الهلال يتحفز لاقتناص أولى جوائز الموسم الكروي

بات قريباً من نيل 22 مليون ريال في مدينة العين

كارليتو والدوسري يحتفلان بتأهل الهلال للنهائي العربي (تصوير: محمد المانع)
كارليتو والدوسري يحتفلان بتأهل الهلال للنهائي العربي (تصوير: محمد المانع)
TT

الهلال يتحفز لاقتناص أولى جوائز الموسم الكروي

كارليتو والدوسري يحتفلان بتأهل الهلال للنهائي العربي (تصوير: محمد المانع)
كارليتو والدوسري يحتفلان بتأهل الهلال للنهائي العربي (تصوير: محمد المانع)

يتطلع فريق الهلال إلى اقتناص أولى ثمار الموسم الكروي، من خلال تحقيقه لقب كأس زايد للأندية العربية الأبطال، عندما يلتقي النجم الساحلي التونسي غدا الخميس في نهائي البطولة الذي سيجري في مدينة العين الإماراتية.
ويغيب اللقب العربي عن خزائن الأندية السعودية منذ عام 2004، لذا فإن الهلال سيضرب عصفورين بحجر عندما يتمكن من إحراز البطولة، إذ سيكون له الفضل في استعادة الكرة السعودية لمجدها العربي، وكذلك الحصول على مكافأة هي الأضخم في تاريخ المسابقات العربية والآسيوية والبالغة 22.5 مليون ريال، بينما سيمنح الفريق الوصيف 11 مليون ريال.
وعلى الأرجح لن يفرط الهلال الصديق الدائم لمنصات التتويج في هذه الفرصة التاريخية، ليقف على زعامة الأندية العربية بتحقيق البطولة الثالثة وتجيير المبلغ المالي الضخم في خزائنه المالية.
ولم يخيب الهلال السعودي توقعات النقاد والمحللين في بلوغه لنهائي البطولة، وصادق على جميع الترشيحات التي صبت لصالحه منذ الجولة الافتتاحية التي واجه فيها الشباب العماني وتجاوزه في مواجهة الذهاب بهدف دون رد، وبذات النتيجة في جولة الإياب، ومن عمان توجه الفريق العاصمي السعودي لمحافظة أربيل لمواجهة النفط العراقي، ودك حصونه برباعية في الرياض، وبثنائية نظيفة في أربيل، وواصل «الزعيم» السعودي سطوته في البطولة العربية، ومن العراق توجه الهلال لمصر وأطاح بالاتحاد السكندري في الدوري ربع النهائي وتخطاه في الرياض بثلاثية نظيفة، وتعادل معه في الإياب بنتيجة سلبية.
ورغم المستويات الرائعة التي قدمها الفريق المصري في الأدوار الإقصائية الأولى حيث تخطى الزمالك المصري والترجي التونسي، وهما من الأندية التي كانت مرشحة لبلوغ النهائي، بيد أنه اصطدم بقوة وشراسة الهلال، الذي كان مغايرا تماماً عن الأندية التي سبقته، ولم يجد الفريق السعودي صعوبة في تجاوز الاتحاد السكندري، وظلت شباك أزرق العاصمة نظيفة طيلة 540 دقيقة لعب في هذه البطولة، حيث لم تهتز شباك عبد الله المعيوف في الثلاث مواجهات التي وصل معها الهلال لنصف نهائي البطولة، واستمرت الشباك الهلالية نظيفة من الأهداف في مواجهة الذهاب التي وضعت قدم الهلال في النهائي بعد تخطيه الأهلي السعودي في «كلاسيكو» سعودي بنكهة عربية. بيد أن عذرية الشباك الهلالية «648 دقيقة» لم تصمد أمام المد الهجومي الأهلاوي، حيث أحرز التشيلي باولو هدفا في الشباك الهلالية للمرة الأولى في البطولة بعد مرور 18 دقيقة من مواجهة الإياب، غير أن المعيوف، عوض الهدف الذي ولج في شباكه، وكان رجل المباراة الأول وتصدى لأهداف أهلاوية محققة في شوط المباراة الأول، وواصل تألقه، وكان العلامة الفارقة في ركلات الترجيح وأثبت المقولة الرياضية «الحارس نصف الفريق» بتصديه لثلاث ركلات من أقدام لاعبي الأهلي كانت كفيلة ببلوغ الهلال للمباراة النهائي، على الرغم من تقدم الأهلي في بداية الركلات الترجيحية، فإن المعيوف كان في الموعد وعريس الأمسية الرياضية، وبطل الغلاف على الصحف الورقية والمادة الرئيسية في البرامج والنشرات الرياضية السعودية والعربية.
