«الصحة العالمية»: 20 مليون طفل غير محصَّن باللقاحات

أبدت انزعاجها من عودة ظهور الحصبة في بعض البلدان

التغطية العالمية للقاحات لم تتحقق إلى الآن (المصدر: منظمة الصّحة العالمية)
التغطية العالمية للقاحات لم تتحقق إلى الآن (المصدر: منظمة الصّحة العالمية)
TT

«الصحة العالمية»: 20 مليون طفل غير محصَّن باللقاحات

التغطية العالمية للقاحات لم تتحقق إلى الآن (المصدر: منظمة الصّحة العالمية)
التغطية العالمية للقاحات لم تتحقق إلى الآن (المصدر: منظمة الصّحة العالمية)

بينما ساعدت اللقاحات في الوقت الراهن على تحقيق مكاسب صحية لم تتحقق في أي وقت مضى، فإنّ الأمر لا يزال يحتاج لمزيد من العمل، وفق بيان أصدرته منظّمة الصّحة العالمية أمس، بمناسبة الأسبوع العالمي للتّحصين ضدّ الأمراض، الذي بدأ أول من أمس، ويستمر حتى 30 أبريل (نيسان) الجاري.
وتحتفل منظّمة الصّحة العالمية سنوياً، في الأسبوع الأخير من أبريل، بـ«أسبوع التحصين العالمي»، وتهدف من هذه المناسبة إلى التشجيع على استخدام اللقاحات لحماية الصّحة ومنع تفشي المرض.
ويقول البيان الذي وصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنّ مزيداً من الأطفال حُصّنوا ضد الأمراض الرئيسية أكثر من أي وقت مضى، وقد أدّى ذلك إلى تحقيق مكاسب صحّية هائلة، وانخفاض كبير في الوفيات النّاجمة عن الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، ومع ذلك، فإن كثيراً من الأطفال، نحو 20 مليون طفل (15 في المائة على مستوى العالم)، لا يزالون غير محميين بالكامل من خلال اللقاحات، وهو ما يتطلّب مزيداً من الجهد والتوعية بأهمية اللقاحات.
وأعربت المنظمة عن قلقها من عودة ظهور الحصبة، حتى في البلدان التي سبق أن تخلّصت من المرض، وقالت: «هذا يظهر المخاطر الحقيقية للغاية المتمثلة في الرضا عن التحصين، على الرّغم من أنّه غير كاف».
ولم يفت المنظمة على الرغم من قلقها من عودة الحصبة، أن تشيد بالإنجاز الذي تحقّق هذا الأسبوع، بالإعلان عن طرح أول لقاح ضدّ الملاريا في العالم، وذلك خلال برنامج تجريبي جديد في ملاوي، وهو ما سيساهم في الحد من عبء المرض في بعض أكثر البلدان تضرراً في أفريقيا.
وعلى ما يبدو من بيان المنظمة، فإنّ اللقاحات قصة نجاح لم تكتمل، على الرّغم من التأكيد دوماً على أهميتها في التحصين من الأمراض، كما تؤكد حياة حسن، مسؤولة الاتصال بالمنظمة، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط».
وتقول حياة: «دائماً ما تصاب الحكومات بالكسل عند الوصول إلى مشارف النّصر بتحقيق نتائج إيجابية في التحصين ضد الأمراض باستخدام اللقاحات. وهذا لا يكفي؛ لأنّ المهمة لا تنتهي إلا عندما يتخلّص العالم كله من المرض؛ لأنّ بؤرة مصابة بأي مرض يمكن أن تكون سبباً في نشره بكل بلدان العالم».
ولا تزال تغطية التطعيم العالمية عند 85 في المائة، ولا يبدو أنّ التجاوب معها مرتبط بالمستوى الاقتصادي للدولة، كما تؤكد حياة. وتضيف: «الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية أظهرت مثلاً أنّه في عام 2017، لم يتم الوصول إلى نحو 19.9 مليون طفل في جميع أنحاء العالم، من خلال خدمات التحصين الروتيني. ويعيش نحو 60 في المائة من هؤلاء الأطفال في 10 دول تتباين في مستواها الاقتصادي، وهي أفغانستان، وأنغولا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، والهند، وإندونيسيا، والعراق، ونيجيريا، وباكستان، وجنوب أفريقيا».
ويظهر هذا التباين أيضاً في أغلب التحصينات؛ سواء الموجهة للأطفال أو لغيرهم، وهو ما كشف عنه بيان مفصل عن التغطية العالمية للقاحات، أصدرته منظمة الصّحة العالمية أمس. فمثلاً في اللقاح ضد بكتيريا المستدمية النزلية من النوع ب (Hib)، المسببة لالتهاب السحايا والالتهاب الرئوي، فقد أُدخل اللقاح في 191 دولة بحلول نهاية عام 2017، وكان هناك تباين كبير بين المناطق، ففي إقليم الأميركتين التابع لمنظمة الصّحة العالمية، تقدر التغطية بـ91 في المائة، بينما تبلغ النسبة 28 في المائة فقط بإقليم غرب المحيط الهادي. ورفع إقليم جنوب شرقي آسيا لمنظمة الصّحة العالمية التغطية من 80 في المائة عام 2016، إلى 86 في المائة عام 2017.
وعن التهاب الكبد «B»، وهي عدوى فيروسية تهاجم الكبد، أوضح البيان أنّ التغطية العالمية بثلاث جرعات من اللقاح تصل إلى نسبة 84 في المائة، وتصل إلى 93 في المائة بغرب المحيط الهادي، بالإضافة إلى ذلك، أدخلت 105 دول جرعة واحدة من لقاح التهاب الكبد «B» إلى الأطفال حديثي الولادة خلال الـ24 ساعة الأولى من العمر، وتقدر التغطية العالمية للجرعة الواحدة بـ43 في المائة. وفي فيروس الورم الحليمي البشري، وهي العدوى الفيروسية الأكثر شيوعاً في الجهاز التناسلي، ويمكن أن يسبب سرطان عنق الرحم، وأنواع أخرى من السرطان، فلا تزال أربع دول لم تدخله.
وعاد مرض الحصبة إلى عدد من الدّول، لا سيما الغنية، مثل ألمانيا والولايات المتحدة ونيوزيلندا. وكشفت مراكز الولايات المتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها في 2019، عن 206 إصابات بالحصبة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، ليكون هذا العام هو الأسوأ منذ 1992.


