بيكاسو يعود برسوماته إلى موطن زوجته أولغا

مجموعة نادرة من أعماله في معرض «بيكاسو: فنان وسط الشعراء»

يضم المعرض 120 رسماً غرافيكياً من رسومات بيكاسو، يملكها مارك باشماكوف، وهو من أشهر هواة جمع اللوحات الفنية في روسيا
يضم المعرض 120 رسماً غرافيكياً من رسومات بيكاسو، يملكها مارك باشماكوف، وهو من أشهر هواة جمع اللوحات الفنية في روسيا
TT

بيكاسو يعود برسوماته إلى موطن زوجته أولغا

يضم المعرض 120 رسماً غرافيكياً من رسومات بيكاسو، يملكها مارك باشماكوف، وهو من أشهر هواة جمع اللوحات الفنية في روسيا
يضم المعرض 120 رسماً غرافيكياً من رسومات بيكاسو، يملكها مارك باشماكوف، وهو من أشهر هواة جمع اللوحات الفنية في روسيا

«بابلو بيكاسو: فنان وسط الشعراء» عنوان معرض أثار اهتمام النقاد، يستضيفه هذه الأيام «متحف الفنون الجميلة» في مدينة كاليننغراد، غرب روسيا. ويقدم المتحف مجموعة مميزة من أعمال بيكاسو، أشهر فناني القرن العشرين، وبصورة خاصة «رسومات غرافيك» أبدعها بيديه، ولم تُعرض على نحو واسع من قبل. وقال منظمو المعرض إنه يضم 120 رسماً غرافيكياً أصلياً من رسومات بيكاسو، يملكها مارك باشماكوف، وهو من أشهر هواة جمع اللوحات الفنية في روسيا. وهذه هي المرة الثانية التي تُعرض فيها تلك المجموعة، بعد عرض أول أقيم بمدينة بطرسبورغ، عاصمة روسيا الثقافية، في متحفها الشهير «الإرميتاج»، نهاية عام 2018.
ومع تنوع لوحات وأعمال معرض «بابلو بيكاسو: فنان وسط الشعراء» التي يقدمها متحف الفنون الجميلة، إلا أن الجزء الأكبر منها عبارة عن أوراق رسم بيكاسو عليها بأقلام الرصاص أو الفحم، وفي كل منها كان يريد التعبير عن فكرة ما تجول بخاطره، أو مشهد حياتي أو اجتماعي لفت انتباهه، أو موقف أثار اهتمامه. كما يضم المعرض رسومات مرفقة ببعض الكتب والأعمال الأدبية، جميعها من النوع الذي يُطلق عليه، وفق التعبير الدارج، «رسومات توضيحية»، إلا أن ما قدمه بيكاسو لم يكن بالضرورة «توضيحياً» للنص المرفق، وإنما رؤيته للشخصيات وأبطال العمل الأدبي، روايةً كان أم شعراً.
لم يقتصر الأمر على عرض رسومات الفنان الإسباني على جدران المتحف بالطريقة التقليدية، فقد استفاد المنظمون من تطور تقنيات «مولتيميديا»، وصمموا صفحة خاصة يمكن لزوار المتحف أن يتعرفوا من خلالها على المعروضات، وعلى جوانب من حياة بيكاسو؛ الفنان الذي برزت موهبته منذ الصغر، ولم تقتصر إبداعاته على الرسم، إذ عُرف عنه أيضاً كتابة قصائد الشعر والمسرحيات الفنية، واهتم بالتمثيل، حيث أدى بعض الأدوار السينمائية البسيطة بشخصيته الحقيقية، وتوفي عام 1973 بعد حياة مثيرة، حصل خلالها على اعتراف عالمي بصفته أبرز فناني عصره، وأسس فيها مدرسة جديدة في الفن هي «المدرسة التكعيبية» الشهيرة. وخلال تجواله بين عواصم الفن العالمية في حينه، تقاطعت دروبه مع روسيا، حيث كان مدير فرقة الباليه الروسية من المعجبين به، واستفاد من قدراته الإبداعية بأن وظفه رسام ديكور لأعمال الفرقة. وكان لتلك الوظيفة مكانة خاصة في حياته، إذ تعرف حينها على أولغا خوخلوفا، راقصة البالية الروسية، وتزوجها، وأنجبت له ابنه باولو.
يقول باشماكوف، هاوي جمع اللوحات الفنية، صاحب مجموعة «رسومات غرافيك بيكاسو»، إن المعرض ليس مجرد رسومات، يمكن للزوار الاستمتاع بالنظر إليها وتأمل معانيها، وإنما هو أيضاً فرصة لرؤية «كيف تمضي أعمال بيكاسو حياتها وكيف تعيش»، ومثل رحلة مع تلك اللوحات في عالم أشهر فناني القرن العشرين، التي تتيح للزوار متعة النظر إلى العالم بأعين بيكاسو نفسه.
ويستمر عمل معرض رسومات بيكاسو لغاية 25 مايو (أيار) المقبل، ولن يتم عرضها مجدداً في وقت قريب، وذلك لأن «رسومات الغرافيك يجب أن تبقى في أجواء من الظلمة، وهذا أمر ضروري للحفاظ عليها باعتبارها رسومات أصلية»، وفق ما يقول باشماكوف، الخبير في آليات الحفاظ على اللوحات القديمة، وحمايتها من أي عوامل قد تسبب تلفها بسرعة. وأشار في الوقت ذاته إلى تلقي طلبات كثيرة من عدد كبير من صالات العرض والمتاحف لاستضافة مجموعته من لوحات بيكاسو، ووعد بالاستجابة لجميع الطلبات، لكن بما لا يضر بالأعمال الفنية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».