وبدت ثقافة الأندية الكبيرة حاضرة في مباريات الهلال، على الرغم من الهزات الفنية التي تعرض لها، ما بين الإصابات التي حرمته من أبرز اللاعبين يتقدمهم الإماراتي عمر عبد الرحمن الذي غاب في بداية الموسم الحالي بسبب تعرضه لإصابة بقطع بالرباط الصليبي، وعبد الله عطيف، ونواف العابد، وسلمان الفرج، والعماني علي الحبسي والبرازيلي إدواردو والإسباني سوريانو، وياسر الشهراني الذي غاب هو الآخر عن عدد من المباريات، وهو ما ينطبق تماماً على محمد البريك، علاوة عن الاستغناء عن الجهاز الفني السابق بقيادة البرتغالي خيسوس وتعويضه بالكرواتي زوران، إلا أن ثقافة البطولات مزروعة داخل اللاعبين، ولم يتأثر الفريق السعودي بهذه الغيابات العريضة التي حرمت الفريق من خدماتهم في غالبية المباريات، وزادت هذه الظروف الصعبة الهلاليين قوة وصلابة وثبات في الطريق نحو المباراة النهائية.
وتعاقب على تدريب الفريق الأزرق في هذه البطولة البرتغالي خسيوس والكرواتي زوران، حيث قاده الأول في المواجهات الست الأولى، وسار به إلى بر الأمان بعدما تخطى الشباب العماني والنفط العراقي والاتحاد السكندري، ولم تهتز شباك الهلال مع البرتغالي، وأحرز معه الهجوم الأزرق 9 أهداف، فيما فشل الكرواتي في المحافظة على الرقم التاريخي المسجل باسم الهلال كأول فريق يصل للنهائي دون أن تهتز شباكه، وتلقى الهلال الهدف الأول في البطولة في مواجهة الإياب من الأهلي، كما اكتفى زوران بتسجيل هدف وحيد في مواجهة الذهاب، وفشل في التسجيل في الإياب، وهي المباراة الثانية للهلال في البطولة العربية التي لا يحرز فيها الأهداف بعد مواجهة إياب الاتحاد السكندري، لكن الهلاليون دخلوا هذه المباراة باللاعبين البدلاء بعد الاطمئنان على نتيجة الذهاب 3 - 0.
تخطي الهلال لجميع الصعاب التي واجهته بداية من الدور الأول، وحتى مواجهة الأهلي السعودي التي حسمها بركلات الترجيح لصالحه، لم يكن مستغرباً على فريق يحارب على 4 جبهات، حيث يتصدر الهلال الدوري المحلي وسط منافسة شرسة من غريمه التقليدي النصر، قبل نهاية الدوري بثلاث جولات، ويقف على صدارة المجموعة الثالثة في دوري أبطال آسيا، وبات قريباً من حجز أحد المقاعد المؤهلة للأدوار الإقصائية في البطولة القارية، كما بلغ الدور نصف النهائي من بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، وتنتظره مواجهة حاسمة أمام التعاون نهاية الشهر الحالي، ولن يرضى الهلاليون بغير تحقيق لقب كأس الملك السعودي، والتتويج ببطولة الدوري للمرة الثالثة على التوالي. ويعتبر الهلال أحد طرفي السوبر السعودي مع الاتحاد السعودي والذي كان من المقرر إقامته قبل انطلاق منافسات الموسم الحالي لكن الاتحاد السعودي لكرة القدم قرر إلغاء هذه النسخة من البطولة، وهو ما سيدفع الفريق لتحقيق البطولة العربية لتحقيق الرباعية للمرة الأولى في تاريخ النادي السعودي.


