«قرية الباحة التراثية» معلم سياحي تدعمه يد الاهتمام الحكومي بـ35 مليون ريال

تعد مقصد الزوار والمتنزهين.. وتمتد على مساحة 100 ألف متر مربع

الأمير مشاري بن سعود يطلع على نموذج المشروع ({الشرق الأوسط})
الأمير مشاري بن سعود يطلع على نموذج المشروع ({الشرق الأوسط})
TT

«قرية الباحة التراثية» معلم سياحي تدعمه يد الاهتمام الحكومي بـ35 مليون ريال

الأمير مشاري بن سعود يطلع على نموذج المشروع ({الشرق الأوسط})
الأمير مشاري بن سعود يطلع على نموذج المشروع ({الشرق الأوسط})

يعد مشروع القرية التراثية بالباحة (غرب السعودية)، الذي وجّه ببنائه الأمير مشاري بن سعود، أمير المنطقة؛ مركزا تراثيا وسياحيا جاذبا يخدم السياحة ويعزز مقوماتها وهويتها كوجهة سياحية يؤمها المصطافون من أنحاء المملكة ودول الخليج بأعداد كبيرة، خاصة في فصل الصيف، حيث اعتدال الجو والمناظر الطبيعية في أكثر من 40 غابة تنتشر في سراة المنطقة.
ويأتي المشروع الذي تم توقيع عقد تصميمه بين مدينة الباحة ومحافظة القرى، بتكلفة إنشائية تفوق 35 مليون ريال، ويمتد على مساحة تزيد على 100 ألف متر مربع، فيما تحتوي جنباته على مسرح شعبي يتسع لأكثر من خمسة آلاف شخص، وساحات شعبية، ومسجد يتسع لـ500 مصل، إضافة إلى مدينة ألعاب وكبائن فندقية ووحدات سكنية، ومعرض تسوق ومحال تجارية ومطاعم وصالة عرض تراثية لإبراز تراث المنطقة.
ويشهد مشروع القرية التراثية بالباحة تضافر جهود مختلف الجهات المعنية، وعلى رأسها أمانة المنطقة، التي أكملت منذ مطلع السنة الهجرية الحالية تجهيز المراحل الأولية للمشروع، وبناء بعض أجزائه الرئيسية؛ تمهيدا لاستكمال المرحلة الأولى التي سيكون العمل فيها متوافقا ومتناغما مع المتطلبات العصرية لصناعة السياحة.
وأشار الدكتور حامد الشمري، وكيل إمارة منطقة الباحة، إلى اهتمام أمير المنطقة بمختلف الأمور المتعلقة بالقرية التراثية، سواء من ناحية التصميم أو التنفيذ، مؤكدا أن ذلك الاهتمام يأتي في إطار أن تكون القرية مواكبة ومستوحاة من بيئة المنطقة وملبّية للطموحات.
ولمح إلى تطلعه لأن تكون القرية واجهة سياحية في مدخل المنطقة من الجهة الشمالية، تبرز الموروث الشعبي للمنطقة بمختلف أطيافه، وتعمل على تنظيم مختلف الفعاليات والأنشطة التي تلبي جميع رغبات السياح، مشيدا بجهود مختلف الجهات المعنية بتصميم وتنفيذ القرية.
وقال وكيل إمارة منطقة الباحة: «القرية التراثية تعد إحدى الوسائل المهمة لتفعيل النشاط الثقافي، كونها تأتي جنبا إلى جنب مع القرى الأثرية التي أثبتت الاستطلاعات والتجارب الدولية أهميتها كوعاء لإقامة الفعاليات الثقافية والتراثية».
من جانبه، أوضح المهندس محمد المجلي، أمين منطقة الباحة، أن قيمة العقد للمرحلة الأولى من المشروع، تبلغ ستة ملايين ريال، تشمل إنشاء مسرح مكشوف على شكل المسرح الروماني، وساحة احتفالات تتسع لنحو خمسة آلاف شخص، ومنصة رئيسية لكبار الشخصيات والزوار، مشيرا إلى أن مدة تنفيذ المشروع تصل إلى 720 يوما.
وبيَّن أنه سيُطرح قريبا استكمال المشروع بمبلغ ثلاثة ملايين ريال، يشمل مرحلة تجهيز الموقع العام من سفلتة وإنارة وأرصفة وتشجير وتجميل الموقع العام، وعمل بوابة جمالية بجوار الموقع ومرتبطة بالشكل المعماري للقرية التراثية التي سيتم إنشاؤها بجوار الساحة.
يشار إلى أن منطقة الباحة تحتفظ بتراث متنوع يقع تحت أكثر من ستة أسقف خاصة بمواطنين جمعوا فيها بجهود ذاتية آلاف التحف والقطع الأثرية، يطالبون بضم متاحفهم إلى الهيئة العليا للسياحة، إما بالشراء أو بالدعم، ليواصلوا مشاركاتهم في برامج السياحة التي تقام صيف كل عام.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».