مقالات ذات صلة

جهاز يكتشف إنفلونزا الطيور في 5 دقائق

يوميات الشرق الجهاز يتميز بتصميم قابل للحمل وسهل الاستخدام (جامعة واشنطن)

جهاز يكتشف إنفلونزا الطيور في 5 دقائق

طوّر باحثون من جامعة واشنطن الأميركية جهازاً مبتكراً قادراً على اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور (H5N1) في الهواء خلال أقل من خمس دقائق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مُعطَّرة ولافتة الحضور... ولكن (غيتي)

الشموع العطرية في المنزل تضرُّ الصحة

كشفت دراسة علمية عن أنّ إضاءة الشموع العطرية في المنزل تؤدّي إلى انبعاث جزيئات متناهية الصغر في هواء الغرف، فتتفاعل مع مادة الأوزون وتُشكّل خطراً على الصحة.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
أفريقيا أطباء أوغنديون يفحصون مخالطي مريض ثبتت إصابته بالفيروس خلال إطلاق حملة التطعيم ضد سلالة فيروس «إيبولا» السودانية بلقاح تجريبي في دار ضيافة مولاغو (رويترز)

«الصحة العالمية»: أوغندا تسجل ثاني وفاة بفيروس «إيبولا»

ذكرت منظمة الصحة العالمية، نقلاً عن وزارة الصحة في أوغندا، أن البلاد سجَّلت ثاني وفاة بفيروس «إيبولا»، وهي لطفل يبلغ من العمر 4.5 سنة.

«الشرق الأوسط» (كمبالا )
العالم عبوة من لقاح «إمبوكس» (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تُبقي التحذير من «إمبوكس» عند أعلى مستوى

أعلنت «منظمة الصحة العالمية»، اليوم (الخميس)، أنها قررت إبقاء حالة التأهب القصوى من وباء «إمبوكس» مع ارتفاع عدد الإصابات والدول المتضررة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا نحو 76 ألف طفل دون الخامسة يموتون سنوياً في أوروبا (أ.ف.ب)

نحو 76 ألف طفل دون الخامسة يموتون سنوياً في أوروبا

تسببت المضاعفات المرتبطة بالخداج أو الاختناق عند الولادة أو الأمراض في تسجيل 75647 حالة وفاة كان يمكن تجنّب قسم منها، بين الأطفال دون سن الخامسة عام 2022.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».