السلطة الفلسطينية قد تقترض من «دول مقتدرة»

مسؤول: نعمل بخطة طوارئ قد لا تسعفنا بعد يوليو المقبل

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية استقبل وفداً من «الشيوخ الأميركي» برئاسة السيناتور ميت رومني والسيناتور كريس ميرفي (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية استقبل وفداً من «الشيوخ الأميركي» برئاسة السيناتور ميت رومني والسيناتور كريس ميرفي (وفا)
TT

السلطة الفلسطينية قد تقترض من «دول مقتدرة»

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية استقبل وفداً من «الشيوخ الأميركي» برئاسة السيناتور ميت رومني والسيناتور كريس ميرفي (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية استقبل وفداً من «الشيوخ الأميركي» برئاسة السيناتور ميت رومني والسيناتور كريس ميرفي (وفا)

قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن السلطة قد تقترض من دول مقتدرة إن لم تصل أموال شبكة الأمان العربية التي أقرت في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الأخير.
وأضاف المالكي: «في حال لم تتمكن الدول العربية من توفير شبكة الأمان المالية، فسنبحث عن إمكانية توفير قروض مالية من دول أخرى غير عربية مقتدرة ماليا، بضمانة الأموال المحتجزة عند الجانب الإسرائيلي، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية».
وجاء حديث المالكي بعد أيام من إعلان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، التزام الدول العربية بدعم الموازنة الفلسطينية وتنفيذ قرار قمة تونس بتفعيل شبكة أمان مالية بمبلغ 100 مليون دولار أميركي شهريا، لمواجهة الضغوط السياسية والمالية التي تتعرض لها.
وقال المالكي للتلفزيون الرسمي إن «قرار وزراء الخارجية العرب بتفعيل شبكة الأمان المالية ليس جديدا، وآليات تنفيذه سهلة وتم الإعلان عنها عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التي قالت إن مساهمة الدول ستكون بقدر مساهمتها في موازنة الجامعة العربية، لكن نحن لا نبحث عن آليات بقدر ما نبحث عن الطريقة المناسبة لتفعيل هذا الالتزام بشبكة أمان بقيمة 100 مليون دولار في ظل الأزمة المالية التي نمر بها».
وكانت السلطة توجهت للجامعة العربية من أجل تفعيل شبكة الأمان بعد أزمة العوائد الضريبية مع إسرائيل.
وبدأت تل أبيب في فبراير (شباط) الماضي خصم مبلغ 42 مليون شيقل (نحو 11.5 مليون دولار) شهريا من أموال العوائد الضريبية التي تحولها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، كل شهر خلال عام 2019. بإجمالي 504 ملايين شيقل (نحو 138 مليون دولار)، وهو مبلغ يوازي ما دفعته السلطة لعوائل شهداء وأسرى في عام 2018. فردت السلطة برفض تسلم أي مبالغ مجتزأة وردت المقاصة كاملة لإسرائيل.
وتشكل هذه الأموال الدخل الأكبر للسلطة، ما سبب أزمة كبيرة. وفي مرات سابقة لم تصل أموال شبكة الأمان العربية وإنما جزء من المبلغ فقط، ما أثار لدى السلطة تخوفات من تكرار المسألة.
وأشاد المالكي بشكل خاص بالتزام المملكة العربية السعودية بتسديد حصتها، قائلا إنها «تدفع 7 ملايين دولار شهرياً لموازنة السلطة، إضافة لـ14 في المائة مساهمتها في شبكة الأمان، وهي نسبة مماثلة لمساهمتها بجامعة الدول، وهذا المبلغ تدفعه كل ثلاثة أشهر».
وتريد السلطة الأموال العربية بأسرع وقت من أجل تسديد كثير من الالتزامات المالية، وأهمها رواتب الموظفين. ودفعت السلطة في الشهرين الماضيين نصف راتب لموظفيها فقط. وينتظر أن تنتهي الأزمة بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وتوقّع رئيس سلطة النقد عزام الشوا أن تنتهي الأزمة المالية الحالية في شهر يوليو (تموز) المقبل.
وتعمل وزارة المالية الفلسطينية بموازنة طوارئ، لكنها قد لا تسعفها بعد هذا التاريخ (أي شهر يوليو).
وقال وكيل وزارة المالية فريد غنام، إن موازنة الطوارئ التي فرضتها أزمة المقاصة لن تكون صالحة بعد شهر يوليو، ما لم تتم معالجتها سياسيا.
وأضاف غنام، خلال مداخلة في مقر الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة «أمان» أنه «تم وضع موازنة الطوارئ حتى شهر يوليو، بناء على محددات البيانات المالية». موضحا أن «قدرة البنوك على التعامل مع الأزمة، سواء بإقراض الحكومة أو بالتعامل مع قروض الموظفين، ستستنفد في يوليو، كما أن الاقتصاد الفلسطيني يمر بوتيرة تراجع متسارعة تحت وطأة الأزمة، وبالتالي فإن إيرادات الحكومة من الجباية المحلية في انخفاض ملحوظ من شهر لشهر».
وشرح غنام توجهات الخطة النقدية، قائلا إنه «سيتم الإنفاق باعتمادات شهرية بنسبة 1 - 12 لكل شهر من موازنة السنة المالية استنادا إلى قرار الرئيس بخصوص اعتماد إطار قانوني لموازنة الطوارئ». وأضاف: «تم اتخاذ قرارات لتخفيض الإنفاق والتعامل مع الوضع المرحلي، بإعطاء الأولوية لصرف مخصصات الشهداء والأسرى والجرحى والمتقاعدين، ووقف التعيينات والترقيات، وتخفيض النفقات التشغيلية بنسبة 20 في المائة، وتخفيض النفقات الرأسمالية بنسبة 50 في المائة، حيث سيتم وقف الاستملاكات ووقف شراء السيارات والأثاث والأجهزة، إلا في الحالات الاستثنائية، وعدم اعتماد أي مبالغ جديدة على النفقات التطويرية والاكتفاء بالمشاريع التطويرية من العام الماضي فقط، إضافة إلى اعتماد رواتب المواطنين بشكل كامل في الموازنة على أن يتم صرف ما يحمي الرواتب المتدنية (بحد أدنى 2000 شيقل وحد أعلى 10000 شيقل)، بحيث تقيد المستحقات في ذمة وزارة المالية، الأمر الذي سيساهم في تخفيض فاتورة الرواتب بنسبة 30 في المائة».
كما قدم غنام عرضا لحجم الخسائر التي تتكبدها الخزينة الفلسطينية نتيجة لعدم التزام الاحتلال باتفاقية باريس، والتي قدرت بأكثر من 270 مليون دولار سنويا، أي أكثر من 900 مليون شيقل، والتي تمثلت في عدة محاور، أبرزها: الخسائر المترتبة على عدم تطبيق آلية «محوسبة» في تحصيل ضريبة القيمة المضافة، والخسائر المترتبة من المحروقات جراء الوقود المهرّب، والخسائر المترتبة من الواردات غير المباشرة.
وأوضح غنام أن مجموع ما اقتطعته الحكومة الإسرائيلية من العائدات الضريبية الفلسطينية خلال 10 سنوات، وصل إلى 2.2 مليار شيقل مقابل تكاليف العلاج في مستشفيات إسرائيلية، و8 مليارات شيقل ثمنا للكهرباء المبيعة من إسرائيل، و3 مليارات شيقل ثمن مياه واستخدام شبكات صرف صحي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».