قال الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان إنه يعدّ نفسه من المقدمين التلفزيونيين الأوائل الذين كسروا قاعدة احتكار محطة تلفزيونية واحدة لهم. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كان ذلك منذ تجربتي الأولى في عالم التقديم. ويعود الفضل فيها لقناة (الجديد)، التي وثقت في قدراتي الإعلامية يومها، ألغيت ما يسمونه الاحتكار لمنتج اسمه نيشان. انفتحت على كافة الفضائيات العربية والمحطات المحلية. وتنقلت ما بين (إم بي سي)، و(الحياة) و(النهار) المصريتين، وكذلك عملت في (إم تي في) و(إل بي سي).
حينها كان السائد في عالمنا أن من يتنقل كثيراً يكون غير مرغوب فيه. إذ درجت العادة أن يرتبط اسم المقدم بمحطة معينة تحت عنوان الوفاء لها. لكني اخترت الوفاء لمهنتي وللمحطات طيلة الوقت التي كنت أتعاون معها». وعن التغييرات التي طرأت على سياسات التلفزيونات، ولا سيما أنه من الإعلاميين المخضرمين، يرد: «لم يعد هناك من مواهب تقديم تدمغ على الشاشة الصغيرة. فهناك جيل معين توقف عنده شغف وحب المهنة؛ لذلك صرنا نتابع مقدمي تلفزيون أصبحوا بمثابة امتداد لوسائل التواصل الاجتماعي. فالمهارات اختلفت، خصوصاً وأن تلك الخاصة بالـ(سوشيال ميديا) لا تشبه لا من بعيد ولا من قريب التي ترتبط بمحطات التلفزة. فإن أسوأ ما أفرزته تلك الوسائل هو الاستسهال، أي صارت الكاميرا بمتناول يديك ولا حاجة إلى انتظار إشارة من المخرج كي يبدأ التصوير. فاليوم اختلفت نكهة التقديم، وانكسرت هيبة الكاميرا التي ما زلت حتى الساعة أحسب لها مائة حساب».
ويتابع في سياق حديثه: «يتردد اليوم أنه لم يعد هناك صحافيون، بل مدعو صحافة على بعض المواقع الإلكترونية. والشيء نفسه يطبق على عالم التقديم التلفزيوني». وكونه أستاذاً جامعياً وعلى احتكاك دائم مع جيل الشباب؛ سألناه عما إذا لاحظ خفوت انبهارهم بعالم التلفزيون على حساب تلك الوسائل، يوضح: «لقد خفت اهتمامهم بشكل عام بالعلوم البصرية والسمعية؛ لأنهم صاروا على معرفة جيدة بها حتى قبل دخولهم الجامعة.
وحالياً تروج اختصاصات أخرى في عالم الميديا (علم التواصل الاجتماعي) و(التسويق الافتراضي)، وما إلى هنالك من اختصاصات. إلا أن ذلك قابله البحث عن الشهرة. ففي الماضي كنا نحلم بالنجاح على الشاشة الصغيرة. أما الهدف الرئيسي الذي يشغل الجيل الجديد فهو الانتماء إلى هذا العالم (الشهرة) بأي ثمن. والمضحك المبكي أن بعض هؤلاء يطلقون على أنفسهم اسم (شخصية عامة) (public figure) ، محددين مواصفات الإعلامي بالشهرة الافتراضية. ولا أعلم لماذا ينتحلون هذه الصفة، وعن أي قصد؟ فلا ضوابط تحدد مواصفاته بينما الإعلامي يعرف عادة بمقدم أو مذيع أو إعلامي.
كما أن هناك أيضاً موجة (المؤثرين)، التي لا نعرف على من تمارس؟ وما هي مواصفاتها؟ وفي رأيي، هذه الموجة مؤقتة ولن تكون مؤثرة يوماً؛ لأن المشاهير من فنانين ونجوم رياضة وغناء وغيرهم سيبقون من يحصد أكبر عدد من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي. فهؤلاء حددوا المجال الذين يعملون فيه منذ بداياتهم. واليوم مثلاً إذا صورت نانسي عجرم إعلاناً لمسحوق غسيل أو ماركة مجوهرات وغيرها، فهي لا شك ستحصد متابعة مرتفعة تفوق أضعاف ما يحققه (المؤثرون)». ويستطرد: «لا أعني بذلك التقليل من أهميتهم بتاتاً؛ إذ لكل عصر أسياده».
