجعل الناس في المكسيك لا يخشون تكريس وقتهم لأشياء يحبونها وتجعلهم سعداء».
يمشي نجم الباليه الوطني الإنجليزي بخطى مثالية، لكنه يقول إن ذلك يحدث عن «غير قصد»، فجسده تشكل لأداء الباليه الذي يتقنه، وليس من باب المفاجأة أنه قضى معظم فترات حياته في الرقص.
نشأ آيزاك وترعرع في منزل متواضع وسط 10 أشقاء يجمعهم إحساس الحب، وكان مثالاً للمثابرة، وللقدرة على تحقيق الأحلام. كان من الواضح أن موهبته جاءت من حمضه النووي. فجده عمل في بناء المسارح وكان حلم والده أن يصبح راقصاً، وكان الرقص أول ما علمه لأطفاله، بمن فيهم آيزاك، بعد أن تعلمه في نيويورك لينقل إليهم حب الفن.
استطرد آيزاك: «بدأت في فناء منزلي، حيث كانت أمي تجفف الملابس المبللة في الشمس، وأتذكر أنني كنت أنقل الملابس بعيداً عن النوافذ لكي أستخدم زجاجها مرآة، وكان والدي يدير شريط الكاسيت لمدة 3 أو 4 ساعات لسماع الموسيقى أثناء حصص الرقص منذ 20 عاماً».
كطفل صغير، مارس آيزاك أيضاً رياضة الكاراتيه التي كانت أكثر جاذبية له، ولهذا السبب كانت قفزاته مثالية، وفي سن التاسعة فاز في أول مسابقة شارك فيها.
وأضاف آيزاك: «لم نكن نعرف شيئاً عما يحدث في عالم الباليه من حولنا. لم يكن هناك إنترنت ولم يكن هناك (يوتيوب). وعندما أدركت المنافسة، كان من النادر بالنسبة لفتى لم يتعدى 11 عاماً أن يقوم بحركات الدوران التي تستغرق في المدارس التقليدية ما بين 8 و10 سنوات للوصول إلى هذا المستوى التقني. لقد جعلناها عادية جداً كأنها لعبة».
ولأنه يعتبر عائلته شيئاً أساسياً في حياته، فقد قدم عروضاً دولية للباليه حملت عنوان «دسبيرتارس»، وتعني الصحوة، في وطنه المكسيك مصحوبة بورش عمل وأنشطة ثقافية. ولديه أيضاً مدرستان للباليه في مناطق العنف هناك التي أصبحت بديلاً للشباب عن الوجود في تلك المناطق المعرضة للخطر، وسيفتتح قريباً مدرستين أخريين.
قال آيزاك: «أريد تغيير الطريقة التي يرى بها المجتمع فن الباليه. كيف يمكنك تغيير هذه الفكرة؟ يجب أن يكون لديك مثال بالغ العمق لشيء مختلف. نحاول الاستفادة من هذا الفن كما فعل شقيقي استيبان حتى يتمكن الناس من رؤيته الباليه باعتباره أسلوب حياة لأطفالهم ووسيلة تستحق العيش من أجلها». عندما يتحدث آيزاك عن المكسيك تتغير تعابيره ويبدو بالغ الحماسة لتقديم خيارات للأطفال ليغير بها مسار حياتهم.
حصل آيزاك على جوائز كبيرة في الرقص الكلاسيكي كان آخرها عام 2018 في سباق الجائزة الكبرى «Prix Benois de la Danse» التي تعادل الأوسكار في السينما. وربما كانت واحدة من أكثر اللحظات الخاصة التي عاشها خلال مسيرته الطويلة والمثيرة للإعجاب تلك اللحظة التي عاشها عام 2015 في المكسيك عندما شارك شقيقه الأصغر استيبان وهو راقص رئيسي في فرقة سان فرنسيسكو للباليه، في الرقص على مسرح واحد.
وصف آيزاك تلك للحظات بقوله: «لقد عدنا إلى وطننا وقدمنا عرضاً من قطعة خاصة قديمة جداً بعنوان (My Way by Frank Sinatra). قام مصمم الرقصات بتصميمها بوصفه صديقاً حميماً. بدأنا الرقص وانتاب الجمهور حالة جنون عندما رأونا معاً على خشبة المسرح، حينها شعرت بعاطفة مختلفة بعدما استدرت لأرى شقيقي استيبان على الجانب الآخر من المسرح انتابتني حالة بكاء. إنه شخص أمين للغاية وكان بإمكانك رؤية الابتسامة على وجوه الجمهور، وأدركت أننا أمام 10 آلاف شخص. كان من بين الحضور والدي، وإخواني الذين لم أرهم منذ 13 عاماً، وبدأت في البكاء بلا توقف».
قريباً سيظهر آيزاك هيرنانديز لأول مرة ممثلاً في فيلم «El Rey de Todo el Mundo» (ملك العالم كله) في فيلم للمخرج الإسباني كارلوس مورا، وسيعرض الفيلم في مهرجان «كان» السينمائي، حيث يقدو آيزاك دور راقص باليه، لكن بشخصية مختلفة تماماً عن شخصيته.
اختتم آيزاك بقوله: «بالتأكيد عندما نسرد قصة، خصوصاً تلك القصص الدرامية مثل روميو وجولييت، لا بد أن يكون هناك كثير من الحركات التي نستطيع أن نؤديها على خشبة المسرح». في نهاية المقابلة، وعندما حان وقت عودته إلى بروفات عرض مسرحية الجديدة «سندريلا»، سألته إن كان يجيد الرقص على الموسيقى اللاتينية، أم لا، فأخبرني أنه قد تعلم مع شقيقته تلك الإيقاعات عندما كانا في المكسيك، وهو ما سيراه الجمهور في الفيلم عندما يرقص على الإيقاعات اللاتينية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».