مقالات ذات صلة

عودة كانتي إلى الديوك تأكيد على قوة الدوري السعودي

رياضة سعودية كانتي وبنزيمة نقيضان فرنسيان في النجاح والفشل هذا الموسم (تصوير: عدنان مهدلي)

عودة كانتي إلى الديوك تأكيد على قوة الدوري السعودي

شكلت عودة النجم المخضرم نغولو كانتي إلى صفوف المنتخب الفرنسي في كأس أمم أوروبا الحالية، واحدة من شهادات النجاح المتعددة للدوري السعودي للمحترفين هذا الموسم،

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عالمية عبدالحميد يرتقي للكرة من أمام بروزوفيتش لاعب النصر في إحدى ديربيات قطبي الرياض (تصوير: عبدالعزيز النومان)

الإعارة الأوروبية... طريق عبد الحميد للعبور إلى «البريميرليغ»

صعد اسم اللاعب الشاب سعود عبد الحميد نجم دفاع الهلال والمنتخب السعودي، إلى واجهة الأحداث الرياضية خلال الأيام الأخيرة، بعدما أشارت تقارير صحافية إلى اهتمام

نواف العقيّل (الرياض)
رياضة سعودية موراتا محتفلاً بهدفه في مرمى كرواتيا اليوم في «يورو 2024» (إ.ب.أ)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: موراتا يطمح للانتقال إلى الدوري السعودي

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الإسباني المخضرم، ألفارو موراتا، بات مرشحاً للظهور في منافسات الدوري السعودي للمحترفين الموسم المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية ألونسو سجل إنجازا تاريخيا مع ليفركوزن بإحرازه لقب الدوري الألماني هذا الموسم (د.ب.أ)

على غرار ألونسو وأرتيتا... هل يجد المدربون الشباب موضع قدم في «الدوري السعودي»؟

شهد الدوري السعودي للمحترفين، في مواسمه الأخيرة، صعوداً ملحوظاً ولافتاً من حيث مستوى المحترفين الذين جرى استقدامهم، أو على صعيد البنية التحتية للأندية والملاعب.

سعد السبيعي (الدمام)
رياضة سعودية جيرارد يتطلع لتسجيل بصمة تاريخية مع الاتفاق في الموسم الجديد (نادي الاتفاق)

الاتفاق بين مطالب جيرارد وغربلة اللاعبين الأجانب

تنتظر إدارة نادي الاتفاق، برئاسة سامر المسحل، كثيراً من المهمات والتحديات هذا الصيف، بعد أن قدّم المدرب الإنجليزي ستفين جيرارد كثيراً من الطلبات، منها ما يتعلق

علي القطان (الدمام)

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
TT

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2004، قام طفل يبلغ من العمر 12 عاماً بشعر أصفر طويل ينتظره مستقبل مشرق، بوضع قميص ريال مدريد الأبيض بجوار أحد الأعمدة الموجودة في ملعب التدريب بالنادي الموجود به لوح من الغرانيت عليه العبارة الشهيرة «يحترم ماضيه، ويتعلم من حاضره، ويؤمن بمستقبله». وفي اليوم الأول من يونيو (حزيران) 2024، كان هذا الطفل، الذي أصبح رجلا يبلغ من العمر 32 عاماً بلحية رمادية وصنع تاريخاً حافلاً، يرتدي هذا القميص على ملعب ويمبلي، وقفز ليسجل برأسه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليقود النادي الملكي لاستكمال أعظم إنجاز في تاريخه على الإطلاق. وأشير بهذا إلى داني كارفاخال.

