مطابخ الشرق الأوسط... الأهم والأكثر جاذبية في أوروبا

من بينها اللبناني والتركي والعراقي

مطابخ الشرق الأوسط... الأهم والأكثر جاذبية في أوروبا
TT

مطابخ الشرق الأوسط... الأهم والأكثر جاذبية في أوروبا

مطابخ الشرق الأوسط... الأهم والأكثر جاذبية في أوروبا

تعتبر مطابخ الشرق الأوسط واحدة من أهم المطابخ الأجنبية في أوروبا، وخصوصاً أوروبا الغربية، وقد اتسعت رقعة انتشارها في السنوات الماضية لأسباب كثيرة. على رأسها الاهتمام الكبير بالمأكولات الأجنبية من قبل مختلف الطبقات، والوعي العام بالفوائد الصحية لكثير من الأطعمة بشكل عام، والاهتمام بالأطباق النباتية، والمذاقات الطيبة والمختلفة التي توفرها أطباق هذه المطابخ. أضف إلى ذلك ارتفاع عدد المهاجرين من دول الشرق الأوسط إلى أوروبا منذ تسعينات القرن الماضي، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.
يعتمد توفر هذه المطابخ على أماكن انتشار الجاليات الشرق أوسطية في الدول الأوروبية، وعادة ما يكون ذلك انعكاساً لدول الاستعمار السابقة، أو ما يسمى بالدول الأم، إذ يمكن العثور على المطابخ العراقية أو الفلسطينية أو الأردنية أو الخليجية أو اليمنية أو المصرية أو السودانية أو الإيرانية أو القبرصية في بريطانيا أكثر من غيرها من الدول الأوروبية الأخرى، والحال نفسه ينطبق على دول مثل لبنان ودول شمال أفريقيا التي تكثر في فرنسا. ومع هذا، هناك تقاطع في خريطة الانتشار هذه في السنوات الماضية، مع حركات الهجرة الكبيرة باتجاهات مختلفة، فمثلاً اتسعت رقعة المطابخ العراقية والكردية والإيرانية في الدول الإسكندنافية بسبب ارتفاع عدد المهاجرين العراقيين والأكراد إليها منذ سبعينات القرن الماضي، وارتفع عدد المطاعم الشمال أفريقية واللبنانية في بريطانيا مع انتقال كثير من المهاجرين من فرنسا إلى بريطانيا، بداية صعود نجم اليمين المتطرف المناصر للوبان في التسعينات، كما ازداد عدد المطاعم السورية في كثير من الدول، وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا واليونان وغيرها مع الموجة الأخيرة من المهاجرين الجدد إليها.
بأي حال، فإن أهم المطابخ الشرق أوسطية التي تنتشر في أوروبا بكثرة، وتركت بصماتها على خريطة الطعام الأوروبية، هي المطبخ اللبناني والمطبخ التركي والمطبخ الإيراني، مع إضافات قليلة هنا وهناك من المطابخ المغربية والسورية والعراقية والقبرصية. ولا بد من الذكر هنا أن المطابخ اللبنانية والسورية والفلسطينية والأردنية تتقاطع فيما بينها في كثير من الأطباق المعروفة، كما تتقاطع المطابخ اللبنانية والسورية والتركية في كثير من الأطباق والأصول والمكونات، وعلى رأسها المشاوي والكباب والأطباق النباتية التي تعتمد على الحمص والباذنجان، وغيره.
ورغم الاهتمام الأوروبي، وخصوصاً البريطاني والألماني بالمطبخ الفارسي أو الإيراني لأسباب تاريخية ترتبط بالغرام بالتراث الفارسي عامة، فإن عدد المطاعم الإيرانية لا يزال قليلاً نسبة إلى مطاعم المطابخ القبرصية واللبنانية والتركية، وقد عجز هذا المطبخ عن فرض نفسه على مشهد الطعام التجاري العام في كثير من الدول.
الطلب على المطابخ الشرق أوسطية في أوروبا يعود إلى أسباب كثيرة، على رأسها...
> الاستخدام الكبير للخضار، إذ تعتمد هذه المطابخ على استخدام الكوسا والباذنجان والفلفل بأنواعه والخيار والبندورة والحامض والبصل والثوم والشمندر والخس والسبانخ والبامية والسلق والفجل والحامض والجزر والقنبيط والملفوف والبطاطا والكراث والجرجير والقرع وغيره.
بعض أنواع هذه الخضراوات أصبح جزءاً لا يتجزأ من المشهد العام في السوبرماركت في أوروبا، وخصوصاً الخيار والبندورة والثوم والبصل والباذنجان والفلفل. وينتشر كثير من هذه الأنواع، ويباع، مع الارتفاع الهائل لعدد النباتيين في أوروبا، وازدياد شعبية الأطباق النباتية، وما ويعرف بأطباق الفيغان، التي لا تحتوي على المواد الحيوانية.
* الاستخدام الرائع للأعشاب، وعلى رأسها الكزبرة والطرخون والنعناع والبقدونس والمردقوش وإكليل الجبل والميرامية والزعفران والزعتر والسماق وغيره.
وقد ازداد استخدام الأعشاب في أوروبا أيضاً في السنوات الماضية، بسبب تحرير التجارة، والوعي الصحي بشكل عام لأهمية هذه الأعشاب.
> الاستخدام الشاسع للتوابل والبهارات، وعلى رأسها الكمون والقرفة والقرنفل وجوز الطيب والفلفل الأسود والكركم والكراويا واليانسون والكزبرة والهيل والحلبة والعصفر وغيره.
انتشار التوابل لم يعد حكراً على المحلات التجارية، بل أصبح ظاهرة عامة في بيوت الناس، الذين يحاولون تجربة الأطباق الأجنبية المعروفة في المطاعم، وعلى رأس هذه التوابل الزعفران والكمون والمردقوش وجوز الطيب والقرفة.
> الاستخدام الرئيسي للحبوب والبقوليات، وعلى رأسها بالطبع الحمص والفول والفاصوليا والبازلاء والعدس والأرز والقمح وغيره.
* استخدام لحم الغنم على حساب لحم البقر، واستخدم لحم الدجاج والطيور بشكل عام، والأسماك.
* الاستخدام المتنوع لشريحة واسعة من أنواع الفاكهة كالبرتقال والبطيخ والعنب والخوخ والمشمش والدراق والكرز والسفرجل والقشطة والمانغا والرمان والإجاص والفريز وغيره.
> استخدام الألبان والأجبان والزيتون وزيته والخبز والقهوة التركية والحلاوة والكسكس والطحينة، وهي أنواع مرغوبة جداً ومعروفة جداً في جميع أنحاء أوروبا، ويمكن شراؤها في معظم المحلات التجارية الكبيرة هذه الأيام.

