«داعش» تجد موطئ قدم لها في شرق الكونغو

أموال نقلت عبر وسيط كيني لدعم المسلحين في الدولة الأفريقية

جنود حفظ السلام التابعون للأمم المتحدة من تنزانيا يبحثون عن متمردي القوات الديمقراطية المتحالفة في الكونغو العام الماضي (غيتي)
جنود حفظ السلام التابعون للأمم المتحدة من تنزانيا يبحثون عن متمردي القوات الديمقراطية المتحالفة في الكونغو العام الماضي (غيتي)
TT

«داعش» تجد موطئ قدم لها في شرق الكونغو

جنود حفظ السلام التابعون للأمم المتحدة من تنزانيا يبحثون عن متمردي القوات الديمقراطية المتحالفة في الكونغو العام الماضي (غيتي)
جنود حفظ السلام التابعون للأمم المتحدة من تنزانيا يبحثون عن متمردي القوات الديمقراطية المتحالفة في الكونغو العام الماضي (غيتي)

عثرت القوات الكونغولية منذ أكثر من عام على كتاب باللغة العربية فوق جثة أحد المقاتلين، ذلك الكتاب صادر عن «إدارة الأبحاث والدراسات» التابع لتنظيم «داعش» الإرهابي قبل أن يتفكك التنظيم في سوريا والعراق. كان الهدف من إنشاء هذه الإدارة الدفاع عن عقيدة التنظيم الوحشية والترويج لها عالمياً. وكان الكشف عن هذا الكتاب في ربيع عام 2018 بمثابة دليل يضاف إلى غيره من البراهين على أن تنظيم «داعش» الإرهابي سعى للوجود في غابات شرق الكونغو البعيدة عن نفوذ الدولة.
الخميس الماضي، أعلنت وكالة أنباء تتبع تنظيم «داعش» عن شن أول هجوم لها في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقالت إن مقاتليها هاجموا ثكنات عسكرية بمنطقة «بيني» وقتلوا ثمانية جنود.
جرى الاعتداء بمنطقة لطالما شهدت أحداث عنف لوقوعها خارج نطاق سيطرة الحكومة الكونغولية نظرها لتضاريسها الجغرافية، مما أوجد بيئة خصبة لوجود مقاتلي «داعش». وفي حال نجح التنظيم في رفع علمه بتلك المنطقة، فإنه لن يكتفي ببسط نفوذه في جزء جديد من القارة، بل سيتمدد بعيداً عن قبضة القوات الدولية.
وكشف مسؤولون كونغوليون أن اعتداءً وقع قبل ذلك بأيام استهدف قوة أقل حجماً نفذته عناصر تابعة لـ«تحالف القوات الديمقراطية» المتمردة - ظهرت أولاً في أوغندا القريبة - المتهمة بقتل المئات خلال الثلاث سنوات الماضية.
ورغم أن «تحالف القوات الديمقراطية» ظهر في المنطقة كجماعة متمردة منذ نحو عشر سنوات، فإن الوثائق التي تحصلت عليها «مجموعة الكونغو البحثية» - مؤسسة غير ربحية يديرها باحث بارز - كشفت أن المسلحين لا يعتنقون عقيدة الجهاد المسلح فحسب، بل يتلقون دعماً مادياً من تنظيم «داعش» الإرهابي.
وأفاد لارين بول، مؤسس مشارك بـ«مجموعة الكونغو البحثية»، بأن المقابلات التي جرت مع منشقين عن «تحالف القوات الديمقراطية» أظهرت أن المتمردين تلقوا تحويلات مالية من شخص كيني يدعى وليد أحمد زين يتولى تنسيق التحويلات المالية صنفته وزارة الخزانة الأميركية على أنه وسيط مالي لتنظيم «داعش».
وفي هذا الصدد، قال بول: «استطعنا تعقب الأموال حتى وصولها إلى الحسابات المصرفية وتوصلنا إلى الحوالات التي تظهر حركة الأموال من بريطانيا إلى جنوب أفريقيا ثم سوريا من خلال زين ثم أوغندا، ومنه إلى يد تحالف القوات الديمقراطية الأوغندية»، مضيفاً أن «العلاقة بين تلك الجهات كانت معقدة».
وصرح الرائد كارل ويست، المتحدث باسم القوات الأميركية في أفريقيا، بأن الجماعة المتمردة في الكونغو «على صلة وثيقة بتنظيم (داعش)». ومن ضمن الدلائل على وجود تلك الصلة بث 35 مقطعاً مصوراً قام به أحد عناصر «تحالف القوات الديمقراطية» عبر الإنترنت بدءاً من عام 2016.