ونيشان الذي انتهى مؤخراً من تصوير برنامج تلفزيوني جديد من إنتاج شركة «استوديو فيزيون» يحمل عنوان «توأم روحي» سيعرض على إحدى القنوات العربية يحكي عنه بحماس، ويقول: «إنه بمثابة العودة إلى برامج الحوارات الدسمة والراقية معا. واستقبل فيه ثنائياً متزوجاً يحدثاني عن كيفية معرفة كل منهما بالآخر منذ اللحظة الأولى، مروراً بليلة الزفاف وشهر العسل، وصولاً إلى الشراكة التي يعيشانها اليوم. ومن بين هؤلاء متزوجون قدامى أمثال جورجينا رزق ووليد توفيق، وأصالة وطارق العريان، وحديثو العهد أمثال أنغام والموسيقي أحمد إبراهيم، وكثيرون غيرهم ممن يتحدثون في هذا الموضوع لأول مرة على الشاشة الصغيرة».
ويتابع: «البرامج أصبحت اليوم كالمسلسلات هناك من ينتجها ويهتم بتوزيعها وببيعها، وهذا ما حصل بيني وبين (استوديو فيزيون)؛ إذ وقّعت على اتفاق يعطيها الحق بأن تعرض البرنامج على القناة التي تختارها شرط ألا تكون متعاملة مع إسرائيل أو يوجه بثها إليها».
وعن الثنائي الذي لفته واستمتع بمحاورته، يقول: «كنت سعيداً بلقاء كثيرين وبينهم جورجينا رزق (ملكة جمال الكون سابقاً) وزوجها النجم وليد توفيق. فهي لم تطل على عالم الإعلام منذ عام 1999، وعندما اتصلت بها شركة الإنتاج التي تولت مهمة الاتصال بجميع الضيوف، وافقت فوراً ودون تردد عندما عرفت بأني من سيحاورها. فهي في رأيي طابع بريدي حفر في أذهان اللبنانيين فكتب له الخلود على صفحات السياحة والفن. كما أنها اسم رديف للجمال الذي لا يقهر ولا منافس له».
ومن الأسماء التي يستقبلها في حلقات برنامجه الـ13، أسماء المنور وسميرة سعيد، «معهما كسرت القاعدة؛ كونهما من عداد المطلقات اليوم، لكنهما تتحدثان عن تجاربهما مع الزواج لأول مرة». وفي رأيك من لا يفوت فرصة اللقاء بالآخر، نيشان أم الضيف؟ ويرد: «الفنان يدرك تماماً أن إطلالته معي تحمل الفرق؛ كونها تجري على أرض ثرية بحوار تلفزيوني (عالبال). أما من ناحيتي فحسي الصحافي والفضول والتوق للتواصل مع جيل جديد من الفنانين يحفزني على إجراء اللقاء. وأحياناً أرفضه إذا كانت الشخصية لا تضيف إلى مشواري».
ويعترف نيشان بأنه يتابع مختلف المقدمين التلفزيونيين في لبنان والمغرب والخليج العربي ومصر وغيرها، لكنه لا يستمتع إلا بمشاهدة حواراته. «في الماضي كان عنصر الانبهار بإعلاميين مخضرمين تحصيل حاصل عندي، أما اليوم فما عدت أجد من يجذبني في حواراته سوى أوبرا ونفري وعرض (إيلين ذي جينيريس).
