لقاءات ثنائية بين «الضامنين» تسبق اجتماع آستانة

أول مشاركة للمبعوث الدولي منذ تسلمه منصبه... ووفد المعارضة السورية برئاسة طعمة

الوفد الروسي برئاسة المبعوث الرئاسي ألكسندر لافرينيتيف في آستانة أمس (سانا)
الوفد الروسي برئاسة المبعوث الرئاسي ألكسندر لافرينيتيف في آستانة أمس (سانا)
TT

لقاءات ثنائية بين «الضامنين» تسبق اجتماع آستانة

الوفد الروسي برئاسة المبعوث الرئاسي ألكسندر لافرينيتيف في آستانة أمس (سانا)
الوفد الروسي برئاسة المبعوث الرئاسي ألكسندر لافرينيتيف في آستانة أمس (سانا)

استهلت روسيا وتركيا وإيران جولة النقاشات في إطار «مسار آستانة» التي انطلقت أمس، في عاصمة كازاخستان نور سلطان، بعقد لقاءات ثنائية، تلاها لقاء ثلاثي، هدفت إلى ترتيب أولويات المشتركة للأطراف الثلاثة الضامنة وقف النار في سوريا قبل الانتقال إلى جلسة الافتتاح الرسمية بمشاركة الوفود الحاضرة.
وعقد الوفدان الروسي الذي ترأسه مبعوث الرئيس إلى سوريا الكسندر لافرنتييف والإيراني برئاسة علي أصغر خاجي جلسة محادثات مغلقة، قال لافرنتييف في بدايتها بأن لدى الطرفين «مجموعة كبيرة من الملفات المطروحة للبحث قبل الانتقال إلى عقد جلسات ثلاثية بحضور الوفد التركي».
وعكست كلمات لافرنتييف حرصا لدى الجانبين الروسي والإيراني على تنسيق المواقف قبل إطلاق الحوارات العامة، على خلفية تراكم عدد من الملفات بعضها خلافي يتعلق بأولويات التحرك المطلوب في سوريا خلال المرحلة المقبلة.
وفي وقت لاحق، عقد الوفد الروسي جلسة مماثلة مع الجانب التركي الذي رأس وفده نائب وزير الخارجية سيدات اونال قبل أن يعقد ضامنو «مسار آستانة» أول لقاء مشترك مناقشة جدول أعمال الجولة من المباحثات.
وهذه الجولة الأولى التي يشارك فيها المبعوث الدولي الجديد إلى سوريا غير بيدرسون، يرافقه وفد الأمم المتحدة، وممثلو المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. في حين مثلت المعارضة بوفد ضم 14 شخصية غالبيتهم من ممثلي الفصائل المسلحة المقربة من تركيا، ورأس الوفد أحمد طعمة. بينما لم يطرأ تغيير على تشكيلة وفد الحكومة السورية الذي ترأسه كما في الجولات السابقة السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.
وعقدت في فندق ريتز كارلتون، سلسلة اجتماعات ثنائية وثلاثية مغلقة، إذ أجرى بيدرسون بدوره محادثات منفصلة مع الوفود الحاضرة وبينها وفد يمثل الأردن بصفة مراقب.
ولم تكشف الأوساط الروسية تفاصيل عن فحوى اللقاءات المغلقة ما دفع إلى ترجيح أن تكون الأطراف الضامنة اتفقت على تضمين النتائج في وثيقة ختامية ينتظر أن يتم الإعلان عنها اليوم، في جلسة عامة ختامية. لكن المصادر الروسية أكدت أن على رأس جدول أعمال المباحثات تشكيل لجنة دستورية سورية ومناقشة ملف الوضع في إدلب، فضلا عن عقد جلسة خاصة تحضرها الأمم المتحدة والطرفان السوريان لدفع ملف الأسرى والسجناء.
في الأثناء، أجرى وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو جلسة مناقشات في موسكو مع نظيره الإيراني أمير حاتمي على هامش أعمال مؤتمر الأمن الدولي الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية. واستهل شويغو الحوار بتأكيد أن «التعاون الروسي - الإيراني في المجال العسكري بلغ مستوى عاليا»، مشيرا إلى أهمية هذا التعاون في تهدئة الوضع بسوريا.
وقال شويغو بأن التعاون بين موسكو وطهران على صعيد مكافحة الإرهاب الدولي يتعزز بشكل وثيق، مضيفا أن «العمل الجاري ضمن صيغة آستانة يلعب دورا مهما في ترسيخ نظام وقف الأعمال القتالية وإعادة الوضع في سوريا إلى طبيعته».
على صعيد آخر، أعلن رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في روسيا، الفريق أول ميخائيل ميزنتسيف، في كلمة أمام المؤتمر أن «الأنشطة المشتركة بين روسيا وسوريا سمحت لأكثر من 1.7 مليون مواطن سوري بالعودة إلى ديارهم».
وقال ميزنتسيف، بأن بين العائدين أكثر من 1.29 مليون نازح وأكثر من 429 ألف لاجئ من أراضي الدول الأجنبية، مشيرا إلى أنه «يجري التدفق الرئيسي للعائدين إلى البلاد عبر الحدود مع الأردن ولبنان. ويعتبر معبر نصيب الحدودي الأكثر نشاطا، وعاد من خلاله أكثر من 129 ألف شخص بالفعل من الأراضي الأردنية منذ إطلاق مبادرة إعادة اللاجئين».
إلى ذلك، أعلنت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، أورسولا مولر أن الأمم المتحدة تعول على جهود روسيا وتركيا في سوريا لاحتواء التصعيد العسكري.
وقالت مولر، في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي «نعول أن تحتوي جميع الأطراف، وخاصة تركيا وروسيا، كضامنين لاتفاقية وقف التصعيد، باحتواء التصعيد الحالي والإصرار على التنفيذ الكامل لمذكرة 17 سبتمبر (أيلول) الماضي». في إشارة إلى الاتفاق الروسي التركي على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب.
وأبلغت مولر المجلس أن: «الهياكل المدنية وخاصة المدارس والمستشفيات، ما زالت تتعرض للهجوم».
وأشارت إلى أنه: «الأكثر أهمية من أي وقت مضى، هو أن تلتزم جميع الأطراف بالقانون الإنساني الدولي وأن تتخذ جميع الاحتياطات الممكنة لتفادي وتقليل الأضرار التي تلحق بالسكان المدنيين».
وجددت مولر التأكيد على معارضة الأمم المتحدة أي عمل عسكري في إدلب، وزادت: «كما ذكر الأمين العام مرارا، فإن أي هجوم عسكري واسع النطاق على إدلب لن يكون مقبولا على حساب أرواح البشر ومعاناتهم».
وفي وقت سابق، كان نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف، شدد على أن «الجانب الروسي سيواصل تعاونه بنشاط مع أنقرة لحل مشكلة إدلب». في حين أعلن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف، أنه «لن تكون هناك في سوريا عمليات عسكرية واسعة النطاق» وأوضح أمام مؤتمر موسكو الدولي للأمن، أن الجهد يتجه حاليا لتعزيز مسار التسوية السياسية. لكنه اتهم واشنطن في المقابل بالتسبب بوقوع مزيد من الضحايا بين المدنيين، وقال بأن الغارات التي شنها التحالف الغربي أدت إلى مقتل 3000 شخص على الأقل في سوريا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.