600 باحث يطالبون الاتحاد الأوروبي بالضغط على البرازيل لحماية البيئة

محتجون يرتدون سترات سوداء وربطات عنق حمراء سدوا الطريق إلى أبواب مبنى بورصة لندن (إ.ب.أ)
محتجون يرتدون سترات سوداء وربطات عنق حمراء سدوا الطريق إلى أبواب مبنى بورصة لندن (إ.ب.أ)
TT

600 باحث يطالبون الاتحاد الأوروبي بالضغط على البرازيل لحماية البيئة

محتجون يرتدون سترات سوداء وربطات عنق حمراء سدوا الطريق إلى أبواب مبنى بورصة لندن (إ.ب.أ)
محتجون يرتدون سترات سوداء وربطات عنق حمراء سدوا الطريق إلى أبواب مبنى بورصة لندن (إ.ب.أ)

الرئيس البرازيلي الجديد، جايير بولسونارو، اليميني الشعبوي، يعتزم تخفيف حماية منطقة غابات الأمازون (ذات الأهمية المناخية والتي توصف بأنها الجهاز التنفسي للأرض) وتكثيف الاستفادة الاقتصادية من الغابات المدارية. وفي خطاب مفتوح وجهه أكثر من 600 من الباحثين من الاتحاد الأوروبي وممثلين عن منظمات للسكان الأصليين في البرازيل ناشدوا فيه الاتحاد الأوروبي الضغط على حكومة البرازيل من أجل حماية البيئة. وقالوا في خطابهم الذي نشر في مجلة ساينس العلمية أمس الخميس إن الغابات البرازيلية والمناطق الرطبة والسافانا تلعب دورا حاسما لصالح التنوع الواسع للشعوب الأصلية ومن أجل استقرار مناخ الأرض والحفاظ على التنوع الحيوي. وطالبوا الاتحاد الأوروبي بعدم التنازل عن ذلك خلال المفاوضات مع البرازيل بشأن اتفاقية التجارة الحرة. وقال الموقعون على الخطاب: «نناشد الاتحاد الأوروبي استغلال الفرصة المتاحة للحفاظ على حقوق الإنسان وحماية البيئة».
أما منظمة «أمازون ووتش» غير الحكومية فاتهمت شركات من أوروبا والولايات المتحدة بتشجيع الجور على الغابات من خلال إقامة علاقات تجارية مع البرازيل، وقالت: «بينت دراسة لنا كيف أن الأسواق العالمية تدعم أسوأ الأطراف الفاعلة في الاقتصاد البرازيلي»، حسبما جاء على لسان كريستيان بواريير، من أمازون ووتش. تابع بواريير بأن هذه الأسواق تدعم شركات برازيلية مسؤولة عن تزايد الجور على الغابات وتزايد انتهاكات حقوق الإنسان ضد المجتمعات الأصلية وسكان البرازيل».
ويتفاوض الاتحاد الأوروبي منذ سنوات مع اتحاد دول ميركوسور (السوق المشتركة لدول جنوب أميركا اللاتينية)، بشأن اتفاقية التجارة، ولكن المباحثات تعتبر في حكم المتعثرة؛ حيث يسود خلاف بين الأطراف المتفاوضة، خاصة بشأن القطاع الزراعي. وجاء في الخطاب المفتوح أن الاتحاد الأوروبي يشجع من خلال استيراد المنتجات الزراعية من البرازيل على الجور على مساحات واسعة من الغابات هناك، «ونريد من الاتحاد الأوروبي أن يتوقف عن استيراد تقطيع الغابات، وأن يكون بدلا من ذلك مثالا على التجارة المستدامة» حسبما أوضحت لورا كيهو، من جامعة أوكسفورد. وقال الباحث البرازيلي تياجو رايس للوكالة الألمانية للأنباء «إن الإطار الزمني المتاح لتجنب العواقب الكارثية للتغير المناخي، يضيق، وإن الإضرابات والاحتجاجات التي قام بها تلاميذ المدارس في أوروبا من أجل المناخ أكدت أننا لم نعد مستعدين لقبول أساليب الإنتاج التي تتسبب في التغير المناخي».
وفي السياق نفسه قال توبياس كوميرله، من جامعة هومبولد في برلين، إن القضاء على الغابات يهدد الكثير من مقومات حياة الشعوب الأصلية، وأضاف: «علينا أيضا عند استيراد المنتجات الزراعية أن نضع معايير أعلى فيما يتعلق بالبيئة وحقوق الإنسان، لأن هذا الإنتاج له تأثيرات عظيمة على البيئة والمجتمعات وعلى دول المنشأ».
حللت منظمة بروفوندو الهولندية غير الحكومية العلاقات التجارية لـ56 شركة أدينت في البرازيل بسبب سلوكياتها المعادية للبيئة، وأشارت إلى أن من بين عملاء هذه الشركات، شركات في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا. إضافة إلى ذلك وحسب تقرير المنظمة فإن بنوكا من سويسرا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة توفر قروضا لشركات برازيلية.
وقالت سونيا جوايايارا، منسقة منظمة اتحاد منظمات «أبيب» للشعوب الأصلية في البرازيل: «نحن بحاجة لمساعدة لكي تتغير الأمور.. نناشد المستهلكين الدوليين مقاطعة المنتجات الزراعية القادمة من البرازيل، وذلك إلى أن تقبل حكومة البرازيل بحماية المناطق الأصلية وتقوم بشيء ضد العنف الذي يستهدف السكان الأصليين، نريد السلام حتى تستطيع بلادنا أن تعيش حياة طيبة وكريمة».
وفي سيق متصل سد ناشطون في مجال البيئة مدخل بورصة لندن واعتلوا سطح قطار في منطقة كناري وارف (المالية) في اليوم الأخير من مظاهرات تهدف إلى دفع بريطانيا إلى التحرك لمنع ما يعتبرونه كارثة مناخية عالمية. وأصابت حركة (إكستينكشن ريبيليون) مظاهر الحياة في لندن بالشلل في الأسابيع الأخيرة، إذ أغلقت مناطق رئيسية في وسط لندن. وصدمت النواب بمظاهرة شبه عارية في البرلمان. وفي مقر بورصة لندن أمس الخميس قام ستة محتجين يرتدون سترات سوداء وربطات عنق حمراء بسد الطريق إلى أبواب المبنى. وفي محطة قطارات (كناري وارف)، تسلق خمسة محتجين من الحركة قطارا ورفعوا لافتة كتب عليها (العمل كالمعتاد = الموت). وألصقت إحدى المحتجات يدها بالقطار باستخدام الغراء. وقالت الحركة في بيان: «ستركز (إكستينكشن ريبيليون) على القطاع المالي اليوم.. الهدف هو مطالبة القطاع المالي بكشف الحقيقة بشأن صناعة المناخ والتأثير المدمر لهذه الصناعة على كوكبنا».


مقالات ذات صلة

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

علوم أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أعلن فريق دولي من العلماء أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية.

«الشرق الأوسط» (روما)
ظواهر جوية حادة أثّرت على مناطق السعودية خلال عام 2024 (الأرصاد)

15 ظاهرة تجسّد واقع التغيرات المناخية في السعودية

كشف المركز السعودي للأرصاد عن 15 ظاهرة جوية حادة أثّرت على مناطق المملكة خلال عام 2024 وتجسّد بوضوح تأثير التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

يسعى ترمب من خلال مطالبته بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة للولايات المتحدة، لا سيما على حساب الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