استطرد بول بقوله إن المقاطع المصورة تظهر علم «داعش»، وذكر المنشقون بأن العلم يرفع في المعسكرات التي يديرها المقاتلون شرق الكونغو. ويظهر أحد المقاطع رجلاً يبين أن الجماعة تعتزم تأسيس فرع لـ«داعش» في الكونغو ودعوة غيرها إلى الانضمام إليه.
أضاف بول، أن الرسالة بدا وكأنها قد آتت ثمارها وراقت للمتطرفين في المنطقة والذين لم يكن بإمكانهم شراء تذكرة طائرة للسفر إلى منطقة الشرق الأوسط، وكان البديل هو الكونغو مقابل تذكرة حافلة بقيمة 20 دولاراً أميركياً.
«العام الماضي استجوبنا عناصر من جنوب أفريقيا، وتنزانيا، وكينيا، ورواندا، وبورندي، وبريطاني، وسوداني جنوبي، وهو ما شكل مصدر قلق كبيراً في منطقة معروفة بالعنف».
ورغم أن الأدلة تشير إلى صلة وثيقة بتنظيم داعش، فإن ذلك لا يعني أن التنظيم الإرهابي العالمي قد أوجد فرعا له في الكونغو، إذ لا يزال مدى الصلة وقوتها بين «تحالف القوات الديمقراطية» و«داعش» غير واضحة المعالم وما إذا كانت تلك الجماعة تغازل جماعات إرهابية أخرى مثل «القاعدة»، وإن كانت الدلائل تشير إلى وجود تلك الصلة بالفعل.
في العديد من المناطق التي نجح فيها تنظيم داعش في إيجاد فروع له - بدءاً من الساحل الليبي إلى صحراء سيناء المصرية وصولاً إلى المنازل الآمنة في بنغلاديش، فقد بدا أن التنظيم قد نجح في ضمان مكان له بين الجماعات المسلحة الموجودة هناك بالفعل.
وفي السياق ذاته، قال بول إن «(داعش) قد اختار جماعة في الكونغو عرفت بارتكابها فظائع ضد المدنيين لفترة من الزمن».
ومن بين الدلائل التي تشير إلى وجود صلة بين تنظيم «داعش» بشرق الكونغو تلك المزاعم بأن الاعتداء الأخير قد جرى تحت راية «ولاية وسط أفريقيا». وبحسب أدبيات «داعش» فإن الإمبراطورية الدينية التي تدعو لها تحت اسم «دولة الخلافة» تتكون من 35 ولاية أو منطقة، 16 ولاية منها خارج العراق وسوريا.
ورغم أن الاعتداء الأخير هو الأول الذي تعلن الجماعة الإرهابية مسؤوليتها عنه في هذه المنطقة، فإنها ليست المرة الأولى التي يرد فيها ذكر اسم هذه المنطقة بشرق الكونغو. ففي أحد التسجيلات الصوتية التي بثت عام 2018. أشار زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي بطريقة عابرة إلى منطقة وسط أفريقيا، مما يعني أن تلك المنطقة من العالم تشغل ذهن التنظيم الإرهابي منذ العام الماضي.
يأتي العثور على ذلك الكتاب الصادر عن التنظيم بغرض الترويج لعقيدة التنظيم في تلك المنطقة من العالم ليضيف إلى الأدلة العديدة الأخرى. ومن الجدير بالذكر أن فريقاً من مراسلي صحيفة «تايمز» البريطانية كان قد عثر على نسخة من نفس الكتاب بمدينة الموصل العراقية، تحديداً في مبنى كان محتلاً من قبل عدد من مسلحي «داعش» الانتحاريين.
وبحسب كول بونزيل، الباحث في القانون والحضارة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة ييل، الأميركية، صدرت أول نسخة من الكتاب عام 2014 لتعرض أسلوب إدارة «داعش»، فيما بدا دليلاً إرشادياً للساعين إلى تأسيس مناطق جديدة تحت راية «داعش».
وفي السياق ذاته، قال كاليب ويس، باحث سياسي كتب عن توسع تنظيم «داعش» ووصوله إلى الكونغو بمجلة «لونغ وور جورنال» الصادرة عن مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطية» الأميركية، «لا ندري إذا ما كانت الجماعة المتمردة بشرق الكونغو هي من طبعت الكتاب أم أنه أُحضر إلى هناك مروراً بعدة دول».


