عشرات القتلى من قوات النظام بهجمات «داعشيين» ومتشددين

بينهم 21 سقطوا على أطراف حلب

صورة وزعتها وكالة إباء السورية لمجموعة من عناصر «هيئة تحرير الشام» خلال الاستعداد لمهاجمة مواقع قوات النظام في حلب (الشرق الأوسط)
صورة وزعتها وكالة إباء السورية لمجموعة من عناصر «هيئة تحرير الشام» خلال الاستعداد لمهاجمة مواقع قوات النظام في حلب (الشرق الأوسط)
TT

عشرات القتلى من قوات النظام بهجمات «داعشيين» ومتشددين

صورة وزعتها وكالة إباء السورية لمجموعة من عناصر «هيئة تحرير الشام» خلال الاستعداد لمهاجمة مواقع قوات النظام في حلب (الشرق الأوسط)
صورة وزعتها وكالة إباء السورية لمجموعة من عناصر «هيئة تحرير الشام» خلال الاستعداد لمهاجمة مواقع قوات النظام في حلب (الشرق الأوسط)

أوقعت هجمات شنها «داعشيون» في مناطق عدة في سوريا، 61 قتيلاً على الأقل في صفوف قوات النظام ومسلحين موالين لها، قتل أكثر من نصفهم خلال اليومين الماضيين جراء هجمات لتنظيم داعش تعد الأعنف منذ إعلان سقوط «الخلافة» في الباغوز.
وبعد ثماني سنوات من نزاع مدمر، تسيطر قوات النظام حالياً على نحو ستين في المائة من مساحة البلاد، في حين لا تزال مناطق عدة خارج سيطرتها، أبرزها مناطق سيطرة الأكراد في شمال وشرق البلاد، ومحافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، بينما يحتفظ تنظيم داعش بانتشاره في البادية الممتدة من ريف حمص الشرقي (وسط) حتى الحدود العراقية.
وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس السبت مقتل 21 عنصراً على الأقل من قوات النظام ومقاتلين موالين لها جراء «هجوم عنيف شنّه جيش أبو بكر الصديق التابع لهيئة تحرير الشام فجر السبت على حواجز ونقاط تابعة لقوات النظام عند الأطراف الغربية لمدينة حلب» شمالاً.
واندلعت إثر الهجوم «معارك عنيفة»، قتل خلالها وفق «المرصد» ثمانية من عناصر الفصيل المتشدد.
وفي ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، قتل خمسة عناصر على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وفق «المرصد»، جراء «كمين» نفذه فصيل متشدد منضو في صفوف هيئة تحرير الشام فجر أمس السبت.
وتحتفظ فصائل متشددة بسيطرتها على ريف حلب الغربي الذي يشكل مع محافظة إدلب المجاورة وأجزاء من محافظتي اللاذقية(غرب) وحماة (وسط)، منطقة يشملها اتفاق توصلت إليه موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وينص الاتفاق على إقامة «منطقة منزوعة السلاح» بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل المتشددة على رأسها هيئة تحرير الشام. ولم يتم استكمال تنفيذه بعد.
وجاءت هذه الهجمات وفق «المرصد»، بعد قصف صاروخي ومدفعي لقوات النظام استهدف بعد منتصف ليل الجمعة - السبت مناطق في ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وصعّدت قوات النظام منذ فبراير (شباط) الماضي، وتيرة قصفها على المنطقة المشمولة بالاتفاق الروسي التركي، وتتهم دمشق أنقرة بـ«التلكؤ» في تنفيذه. ودعا الرئيس بشار الأسد الجمعة إلى تطبيق الاتفاق في إدلب عبر «القضاء على المجموعات الإرهابية الموجودة فيها».
وجنّب هذا الاتفاق إدلب، التي تؤوي وأجزاء من محافظات مجاورة، نحو ثلاثة ملايين نسمة، حملة عسكرية واسعة لطالما لوّحت دمشق بشنّها. ويشكل مصير المنطقة محور جولة جديدة من مباحثات أستانا تُعقد يومي الخميس والجمعة المقبلين في عاصمة كازاخستان برعاية كل من روسيا وإيران وتركيا.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الثلاثاء في دمشق إن «على ضامني مسار أستانا، إيران وروسيا وتركيا، الالتزام بالتعهدات المرتبطة بملف إدلب»، ومن ضمن «أهم هذه الالتزامات نزع سلاح الجماعات الإرهابية وإخراجها» من إدلب.
على جبهة أخرى في سوريا، أحصى «المرصد» السبت مقتل 35 على الأقل من قوات النظام ومسلحين موالين لها جراء هجمات لتنظيم داعش منذ الخميس في البادية السورية.
وقتل 27 منهم، بينهم أربعة ضباط كبار في ريف حمص الشرقي، في وقت قتل ثمانية بينهم ضابطان في هجوم مماثل شنّه التنظيم الخميس في بادية مدينة الميادين شرقاً.
وتبنى التنظيم عبر بيان نشرته وكالة «أعماق» الدعائية التابعة له على تطبيق تلغرام تنفيذ هجوم حمص. وأفاد عن «كمين» بدأ الخميس «عندما حاولت قوات النظام تقفي أثر مجموعات من مقاتلي داعش»، مشيراً إلى «مواجهات» استخدمت فيها «شتى أنواع الأسلحة» و«استمرت نحو 24 ساعة». ويعد هذا الهجوم، وفق مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، الأعنف الذي يشنه التنظيم منذ إعلان «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية في 23 مارس (آذار) الماضي، القضاء التام على «الخلافة». وقال إن «حصيلة القتلى هي الأعلى» التي يوقعها التنظيم منذ انتهاء معركة الباغوز.
ورغم تجريده من آخر مناطق سيطرته في الباغوز شرق سوريا، لا يزال التنظيم ينتشر في البادية السورية المترامية المساحة الممتدة من ريف حمص الشرقي حتى الحدود العراقية.
ويؤكد محللون وخبراء عسكريون أن القضاء على التنظيم لا يعني أن خطره زال مع قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق التي طُرد منها وانطلاقاً من البادية السورية.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» الشهر الماضي، بدء مرحلة جديدة من القتال بالتنسيق مع التحالف الدولي، تستهدف خلايا التنظيم النائمة التي تقوم بعمليات خطف وزرع عبوات ناسفة وتنفيذ اغتيالات وهجمات انتحارية تطال أهدافاً مدنية وعسكرية على حد سواء.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً متشعب الأطراف، تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وتشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ أشهر أزمة وقود خانقة، توسعت مؤخراً لتطاول البنزين. ويضطر السكان إلى الانتظار لساعات في طوابير طويلة من أجل التزود بالبنزين في ظل إجراءات تقشفية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.