كما أن وسائل التواصل سرقت متعة متابعة حلقة برنامج كامل بعد أن صارت تستخدم عناوين مصورة قصيرة لا تتعدى الدقيقة الواحدة. فتحمل موقفاً نافراً يختصر بذلك محتوى حلقة كاملة على طريقتها ويحدث السبق المرجو ويصبح «تراند الساعة». فإنا لا أحبذ النزعات هذه (التراند) ولطالما جاهدت كي أصنع من اسمي ماركة (براند) لا تموت بعد مرور ساعات قليلة على انتشارها».
وعما إذا مقولة انتهاء صلاحية المذيعة أو المذيع التلفزيوني لا تزال قائمة، يوضح: «تبين بأن الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي لا يهمهم هذا الموضوع، وبذلك تكون تلك الوسائل ألغت هذه القاعدة تماماً. أما التلفزيونات التقليدية في لبنان والتي يديرها أشخاص تقليديون أيضاً، فلا تزال تقدم العمر على الموهبة والمحتوى الجيد، في حين سبقتنا دول عربية أخرى كالسعودية والإمارات في اللجوء إلى دم الشباب في إدارة محطة ووزارة ولصنع قراراتها. وهو أمر لفتني عندما شاركت في منتدى (مسك) السعودي؛ إذ كان الفريق المنظم بأكمله من الشباب الجامعي».
وعن برنامجه «أنا هيك» الذي يعرض حالياً على شاشة «الجديد» اللبنانية، يقول: «هو الأول من نوعه، ويتطرق بشمولية مطلقة إلى حالات خارجة عن المألوف لا يتقبلها الناس بشكل عام. لكنه استطاع أن يبرز على الساحة الإعلامية بحيث دفع بمحطات أخرى لإنتاج ما يشبهه». وعما أضاف إليه هذا البرنامج الذي يعد نقلة نوعية في مسيرته الإعلامية، يقول: «بعد أن أصابني الملل من الحوارات الفنية، ولا سيما أن الساحة لم تفرز سوى عدد قليل من الفنانين الذين يسترعون الانتباه لمحاورتهم قمت بهذه الخطوة الجديدة. وتعلمت أن برنامج لا يستضيف النجوم ينجح أيضاً. فلقد كان لدي مفهوم منقوص بأن النجاح في الحوار يعني استضافة نجوم صفين أول وثانٍ. وكذلك تعلمت أن هناك أشخاصاً يستحقون تسليط الضوء عليهم لأنهم يتميزون بقدرات لافتة رغم أنهم يعدون حالات نادرة في المجتمع لسبب أو لآخر. فأنا ممتن لقناة (الجديد) التي ساهمت في صناعة اسمي فجاء (أنا هيك) ليركز على هذا الاسم. إذ كان بعض الخبثاء يربطون نجاحي بأسماء النجوم ضيوفي والديكورات والميزانيات الضخمة التي كانت ترافق برامج مثل (مايسترو).
ومع (أنا هيك) الذي لا تتجاوز كلفة ميزانيته بضع آلاف الدولارات، وأستقبل فيه ضيوفاً من عامة الناس، استطعت إحداث الفرق، والبقية تأتي في موسم جديد أرغب في أن يكون مختلفاً عما سبقه». وماذا عن الردود السلبية التي يتلقاها بسبب حلقات معينة منه، يوضح: «لقد فككت الحظر (البلوك) مؤخراً عن أكثر من 4000 متابع لي على حسابي على موقع (تويتر)؛ إذ كانوا يتناولون حلقات البرنامج بسلبية وإسفاف. لكني اليوم فتحت أمامهم باب الانتقاد المباشر بعد أن صار لدي إيمان بأن حرية التعبير ضرورة، فهي موجودة في جميع الأحوال. والكلام السلبي لم يعد يجرحني أو يؤذيني فانعكست مفاعيل برنامج (أنا هيك) عليّ أيضاً، وصرت أتقبل الجميع».
نيشان ديرهاروتونيان: مقدمو البرامج اليوم امتداد لوسائل التواصل الاجتماعي
انتهى من تصوير برنامجه التلفزيوني «توأم روحي»
نيشان ديرهاروتونيان: مقدمو البرامج اليوم امتداد لوسائل التواصل الاجتماعي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة