خفض موازنة الجيش اللبناني يصطدم برفض قيادته ووزارة الدفاع

مصدر عسكري لـ «الشرق الأوسط»: المؤسسة تتولّى أعباء تفوق طاقتها

قائد الجيش العماد جوزيف عون وعدد من الضباط (غيتي)
قائد الجيش العماد جوزيف عون وعدد من الضباط (غيتي)
TT

خفض موازنة الجيش اللبناني يصطدم برفض قيادته ووزارة الدفاع

قائد الجيش العماد جوزيف عون وعدد من الضباط (غيتي)
قائد الجيش العماد جوزيف عون وعدد من الضباط (غيتي)

تصطدم خطة الحكومة اللبنانية الهادفة إلى خفض عجز الموازنة وعصر النفقات، بالكثير من الحواجز، ومردّ ذلك إلى أن كلّ أبواب الإصلاح تمرّ بقنوات اقتطاع نسبة من رواتب موظفي المؤسسات الحكومية ومنها الأسلاك العسكرية والأمنية، لتصبح موازنة الجيش اللبناني جزءاً من هذا الخلاف، باعتبار أن أي تفكير بخفض رواتب الضباط والعناصر ينعكس سلباً على المؤسسة العسكرية التي تتولّى مهمات صعبة، سواء بانتشار ألويتها على الحدود الجنوبية، أو الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا لمنع تسلل عناصر إرهابية، أو الانتشار في الداخل لحفظ الأمن والاستقرار، وهذا ما يرفضه وزير الدفاع إلياس أبو صعب.
وتعدّ موازنة الجيش رقماً مهماً في الموازنة، حيث كشف الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، أن «موازنة الجيش كبيرة جداً، وهي تبلغ ملياري دولار سنوياً». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا المبلغ يوزّع بين رواتب وأجور الضباط والجنود وكلفة الطبابة والمحروقات والمصاريف الأخرى». واعتبر أن «هذه الكلفة كبيرة على الموازنة، بسبب عدد الجيش الذي يبلغ نحو 60 ألفاً بين ضابط ورتيب وجندي، وهذا رقم كبير قياساً في بلد صغير بحجم لبنان». وأشار شمس الدين إلى أن «الحلّ الوحيد يكون بتخفيض عدد الجيش، وبذلك تنخفض نسبة الرواتب والتقديمات الطبية والاجتماعية وتعويضات نهاية الخدمات والتقاعد التي تعدّ أكلافها باهظة جداً».
وتستهدف خطة خفض موازنة الجيش بشكل أساسي، إلغاء (التدبير رقم 3) الذي لا يزال معتمداً منذ الحرب الأهلية، والذي يحتسب سنة الخدمة الفعلية ثلاث سنوات، للضباط والعسكريين عند إحالتهم على التقاعد، ما يرفع نسبة تعويض نهاية الخدمة بشكل كبير، أو إبقاء هذا الامتياز فقط للألوية المنتشرة على الحدود.
وتثير هذه السياسة استياء المؤسسة العسكرية على نطاق واسع، واعتبر مصدر عسكري أن الجيش «يتحمّل أعباء تفوق طاقته، وبالتالي فإن ما يتقاضاه أقل بكثير مما يستحقه». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعويضات ومعاشات التقاعد التي يقبضها الضابط والجنود بعد إحالتهم على التقاعد هي محسومة مسبقاً من رواتبهم، بمعنى أن العسكري هو من يموّل معاشه التقاعدي وليست الخزينة».
وكشف المصدر العسكري أنه «منذ أن تسلّم العماد جوزيف عون منصب قائد الجيش، اعتمد سياسة تقشّفية، عبر تقليص مهمّات السفر والدورات الخارجية للضباط، والاستغناء عن أمور مكلفة»، مشيراً إلى أنه «في نهاية العام 2018. بقي مبلغ فائض من موازنة الجيش أعيد إلى خزينة الدولة». مبدياً أسفه لأن «بعض المسؤولين يصورون أن الأزمة المالية سببها رواتب الجيش وتعويضاته، في حين أن العجز يكمن في أبواب الهدر المتعددة، ولو جرى سدّها لكانت الخزينة حققت وفراً مالياً».
ووفق أرقام «الشركة الدولية للمعلومات» فإن تعويضات نهاية الخدمة ورواتب التقاعد، لا تقتطع من موازنة وزارة الدفاع السنوية، بل من حساب خاص في وزارة المال، يدرج في الموازنة تحت عنوان «بند رواتب وتعويضات ومخصصات متقاعدي الجيش والأسلاك الأمنية والموظفين المدنيين».
ورغم الاستياء الذي يعمّ مؤسسة الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، كما كلّ موظفي القطاع العام، يؤكد المصدر العسكري أن «كلّ شيء مفتوح للنقاش، وقيادة الجيش مستعدة لبحث كل الطروحات، لكن الأمور المتعلقة بالمهمات العسكرية فإن الجيش هو من يحددها». وقال «الحكومة هي التي كلّفت الجيش بالانتشار على الأرض، ومسؤولية حفظ الأمن الداخلي لا تقلّ أهمية عن مهمة الانتشار على الحدود، وإذا وجدت السلطة السياسية أنه لا حاجة لهذه المهمة يمكنها أن تطلب من الجيش أن يعود إلى ثكناته وتتولى الأجهزة الأمنية الأخرى هذه المسؤولية».
وكان وزير الدفاع إلياس أبو صعب، أعلن في تصريح له أن «كل ما يتم تداوله عن اتفاق مع الجيش بشأن أي تخفيضات تطال رواتب العسكريين أو حول إلغاء (التدبير رقم 3) هو كلام عار عن الصحة، وأي موازنة لا تناقش مع وزير الدفاع لا يكون الجيش معنياً بها».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.