لقد مر عشرون عاماً تقريباً منذ ذلك اليوم في عام 2004. في ذلك اليوم، وقف كارفاخال، وهو طفل صغير في أكاديمية الناشئين، إلى جانب ألفريدو دي ستيفانو، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يعد أهم لاعب في تاريخ أندية كرة القدم، ورمزا لكل شيء: الرجل الذي غيّر وصوله عام 1953 ريال مدريد ولعبة كرة القدم إلى الأبد، والذي شكّل أسطورة النادي وهويته. والآن، عندما يتعلق الأمر ببطولة دوري أبطال أوروبا؛ تلك المسابقة التي يشعر ريال مدريد بأنها أصبحت ملكا له، أصبح كارفاخال يتفوق على دي ستيفانو. قد يبدو هذا سخيفاً للبعض، لكن هذا هو ما حدث مؤخراً.

عندما فاز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 1960 بعد الفوز على إينتراخت فرنكفورت 7 - 3 في مباراة من أعظم المباريات عبر التاريخ (ب.أ)

لقد فاز عدد قليل من اللاعبين بنفس عدد بطولات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها كارفاخال، حيث نجح خمسة لاعبين في الحصول على اللقب ست مرات، من بينهم أربعة من زملاء كارفاخال: فبعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية بهدفين دون رد على ملعب ويمبلي، انضم كارفاخال ولوكا مودريتش وناتشو فرنانديز وتوني كروس إلى باكو خينتو - الذي ظل رقمه القياسي المتمثل في أكثر اللاعبين فوزا بالبطولة صامدا لمدة 58 عاماً - كأكثر اللاعبين فوزا باللقب على الإطلاق. ويُعد كارفاخال هو اللاعب الوحيد من هذا الجيل الذي شارك أساسياً في جميع المباريات النهائية الست، على الرغم من أنه خرج مستبدلا في مباراتين منها. وقال كارفاخال والدموع في عينيه بعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية التي سجل فيها هدفا: «لقد جئت إلى هنا وأنا طفل صغير، والآن أنا هنا. سيكون من الصعب للغاية أن يكسر أحد هذا الرقم الذي حققناه».

لقد كان هناك كثير من الصور، وكثير من التصريحات، وكثير من اللحظات، التي ستظل خالدة في الأذهان بعد فوز «الميرنغي» بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ 15 – نعم المرة الخامسة عشرة، هل تصدقون هذا؟ لقد كانت هذه هي آخر مباراة للنجم الألماني توني كروس، الذي أعلن اعتزاله كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. وسجل راقص السامبا البرازيلي فينيسيوس جونيور هدفاً أخر في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، يرشح النجم البرازيلي للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لهذا العام، قائلاً: «إنه يستحق الكرة الذهبية بلا شك». وقال جود بيلينغهام، الذي لا يزال في العشرين من عمره، إنه ظل متماسكاً حتى رأى أمه وأباه بعد المباراة. وأشاد بيلينغهام بأنشيلوتي قائلاً: «إنه يعرف جيدا ما يفعله». لقد فاز ريال مدريد باللقب هذا الموسم، بنفس الطريقة التي رأيناها من قبل، حيث يبدو الفريق عرضة للهزيمة في بعض الأوقات، لكنه يعود بكل قوة ويحسم الأمور تماماً لصالحه في نهاية المطاف.

كارفاخال وفرحة افتتاح التهديف لريال مدريد (أ.ب)

لم يكن أحد يشك في قدرة ريال مدريد على حسم اللقب، لم يخسر النادي الملكي أي مباراة نهائية في هذه البطولة منذ عام 1981، فقد لعب الفريق تسع مباريات نهائية وفاز بها جميعا. وقال كروس: «يبدو أنه لا يمكن هزيمتنا في مثل هذه المباريات. إنه لأمر جنوني أن أتساوى مع خينتو كأكثر اللاعبين فوزا بلقب هذه البطولة، وهو أمر لم أتخيل أبدا أنني سأحققه». ولا يقتصر الأمر على فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه فحسب، لكن النادي الملكي فاز أيضا بست من هذه البطولات في آخر عشر سنوات: من لشبونة 2014 إلى لندن 2024. وسيبقى إنجاز خينتو - لاعب ريال مدريد الوحيد الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية في الفترة بين عامي 1956 و1960 قبل أن يفوز باللقب للمرة السادسة في عام 1966- خالداً.