أهم الأطباق الشرق أوسطية المعروفة في أوروبا
من الأطباق اللبنانية؛ ورق العنب - الحمص - الفلافل - المتبل أو بابا غنوج – التبولة - الشاورما - الفتوش - الكفتة - الكنافة – البقلاوة - المازة بشكل عام. ويمكن العثور على الحمص والتبولة والفلافل وورق العنب وغيره، وبمذاقات مختلفة، في معظم المحلات التجارية الأوروبية الكبرى هذه الأيام.
ومن الأطباق التركية؛ الكباب على أنواعه، وخصوصاً الدونر كباب، وإسكندر كباب – الكفتة بأنواعها - المازة التركية - البقلاوة - القهوة التركية - لحم بعجين – يخنة الفاصوليا – سلطة الشمندر والجزر – العيران أو اللبن المالح، وأطباق حلوى كالبوريك والغوزليم.
ومن الأطباق القبرصية؛ المشاوي - الشافتلياه – بيستيشيو - تيرمو سلاتا – جبنة الحلومي المشوية – طبق كلفتيكو، المكون من لحم الغنم مع البطاطا بالفرن – سلطة اللبن بالخيار، أو ما يسمى بالتزازيكي والسوفلاكي والنقانق.
ومن الأطباق المغربية؛ الطاجين بشكل عام – شوربة الحريرة الحارة – الفلفل الحار المفروم – السفة بالدجاج – طاجين البرقوق، وغيره.
مهما يكن، فإن للمطابخ الشرق أوسطية سمعة طيبة وممتازة في أوساط المهتمين بالطعام في العالم، وأوروبا عامة، للتنوع الهائل في هذه المطابخ، وللفوائد الصحية الجمة التي توفرها. وقد أشار كثير من الدراسات العلمية والطبية هذا العام، وفي السنوات الماضية، أن مطابخ المتوسط، التي تشملها مطابخ الشرق الأوسط، من أهم المطابخ في العالم، إذ تساهم في محاربة السرطان والخرف والسمنة والاكتئاب والسكري وكثير من الأمراض، والأهم من ذلك إطالة العمر.



الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
TT

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

«يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز بطرق غير متوقعة»، هكذا يتحدث الشيف المصري وليد السعيد، عن أهمية الشاي في وصفات لذيذة. أطباق كثيرة يتخللها الشاي وتتنوع بمذاقات مختلفة؛ من بينها فطائر الكريب، وكعكة «شاي إيرل غراي».

وينصح السعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بتجربة الشاي الزهري مثل الياسمين والبابونج، أو الأسود العادي، خصوصاً بالنسبة للمصريين، أو شاي بالقرفة والزنجبيل والقرنفل أو شاي دراغون ويل الأخضر الصيني برائحة الكستناء ونكهة الزبد والجوز، وغير ذلك من الأنواع.

