فرضت التطورات الأخيرة للأوضاع في السودان وإطاحة الرئيس عمر حسن البشير، وتسلم المجلس العسكري الانتقالي مقاليد الحكم، نفسها على جلسة عقدها مجلس الأمن كانت مقررة سابقاً للنظر حصراً في العملية الانتقالية للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور «يوناميد» مع اقتراب موعد التجديد لها في يونيو (حزيران) المقبل، في ظل تزايد المطالب الدولية والأميركية بضرورة الانتقال سريعاً إلى الحكم المدني الديمقراطي في هذا البلد العربي الأفريقي.
وأفادت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، أن الولايات المتحدة تدعم انتقالاً سلمياً ديمقراطياً يقوده المدنيون في السودان، مضيفةً أن السودان لا يزال مصنفاً دولة داعمة للإرهاب في الولايات المتحدة. وشددت على أن سياسات واشنطن حيال السودان تستند إلى «تقييمنا للأحداث على الأرض وأفعال السلطات الانتقالية»، موضحةً أن بلادها «متشجعة» بإطلاق المعتقلين السياسيين وإلغاء المجلس العسكري الانتقالي لحظر التجول. وقالت إن الولايات المتحدة تريد من المجلس العسكري والوحدات المسلحة الأخرى «التحلي بضبط النفس وتجنب النزاع وإبقاء التزامها حماية الشعب السوداني». وأضافت أن «إرادة الشعب السوداني واضحة: حان وقت التحرك في اتجاه حكومة انتقالية جامعة تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون».
مجلس الأمن في نيويورك
وأشار رئيس «يوناميد» جيريمايا مامابولو، في إفادة أمام مجلس الأمن، أولاً إلى إطاحة البشير، ثم إلى استقالة نائب الرئيس وزير الدفاع السابق عوض بن عوف بعد يوم واحد من تسلمه رئاسة المجلس العسكري استجابةً للمطالب الشعبية للمتظاهرين الذين قادوا مطالب التغيير، وصولاً إلى تعيين الفريق الأول الركن عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن سلسلة خطوات تهدف إلى استقرار الوضع شملت، بين تدابير أخرى، رفع حظر التجول اليومي، وإطلاق المعتقلين السياسيين، ووقف النار في كل أنحاء البلاد. وأشار إلى استمرار الاحتجاجات في الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد، فضلاً عن الاعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلحة السودانية، والمطالب بنقل السلطة فوراً إلى المدنيين. كما أشار إلى أن المجلس الانتقالي العسكري بدأ حواراً مع قوى إعلان الحرية والتغيير حول آلية انتقالية مجدية تكون شاملة وممثِّلة لجميع السودانيين.
شأن داخلي
وأكد المندوب الكويتي الدائم منصور العتيبي، أن «الأحداث التي تتكشف في السودان تشكل مسألة داخلية لا يجب على الكيانات الخارجية التدخل فيها».
وشدد ممثل الصين على أهمية احترام القرارات التي يتخذها شعب السودان والالتزام بمبدأ عدم التدخل، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
أما ممثل الاتحاد الروسي فرأى «عدم وجود أسباب لربط أحداث 11 أبريل (نيسان) بمستقبل العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور».
وشدد القائم بالأعمال السوداني على الطبيعة المحلية للأحداث التي وقعت في بلاده منذ ديسمبر (كانون الأول)، قائلاً إنه «تمشياً مع ميثاق الأمم المتحدة، لا يوجد مبرر للمجلس لمناقشة الأمر». وأضاف أن «الوضع الاستثنائي يستدعي أقصى درجات الحذر حتى يتمكن جميع أصحاب المصلحة من إكمال انتقال سلس وتغيير ديمقراطي» في السودان.
وأعلن وزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن لشهر أبريل الجاري، نيلز آنين، أنه «لا يمكننا ببساطة فصل التطورات السياسية في الخرطوم عن عملنا المشترك بشأن العملية المختلطة». وأكد «الحاجة إلى علاقة تعاونية بين سلطات اتخاذ القرار الوطني والمجتمع الدولي والأمم المتحدة»، مشدداً على أنه «إذا كنا نريد المضي في التخطيط لما بعد العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور، فمن الضروري أن نُجري محادثات معمّقة مع السودان»، مشيراً إلى غياب نظير من الجانب السوداني للمشاركة معه في الحوار.
وكرر ممثل نائب المندوب البريطاني جوناثان آلن، دعوة الاتحاد الأفريقي إلى «العودة السريعة للحكم المدني في السودان»، مطالباً المجلس الانتقالي العسكري بـ«الاستجابة لأصوات الشعب، وحماية المحتجين، ودعم حقوق الإنسان».
وقال القائم بأعمال البعثة الأميركية جوناثان كوهين، إن «الاستعراض الاستراتيجي المقبل للعملية المختلطة ينبغي أن يأخذ في الاعتبار تأثير الأحداث الأخيرة على دارفور، بما في ذلك قدرة الحكومة على حماية سكان المنطقة وتوفير الحماية لهم». وأضاف أنه «إذا لم تستطع الحكومة القيام بذلك، فإن الولايات المتحدة تؤيد أن يدرس المجلس جميع الخيارات».
وقال ممثل جنوب أفريقيا إنه «يتعين على شعب السودان اغتنام الفرصة لمعالجة خلافاته بطريقة شاملة لأنّ تطوَّر دارفور مرتبط بتنمية البلد والمنطقة ككل». وأضاف أن عملية الانتقال الموثوقة والشفافة ستساعد على توحيد الأمة السودانية، داعياً المجلس إلى أن «يقف وراء طموحات الشعب وأن يسترشد بالنهج الإقليمي من خلال الاتحاد الأفريقي، خصوصاً البيان الصادر في 15 أبريل الماضي».