«مهرجان صور الموسيقي» يستذكر الراحل ملحم بركات

يتضمن عروضاً موسيقية أجنبية ومحلية تكريماً له

صورة نادرة للراحل ملحم بركات  -  بركات
صورة نادرة للراحل ملحم بركات - بركات
TT

«مهرجان صور الموسيقي» يستذكر الراحل ملحم بركات

صورة نادرة للراحل ملحم بركات  -  بركات
صورة نادرة للراحل ملحم بركات - بركات

تنطلق في 27 أبريل (نيسان) الجاري فعاليات «مهرجان صور الموسيقي الدولي»، الذي يتخّذ هذا العام من الموسيقار الراحل ملحم بركات عنواناً له.
ويتضمن الحدث الثقافي الذي تنظمه «جمعية تيرو للفنون» في دورته الثالثة بمدينة صور الجنوبية، إضافة إلى العروض الموسيقية والغنائية، معرض صور ورسومات، وعرض فيلم وثائقي، وأمسية موسيقية في المسرح الوطني اللبناني في مدينة صور. وتنطبع جميع فعاليات المهرجان باسم الفنان الراحل، احتفاء بمسيرته الفنية، الغنية بالألحان والأغاني والمسرحيات والأفلام السينمائية التي قدّمها خلالها.
«لقد اخترنا الموسيقار ملحم بركات لتكريمه؛ كونه من فناني لبنان العمالقة الذين تركوا أثرهم على الموسيقى الشرقية بشكل عام، واللبنانية بشكل خاص»، يوضح قاسم إسطنبولي الذي يقف وراء تنظيم هذا الحدث. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «سنتذكره ليس على الصّعيد المحلي فقط، إذ تشاركنا في ذلك فرق فنية من العالم العربي؛ خصوصاً أنّه من المغنين المحبوبين في بلدان تونس، وسوريا، والخليج والمغرب العربيين». ويؤكّد إسطنبولي في سياق حديثه أنّ أيام المهرجان الأربعة (من 27 حتى 30 أبريل) ستعبق بذكرى الموسيقار بركات، ومن خلال نشاطات مختلفة.
في اليوم الأول للمهرجان (في 27 أبريل) ستنطلق في شوارع مدينة صور وصولاً إلى سينما «ريفولي» حيث المسرح الوطني اللبناني، فرق موسيقية فنية تابعة لقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) الموجودة في جنوب لبنان. فيعزف أفرادها من بلدان إيطاليا وغينيا وكوريا وإندونيسيا، مقاطع من ألحان بركات، وأخرى من بلادهم، حتى وصول كامل المدعوين إلى مكان التكريم. وسيترافق هذا النشاط مع معرض صور نادرة للفنان الراحل، تقدّمت بها عائلته لمنظمي المهرجان، ويحمل عنوان «أبو مجد». كما سيتضمن رسومات رسمها طلاب «جمعية تيرو للفنون»، استوحوها من شخصية الموسيقار بركات، ومن أغانيه ومسرحياته.
ويفتتح حفل التكريم بعرض الفيلم الوثائقي «الموسيقار» للمخرج اللبناني نبيل لبّس، ومدته 17 دقيقة. وقد صور خصيصاً للمناسبة مع فنانين عاصروا بركات، أمثال وليد توفيق، والشاعر نزار فرنسيس، وكذلك مع أفراد عائلته الذين تحدثوا عن الوجه الآخر له. ويتلو بعده كل من نقيب الموسيقيين في لبنان فريد بوسعيد، ونقيب الممثلين نعمة بدوي، إضافة إلى الشاعر نزار فرنسيس، كلمات في المناسبة وقصيدة شعر. ومن ثم يتحوّل المسرح إلى واحة غنائية مع نجل الفنان الراحل وعد بركات، الذي سيؤدي نحو 8 أغنيات من ريبيرتوار والده، ترافقه الفرقة الموسيقية التي اعتاد الموسيقار الراحل عليها في حفلاته. ويختتم هذا العرض بلوحة راقصة من الدبكة اللبنانية على إحدى أغانيه، بأسلوب ممسرح يتماهى مع أجواء المناسبة.
وفي الأيام التالية للمهرجان الذي يفتح أبوابه مجاناً أمام الجميع، سيجري تقديم عروض موسيقية وغنائية لفرق فنية، من ليبيا وسوريا ولبنان، وكذلك تلامذة مدارس سيؤدون أشهر أغاني ملحم بركات، كـ«على بابي واقف قمرين»، و«جيت بوقتك»، و«تعا ننسى»، و«بلغي كل مواعيدي»، و«سلّم عليها»، وغيرها من الأغاني التي حفظها له الكبار والصغار معًا.
ومن النشاطات الأخرى التي يتضمنها المهرجان، عرض مقاطع من أفلام سينمائية شارك فيها الفنان، كـ«آخر الصيف»، و«حبي الذي لا يموت»، و«المرمورة». كما ستُعرض مسرحياته، كـ«الأميرة زمرد»، و«الأسطورة»، و«أيامي السجينة»، وغيرها.
رحل الموسيقار ملحم بركات في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2016، بعد معاناته مع المرض. وقد ترك مكتبة فنية غنية بالألحان والموسيقى والأغنيات التي حفرت في ذاكرة اللبنانيين، وفي قلوب جمهور عربي واسع، كان يتابع أعماله ويحضرها باستمرار. والمعروف عنه تأثره بموسيقى الراحل محمد عبد الوهاب، وقد شكّل تعاونه مع الرحابنة وفيلمون وهبي ابن بلدته كفرشيما، انطلاقته الفعلية في عالم الفن والغناء.
وتهدف «جمعية تيرو للفنون» التي ساهم في تأسيسها الممثل والمخرج قاسم إسطنبولي، إلى استعادة الحياة الفنية وتفعيل الحركة الثقافية في المناطق المهمشة. ويرتكز عملها على افتتاح مراكز ثقافية مستقلة، وإقامة مهرجانات موسيقية ومسرحية وسينمائية، وورش عمل تدريبية، من خلال توفير منصات ثقافية. وكان قد سبق لها أن نظّمت حفلات تكريمية لكل من الرّاحلين وديع الصافي وصباح، في السنتين الماضيتين.


مقالات ذات صلة

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق فيلم «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور (فيسبوك المخرج)

«الذراري الحمر» رحلة في أعماق العنف والبراءة

يحمل اسم «الذراري الحمر» رمزيةً مزدوجةً تُضيف عمقاً لمعاني الفيلم، فيتجاوز كونه مجرد وصفٍ للأطفال ليعكس روح القصة والرسائل الكامنة وراءها.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق «إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

«إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

يجدد الفيلم الفلسطيني «إلى عالم مجهول» للمخرج مهدي فليفل، تسليط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا.

انتصار دردير (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».