حياة إمبراطور اليابان الجديد حافلة بمظاهر كسر التقاليد

حصل على شهادة جامعية وأجرى دراسات عليا في الخارج

الأسرة الإمبراطورية تبدو أقرب إلى الشعب (إ.ب.أ)
الأسرة الإمبراطورية تبدو أقرب إلى الشعب (إ.ب.أ)
TT

حياة إمبراطور اليابان الجديد حافلة بمظاهر كسر التقاليد

الأسرة الإمبراطورية تبدو أقرب إلى الشعب (إ.ب.أ)
الأسرة الإمبراطورية تبدو أقرب إلى الشعب (إ.ب.أ)

من المعروف عن الأمير ناروهيتو ولي العهد الياباني الذي سيصبح إمبراطوراً في الأول من مايو (أيار) المقبل أنه رجل جاد مجتهد تودد إلى دبلوماسية سابقة بوعد لحمايتها وظل يطاردها إلى أن فاز بها وتزوجها.
ولن يكون الأمير ناروهيتو (59 عاماً)، أول إمبراطور ياباني يولد بعد الحرب العالمية الثانية وأول إمبراطور يتولى والداه وحدهما مسؤولية تربيته فحسب، بل سيصبح أول إمبراطور حصل على شهادة جامعية وأجرى دراسات عليا في الخارج.
وسيرتقي العرش خلفاً لوالده الإمبراطور أكيهيتو الذي سيتنازل عن العرش في 30 أبريل (نيسان) ليصبح أول من يفعل ذلك من أباطرة اليابان منذ قرابة 200 سنة، حسب «رويترز».
وتولت الإمبراطورة ميتشيكو رعاية ابنها ناروهيتو الأكبر بين ثلاثة أشقاء بدلاً من المرضعات ومعلمي القصر. بل إنها كانت ترسله إلى المدرسة ومعه غداؤه في إطار مساعي الأبوين لجعل الأسرة الإمبراطورية تبدو أقرب إلى الشعب.
تخصص الأمير ناروهيتو في دراسة حركة النقل عبر الأنهار في أوروبا خلال العصور الوسطى وأمضى عامين في جامعة أوكسفورد. وقد وصف تلك الفترة بأنها من أمتع سنوات حياته. يصف البعض شخصيته بأن بها جانباً من الولع بالمزاح. وقد وقف الأمير ناروهيتو لالتقاط الصور الذاتية مع المارة أثناء زيارة الدنمارك قبل عدة سنوات.
تحدى الأمير ناروهيتو مسؤولي القصر ليتزوج من ماساكو أوادا، التي أصبحت الآن في الخامسة والخمسين من عمرها، بعد أن لفتت نظره في حفل موسيقي لتبدأ مساعي التودد لها التي استمرت سنوات رفضت خلالها طلبه الزواج منها عدة مرات.
وفي أواخر عام 2003 بعد نحو عشر سنوات من زواجهما اختفت إلى حد كبير عن الحياة العامة في بداية صراع طويل مع مسؤولي القصر نتج عن التوترات بين حياة القصر والمطالب بأن تحمل طفلاً ذكراً ليرث العرش.
وذات مرة صدم ناروهيتو الشعب بدفاعه الحار عن زوجته وقوله إنها «أرهقت نفسها تماماً» في محاولة التكيف، وإن محاولات جرت «لإنكار مسيرتها المهنية وشخصيتها».
وأثارت صراحته الفجة تأنيباً من شقيقه الأصغر وتعليقات تنم عن الحسرة من جانب الإمبراطور. وسيصبح الأمير ناروهيتو أول إمبراطور ياباني في العصر الحديث لا يكون له ابن ذكر. وقد كرس حياته لابنته أيكو التي تبلغ من العمر الآن 17 عاما ونادى بأن يصبح الرجال آباء يتولون أمور أبنائهم بأنفسهم بشكل أكثر من ذي قبل، وهو رأي غريب في المجتمع الياباني المحافظ.
وشارك الأمير ناروهيتو، الذي يدافع عن القضايا البيئية في مؤتمرات دولية عن المياه النقية وفي عام 2015 أدلى بتعليقات في مجلس استشاري له روابط بالأمم المتحدة عن المياه والصرف الصحي. كما أشار إشارات غير مباشرة إلى أنه قد يضيف لاهتماماته التغير المناخي. وقد قالت ماساكو مراراً إنها تشعر بالقلق على الأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة بمن فيهم من يتعرضون لإساءات أو يعيشون في فقر في اليابان.
وقالت في تصريحات نشرت قبل عيد ميلادها في العام الماضي: «عندما أفكر في الأيام التالية لا أعرف كيف أكون نافعة. لكن بعد أن أصبحت بجوار جلالتهما طوال هذه السنين، وأتطلع لتوجيهاتهما في المستقبل، سأبذل أقصى جهد ممكن لمساعدة ولي العهد والعمل من أجل سعادة الشعب».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».