الشيف وليد السعيد يستخدم الشاي بأنواعه في الكثير من الوصفات خاصة الحلويات (الشرق الأوسط)

ويرى السعيد أنه «في بعض الأحيان نستخدم نكهات صناعية من دون النظر إلى عواقب إضافة المواد الكيميائية والمضافة إلى طعامنا، في حين أنه يمكن الاستغناء عنها، واللجوء بدلاً من ذلك إلى استخدام الشاي، بوصفه يجمع بين كونه مكوناً طبيعياً، يجنبك تلك المواد الضارة، وكونه مُحمَّلاً بنكهات متنوعة تلائم الأطباق من الحلوة إلى المالحة، والساخنة والباردة».

ويوضِّح السعيد أنه «يمكن لأي وصفة تحتوي على سائل أن تكتسب نكهة جديدة تماماً عند الاستعانة بالشاي في تحضيرها، وذلك عن طريق تحويل هذا السائل إلى شاي، سواء كنت تستبدله بدلاً من الماء أو الحليب أو الشوربة أو غير ذلك».

فطائرالكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند من شيف ميدو (الشرق الأوسط)

لكن كيف يمكن استخدام الشاي في هذه الحالة؟ يجيب السعيد: «إذا كانت الوصفة تتطلب الماء مثل العصائر والسموذي، فقم بتحضير بعض الشاي بدلاً من الماء، عن طريق تحضير كمية كبيرة من الشاي وتجميدها، إما في برطمانات أو قوالب مكعبات الثلج، ثم إضافتها للطعام».

«أما إذا كانت الوصفة تحتوي على مرق أو حليب، فيمكنك نقع هذا السائل بالشاي؛ لإضافة نكهة إضافية مع الفوائد الغذائية: سخن السائل، وانقع الشاي واستخدمه حسب الحاجة في الوصفة، لكن عليك أن تراعي أنك ستحتاج إلى مزيد من استخدام الشاي، مع تجنب نقعه لفترة أطول حتى لا يصبح مراً». هكذا يوضح الشيف المصري.

ومن هنا عند دمج الشاي في الوصفات تحتاج إلى صنع نحو ربع كوب شاي أكثر من استخدامك المعتاد. على سبيل المثال، إذا كانت الوصفة تتطلب كوباً واحداً من السائل، فقم بغلي 1.25 كوب من الشاي.

امزج أوراق الشاي المطحونة مع الأعشاب، واستخدمها كفرك (تتبيل) جاف للحوم المشوية أو المطهوة، ولمزيد من الحرفية مثل الطهاة استخدم معه السكر البني والملح والفلفل الأسود وحبيبات أو بودرة البصل والثوم والزعتر وإكليل الجبل وقشر الليمون، والزنجبيل، وقشر البرتقال، ومسحوق الفلفل الحار، والبهارات، والقرفة أو القرنفل.

ويلفت الشيف السعيد إلى أنه يمكن استخدام الحليب أو الكريمة المنقوعة بالشاي لصنع صلصة البشاميل والصلصات الأخرى على شكل كريمة للفطائر والبطاطس المقلية، علاوة على حساء الكريمة والخضراوات الكريمية، على أن تستخدم للطعم الكريمي في هذه الأطباق شاياً بنكهة لذيذة، تكون من ضمن مكوناته الشاي الأخضر والأرز المنفوخ والذرة، ولذلك يفضل أن يكون شاياً يابانياً.

أما بالنسبة للحلويات فاستخدم مسحوق الماتشا في الخليط. إذا كنت تخبز البسكويت، فيمكنك أيضاً نقع الزبد المذاب بأوراق الشاي الكبيرة الطازجة، ثم تصفية ذلك، وفي حالة ما إذا كانت الوصفة تتطلب الحليب، فقم بنقع الشاي في الحليب الدافئ أو الماء لمدة من 5 إلى 10 دقائق، وأمامك خيار آخر، وهو طحن الشاي إلى مسحوق في محضر الطعام وخلطه مع المكونات الجافة.

«وإذا كنت تبحث عن الاستمتاع بنكهة حلوة خفيفة مع نكهات زهرية أو فاكهة، فجرب إحدى خلطات الشاي العشبية الكثيرة مثل شاي البابونج والحمضيات أو شاي الكركديه أو شاي التوت البري. اطحن الشاي السائب في مطحنة التوابل حتى يتحول إلى مسحوق، واستخدم ملعقتين كبيرتين لكل دفعة من العجين، ولأن الشاي يمتص السوائل، قلل من كمية الدقيق المطلوبة في الوصفة بملعقتين كبيرتين»، بحسب السعيد.

وليس بعيداً عن ذلك، ينصح الشيف ميدو الذي يعد واحداً من الطهاة المصريين الذين اعتادوا على استخدام الشاي في الطعام، ومن أشهر أطباقه في هذا المجال فطائر الكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند، ويصف ذلك بـ«ثنائية اللون محشوة بكريمة الفانيليا ومغطاة باللون الأخضر»، وكذلك يقدم كعكة «شاي إيرل غراي» مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تمنح البقع السوداء الصغيرة من الشاي هذه الكعكة كثيراً من الطعم والرائحة».