مصر تُكرّم رموز الإبداع الرياضي في اليوم العالمي للملكية الفكرية

منح 690 براءة اختراع... وتسجيل أكثر من 8 آلاف علامة تجارية

اجتماع سابق لأكاديمية البحث العلمي المصرية حول معاهد براءات الاختراع
اجتماع سابق لأكاديمية البحث العلمي المصرية حول معاهد براءات الاختراع
TT

مصر تُكرّم رموز الإبداع الرياضي في اليوم العالمي للملكية الفكرية

اجتماع سابق لأكاديمية البحث العلمي المصرية حول معاهد براءات الاختراع
اجتماع سابق لأكاديمية البحث العلمي المصرية حول معاهد براءات الاختراع

يحتفل العالم، اليوم (الجمعة)، باليوم العالمي للملكية الفكرية، تحت شعار «للذهب نسعى... الملكية الفكرية والرياضة»، الذي يهدف إلى إلقاء الضوء على التطورات التكنولوجية في مجال الرياضة، التي أصبحت واحدة من أهم عناصر الاقتصاد في العالم، وتشارك مصر المنظمة العالمية للملكية الفكرية «ويبو»، الاحتفال بهذا اليوم بتكريم رموز الإبداع والابتكار الرياضي.
وتنظم أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية، يوم الأحد المقبل، احتفالاً باليوم العالمي للملكية الفكرية، يتم خلاله تكريم عدد من رموز الرياضة المصرية، مثل محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي المصري، وتكريم المخترع اللواء الدكتور مجدي محمد السقا اللوزي، مستشار رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة للتربية الرياضية، وغيرهما من المخترعين الذين أسهموا في المجال الرياضي، ويتضمن الاحتفال عدداً من الجلسات لمناقشة الملكية الفكرية والصناعية والأدبية في الرياضة، وقضايا الملكية الفكرية المعاصرة في مجال الرياضة.
وبهذه المناسبة أصدر الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، بياناً صحافياً أمس، تضمن مجموعة من المؤشرات الخاصة بالملكية الفكرية في مصر، وقال إن «مكتب براءات الاختراع تلقى 2255 طلباً خلال عـــام 2018 مقـابـل 2279 طلبـاً عــــام 2017، ومنح 690 براءة اختراع خلال عام 2018، مقابل 581 براءة عام 2017».
ووفقاً لبيان الإحصاء فإنّ «مكتب العلامات التجارية المصري تلقى 21135 طلباً للحصول على علامات تجارية عام 2018، مقابل 14417 طلباً عام 2017، وتم تسجيل 8729 علامة تجارية عام 2018، مقابل 4085 علامة تجارية عام 2017».
وقالت مها بخيت، مدير إدارة الملكية الفكرية والتنافسية في الجامعة العربية، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية يكون فرصة لتبادل الخبرات في هذا المجال، ونشر الوعي بحقوق الملكية الفكرية»، مشيرةً إلى أنّ «شعار الاحتفال بالملكية الفكرية هذا العام يركّز على المجال الرياضي، لأنّه أصبح مجالاً جاذباً لاستثمارات ضخمة، ولا بدّ من وجود نصوص قانونية واضحة لحماية العلامات التجارية الرياضية».
وأكد نضال الخاروف، رئيس مجموعة «سماس» للملكية الفكرية، وهي شركة تعمل في مجال تسجيل حقوق الملكية الفكرية من علامات تجارية وبراءات اختراعات ونماذج صناعية في الوطن العربي منذ 50 عاماً، لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية العمل على نشر الوعي بحقوق الملكية الفكرية مما يسهم في جذب الاستثمارات وحماية الاختراعات والابتكارات عربياً»، مشيراً إلى أنّ «الرياضة بما تتضمنه من علامات تجارية وحقوق بث تلفزيوني أصبحت من المجالات المهمة في حقوق الملكية الفكرية، مع زيادة الأرباح التي تحققها الشركات ونمو الاستثمارات في هذا المجال».
وقال الخاروف إنّ «الوعي والاهتمام بحقوق الملكية الفكرية زاد في السنوات الأخيرة، وتشهد مصر وعدد من الدول العربية اهتماماً متزايداً بهذا المجال، خصوصاً في مجال الصناعات الدوائية، وصناعة الرياضة».
من جانبه قال سعيد عبد الله، مساعد وزير التجارة والصناعة المصري، إنّ «الرياضة أصبحت صناعة عالمية بمليارات الدّولارات، وتحقّق العلامات التجارية الرياضية أعلى عائد اقتصادي وتجاري على مستوى العالم، لذلك لا بدّ من تغيير الممارسات والمفاهيم المرتبطة بهذه الصناعة».
وأضاف أن «مصر بدأت تستثمر في المجال الرياضي من خلال أنديتها الرياضية التي أدركت قيمة علامتها التجارية».
وعلى الرّغم من ازدهار الرياضة كصناعة عالمية تدرّ المليارات على أصحابها، فإنّ الاهتمام بها كصناعة في مصر والوطن العربي ما زال ضئيلاً، وإن كان بعض الأندية قد بدأ مؤخراً الانتباه إلى قيمة علاماتها التجارية، ويعد البث التلفزيوني أبرز الإشكاليات في مجال حقوق الملكية الفكرية الرياضية، حيث شهدت مصر الكثير من الجدل في هذا المجال بسبب احتكار قناة واحدة حقوق بث المباريات والبطولات الرياضية المهمة، مما يثير التساؤل عن الخط الفاصل بين الاحتكار وحقوق الملكية الفكرية.
وقالت بخيت إنّ «حقوق البث التلفزيوني للأحداث الرياضية شهدت حالة من الجدل في المنطقة العربية، ولكنّ الاحتكام إلى العقود والمرجعيات القانونية قد يسهم في حل هذه الإشكالية»، مشيرةً إلى أنّ «التطور التكنولوجي يفرض مجموعة من العقبات أمام حقوق الملكية الفكرية، والعالم كله يعمل على إيجاد حل لهذه المسألة، لكنّه لم يتوصّل إلى حل نهائي حتى الآن».
ويرجع تاريخ الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية إلى عام 2000، حيث حدّدت المنظمة العالمية للملكية الفكرية «ويبو» يوم 26 أبريل (نيسان) من كل عام للاحتفال بهذا اليوم، بهدف تشجيع الابتكار والإبداع، عبر ضمان حصول المخترعين والمبدعين على مكافأة عادلة عن عملهم، وتتضمّن حقوق الملكية الفكرية براءات الاختراع، والعلامات التجارية، والتصاميم الصناعية، والأعمال الإبداعية، وحقوق البث التلفزيوني للأحداث الرياضية، وحقوق التأليف، وتضع قواعد لحماية أصحاب حقوق الملكية الفكرية من إعادة استغلال أعمالهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».