مقالات ذات صلة

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

نفت الحكومة التشادية «بشدة» استهداف مدنيين خلال عمليتها ضد جماعة «بوكو حرام» في حوض بحيرة تشاد

«الشرق الأوسط» (نجامينا)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري مقاتلو «داعش» في شمال أفغانستان (وسائل الإعلام الأفغانية)

تحليل إخباري لماذا ينتج تنظيم «داعش - خراسان» محتوى إعلامياً باللغة الطاجيكية؟

لماذا تصدر خلية «داعش» الإعلامية نشرة جديدة باللغة الطاجيكية للمواطنين في طاجيكستان والعرقيات الطاجيكية في أفغانستان؟ هل لها تأثير ناجح على الرأي العام؟

عمر فاروق (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الجيش الأميركي بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أ.ف.ب)

الجيش الأميركي يعلن مقتل 35 إرهابياً بضربات في سوريا

قال الجيش الأميركي، اليوم (الأربعاء)، إنه نفذ ضربات أدت إلى مقتل ما يصل إلى 35 عضواً بتنظيم «داعش» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الخدمات الطبية بمخيم «الهول» محدودة أمام عدد سكانه (الشرق الأوسط)

وفاة حالة وإصابة العشرات بالكوليرا في مخيم «الهول» شرق سوريا

سُجلت بمخيم «الهول» شرق سوريا حالة وفاة بالكوليرا وعشرات الإصابات لأول مرة منذ تأسيسه قبل 10 سنوات.

كمال شيخو (الحسكة)

«الخطوط الفرنسية» تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر «احترازياً»

«الخطوط الفرنسية» تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر «احترازياً»
TT

«الخطوط الفرنسية» تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر «احترازياً»

«الخطوط الفرنسية» تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر «احترازياً»

أعلنت شركة «الخطوط الجوية الفرنسية»، أمس (الأحد)، أنها علّقت «حتى إشعار آخر» رحلاتها فوق منطقة البحر الأحمر، وذلك «في إجراء احترازي» بعد أن أبلغ طاقمها عن وجود «جسم مضيء» فوق السودان، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت الشركة في بيان: «تؤكد الخطوط الجوية الفرنسية (إير فرانس) أنها قررت، في إجراء احترازي، أن تُعلّق التحليق فوق منطقة البحر الأحمر حتى إشعار آخر».

وأضاف البيان أن هذا القرار اتُخذ عقب «رصد جسم مضيء على ارتفاع عالٍ في السودان».

وذكرت الشركة أن خط سير بعض رحلاتها قد تغيّر وأن بعض الطائرات قد عادت أدراجها نحو المطارات التي أقلعت منها.

وشددت على أن سلامة عملائها وأطقمها «هي ضرورة مطلقة»، مشيرة إلى أنها تراقب باستمرار تطور الوضع الجيوسياسي في المناطق التي تخدمها طائراتها وتحلّق فوقها «من أجل ضمان أعلى مستوى من السلامة والأمن للرحلات الجوية».

وقال مصدر في مجال الطيران للوكالة إن الخطوط الفرنسية هي شركة الطيران الوحيدة التي اتخذت هذا الإجراء الاحترازي، مضيفاً أن المجال الجوي فوق المنطقة لم يتم إغلاقه.

وبدعم من إيران، يشن الحوثيون هجمات صاروخية وبمسيَّرات منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 على السفن التي يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل، تضامناً مع الفلسطينيين.

وأدت الهجمات التي وقعت في البحر الأحمر وخليج عدن إلى تعطيل حركة الملاحة البحرية بشكل كبير في هذه المنطقة الأساسية للتجارة العالمية.