معرض «سلفاتوري فيراغامو» يسلط الضوء على الموضة المستدامة

انطلقت فعاليات معرض «التفكير المستدام» في 12 أبريل (نيسان) 2019، في متحف سلفاتوري فيراغامو. ويتناول المعرض هذه السنة مبدأ الاستدامة، وكيف يمكن أن تتبناها الموضة من دون أن تؤثر على قيمتها الفنية أو الجمالية، بل على العكس، بدليل تاريخ الدار في هذا المجال منذ تأسيسها في بداية القرن الماضي. فالمعرض يتتبع هذه الظاهرة من عهد مؤسِس الدار، سلفاتوري فيراغامو، الذي كان رائداً في استخدام المواد الطبيعية والمعادة التدوير بأشكال مبتكرة لم تؤثر يوماً على قيمتها أو حجم الإقبال عليها، من قبل نجمات هوليوود أو المرأة العارفة على حد سواء. ولم يتغير الوضع إلى الآن، فالدار لا تزال تقوم باختبارات شتى بحثاً عن المواد والتقنيات التي تراعي البيئة، وفي الوقت ذاته متطلبات الجيل الجديد من منتجات معاصرة؛ معادلة حققتها بفضل إصرارها وتحفيز حرفييها على البحث الدائم.
وبدا واضحاً أن التركيز في المعرض كان على الناحية الفنية والثقافية للموضة من زاوية الاستدامة، وذلك بدعوة الحضور لتأمل ما آلت إليه البيئة بسبب اللامبالاة والاستسهال، وضرورة حمايتها، لا سيما أن الحاجة إلى ذلك أصبحت ملحة، وسلبيات اللامبالاة تتفاقم مع مرور الأيام.
ويستعرض المعرض أيضاً أعمال الفنانين ومصممي الأزياء العالميين الذين يطرحون رؤيتهم الخاصة حول حماية البيئة، والصلة الوثيقة التي تربطها بالتقنيات والمواد العضوية وإعادة التدوير، وغيرها، وكيف أن أعمالهم تبدو عصرية مواكبة للتطور، من دون أن تتنازل عن مفهوم الأناقة. هذا وأمور كثيرة أخرى تستهدف تسليط الضوء على أهمية الالتزام الجماعي، واتباع طرق تفكير منفتحة على الإبداع أكثر.
وليس غريباً أن تتصدر الأقمشة والخامات عموماً النقاش، لتكون العنوان العريض للمعرض. وتبدأ الرحلة مع البحوث الأولية التي أجراها سلفاتوري فيراغامو في هذا المجال في العشرينات، وتشمل منسوجات القنب والسيلوفان وجلد السمك. خامات كانت شبه ثورية في ذلك الحين، لكنها أكدت استمراريتها إلى اليوم بفضل تطور التقنيات. بعد ذلك، ينتقل إلى بعض الحكايات وراء الأقمشة الفاخرة التي أعاد تدويرها وتحويلها إلى تصاميم جديدة في غاية الأناقة. الرسالة التي يريد المعرض أن يوصلها إلى زواره أنه بفضل الاختبارات وزيادة الوعي، يمكن للتقنيات المتطورة أن تفتح الباب أمام التغيير الإيجابي، وذلك بإعادة اكتشاف الألياف الطبيعية، أو إعادة صياغتها بمفهوم جديد.
وبما أن المؤسس تخصص في مجال الأحذية أساساً، كان من البديهي أن يضم المعرض مجموعة من الأحذية الأصلية التي تم تصميمها في القرن الماضي، وتحديداً من العشرينات إلى الخمسينات من القرن الماضي، ولا تزال تحتفظ بها الدار في أرشيفها التاريخي، لأنها تجسيد رائع لمفهوم الاستدامة، كما تشهد على أن الإبداع لا يتأثر بزمن.
ونظراً لأهمية المعرض، والرسالة التي يحملها، فإنه لن يقتصر على متحف سلفاتوري فيراغامو، حيث أعد سيرجيو ريزاليتي، أحد المنظمين، متحفين آخرين في فلورنسا، لاستيعاب المزيد من الجماهير، من الآن حتى شهر يوليو (تموز): الأول في «بلاتزو فيكيو»، والثاني «متحف نوفيتشانتو»، بينما ستستمر فعاليات معرض سلفاتوري فيراغامو حتى 8 مارس (آذار) 2020.