ويظل فريق عام 1966 متفرداً للغاية، حيث كان ريال مدريد قد خرج من البطولة لأول مرة في عام 1960 - على يد برشلونة - وخسر المباراة النهائية في عامي 1962 و1964. وكان دي ستيفانو قد رحل، ولم يكن النادي في حالة جيدة من الناحية الاقتصادية. وكان الفريق الذي تغلب على نادي بارتيزان في نهائي عام 1966 مكوناً بالكامل من اللاعبين الإسبان. وإذا كان ذلك يساهم في عدم النظر إلى الفريق الحالي على أنه يحاكي الجيل الذهبي لريال مدريد، الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية، فهناك عناصر أخرى تدعم ذلك أيضاً، وهي أن ذلك الفريق هو الذي بنى وشكّل هوية ريال مدريد، وكان فريقا لا يقهر، وهيمن على الساحة الكروية بشكل قد لا يضاهيه أو يحاكيه هذا الجيل. وبدلاً من ذلك، فاز الفريق الحالي لريال مدريد ببعض بطولاته الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بصعوبة شديدة، بل وبقدر كبير من الحظ في نظر البعض. وكان هناك اتفاق على أن الفوز ببطولة عام 2022 كان «سخيفاً» بضع الشيء، إن جاز التعبير، ثم جاءت الخسارة الثقيلة برباعية نظيفة أمام مانشستر سيتي في العام التالي كأنها «عادلة» تماماً، لكي تعكس القوة الحقيقية للفريق.

ومع ذلك، وكما قال كروس بعد تلك الخسارة أمام مانشستر سيتي: «ليس من الطبيعي أن نفوز بدوري أبطال أوروبا طوال الوقت. آخر مرة سمعت فيها أن هناك نهاية حقبة في هذا النادي كانت في عام 2019، لذلك نحن بخير». لقد كان النجم الألماني محقا تماماً في تلك التصريحات، فقد كان ريال مدريد على ما يرام، بل وكان أفضل من أي ناد آخر. لقد فاز النادي بست كؤوس أوروبية في عقد واحد من الزمان، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، بما في ذلك الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في بعض الأحيان تكون بحاجة إلى الابتعاد قليلاً عن التاريخ الذي تصنعه لكي تدرك حجم الإنجازات التي حققتها بالفعل. الزمن يغير التصورات: يُنظر إلى الماضي بشكل مختلف، وفي يوم من الأيام سيصبح ما يفعله النادي حالياً ماضياً، وسيُنظر إليه على أنه شيء استثنائي.

لم يكن ريال مدريد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فريقا غير قابل للهزيمة أيضا، لكن لا يوجد أي شيء يمكن أن ينتقص من حجم الإنجازات التي حققها ذلك الفريق. وخلال السنوات الخمس الأولى التي فاز فيها ريال مدريد بكأس أوروبا، كان بطلا لإسبانيا مرتين، في حين فاز أتلتيك وبرشلونة بلقب الدوري ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وعندما فاز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة، كان أتلتيكو مدريد هو من فاز بلقب الدوري المحلي. وكانت خمسة فرق - أتلتيك وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وديبورتيفو وفالنسيا - أبطال إسبانيا عندما كان ريال مدريد بطلاً لأوروبا.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ يكفي ريال مدريد فخرا أنه فاز بستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا في عقد واحد فقط من الزمان! وفي الواقع، يمتلك الفريق الحالي لريال مدريد سجلا أفضل من الجيل الذهبي فيما يتعلق بعدد مرات الفوز بلقب الدوري. ويجب الإشارة هنا إلى أنه بعد عام 1966، بقي ريال مدريد 32 عاماً دون أن ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. لقد عاد ليفوز باللقب الأوروبي في عامي 2000 و2002، على الرغم من أن الفرق التي فازت باللقب في المرات السابعة والثامنة والتاسعة كانت مختلفة بشكل كبير، والدليل على ذلك أن روبرتو كارلوس وراؤول وفرناندو مورينتس كانوا هم اللاعبين الثلاثة فقط الذين شاركوا في المباريات النهائية الثلاث لهذه البطولات، وسجل زيدان ذلك الهدف الخرافي في نهاية أول موسم له مع النادي الملكي.

أنشيلوتي أكد أن الفوز بدوري الأبطال للمرة الـ15 كان أصعب من المتوقع (أ.ب)

وكان النادي قد بنى فريقه الغلاكتيكوس (العظماء) الشهير، لكنه تعثر، وواجه صعوبة كبيرة في الفوز باللقب العاشر، وظل الأمر على هذا النحو لأكثر من عقد من الزمان. وعلى مدار ستة أعوام متتالية، لم يتمكن ريال مدريد من تحقيق الفوز في الأدوار الإقصائية. لقد انتظر النادي اثني عشر عاماً، وهو ما بدا وكأنه وقت طويل للغاية، لكي يصل مرة أخرى إلى المباراة النهائية في لشبونة في عام 2014. وكان الفريق خاسراً أمام أتلتيكو مدريد حتى الدقيقة 92، قبل أن ينجح سيرخيو راموس في إحراز الهدف القاتل بضربة رأس قوية، لتكون بالتأكيد اللحظة الأكثر تأثيرا بعد ذلك في تاريخ ريال مدريد. وقال بول كليمنت، مساعد أنشيلوتي، في وقت لاحق: «كل صباح كل يوم عندما كان راموس يأتي، كنت أشعر بالرغبة في تقبيله». لقد كان الفريق ينتظر النهاية الأكثر صدمة، وكان كل شيء على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل راموس وينقذ كل شيء.

وبدلا من ذلك، كانت هذه هي نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية. لقد فاز ريال مدريد باللقب للمرة العاشرة. وبعد ذلك بعامين، فاز باللقب ثلاث مرات متتالية، في إنجاز استثنائي بكل تأكيد. لقد بدا الأمر وكأن النادي لن يكون قادرا على تكرار ذلك الأمر، خاصة بعد رحيل النجوم البارزين - كريستيانو رونالدو، وسيرخيو راموس، وغاريث بيل، وكاسيميرو، ورافائيل فاران - وكذلك المديرين الفنيين، حيث أقيل أنشيلوتي من منصبه في غضون عام واحد، ثم رحل زيدان، الذي بدأ مساعداً لأنشيلوتي وأصبح بعد ذلك المدير الفني الأكثر نجاحاً في البطولة.

لاعبو ريال مدريد يواصلون احتفالاتهم في حافلة جابت شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

وكان ريال مدريد يعاني من أجل العثور على بديل مناسب. وفي أحد الأيام، تلقى خوسيه أنخيل سانشيز، المدير العام للنادي، مكالمة هاتفية من أنشيلوتي حول إمكانية تعاقد إيفرتون مع بعض لاعبي ريال مدريد على سبيل الإعارة. وخلال المحادثة، سأله أنشيلوتي عن الكيفية التي تسير بها عملية البحث عن مدير فني جديد، وقال له سانشيز إن الأمور لا تسير بشكل جيد. وعندئذ، قال أنشيلوتي مازحا: «حسناً، هناك مرشح واحد واضح، وهو أفضل مدرب في العالم (يعني نفسه)»، وقال: «هل نسيتم من قادكم للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة؟»، وفي اليوم التالي، تلقى أنشيلوتي اتصالاً بشأن توليه قيادة ريال مدريد، وفي غضون ثلاث سنوات، رفع ريال مدريد الكأس ذات الأذنين للمرة الحادية عشرة والمرة الثانية عشرة، ليكون هذا هو أفضل عقد من الزمان لأكبر ناد في العالم، بقيادة المدير الفني الأكثر نجاحاً على الإطلاق في هذه المسابقة، وبمشاركة أربعة من أنجح خمسة لاعبين في تاريخ النادي. أما كارفاخال الذي وضع الحجر الأول في ملعب التدريب قبل 20 عاماً، فكان هو من وضع اللمسة الأخيرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة، في إنجاز استثنائي!

* خدمة «الغارديان»