اندماج وشيك بين جناحي «الدعوة» حيدر العبادي ونوري المالكي

TT

اندماج وشيك بين جناحي «الدعوة» حيدر العبادي ونوري المالكي

رغم التراجع السياسي الذي لحق بحزب «الدعوة الإسلامية» وفقدانه منصب رئاسة الوزراء الذي هيمن عليه لـ3 دورات متتالية (2005 - 2018) نتيجة انقسامه سياسياً إلى جناحين، فإن أوساط الحزب ما زال يحدوها الأمل في التغلب على حالة الانقسام التي أضرت بالحزب وشتتت قراره، وتطمع إلى العودة به قوة مؤثرة وفاعلة في المشهد السياسي مثلما كان على امتداد السنوات الماضية.
وكرست الانتخابات النيابية العامة التي جرت في مايو (أيار) الماضي، حالة الانقسام إلى جناحين بين صفوف «الدعوة»، ذلك أن الجناح الأول قاده الأمين العام للحزب نوري المالكي من خلال ائتلاف «دولة القانون» الذي التحق بتحالف «البناء» الحشدي، فيما قاد الثاني القيادي في الحزب ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي عبر ائتلاف «النصر» الذي التحق بتحالف «الإصلاح» الذي يرأسه عمار الحكيم ويدعمه مقتدى الصدر. ويميل أغلب أعضاء «الدعوة» إلى الاعتقاد بأن الانقسام الانتخابي إلى جناحين أضرّ بالحزب، خصوصاً مع عدم اتحادهما عقب ظهور نتائج الانتخابات مثلما كان متوقعاً.
وبعد مرور نحو عام على حالة الانقسام، ومع اقتراب موعدي انعقاد المؤتمر الـ17 لحزب الدعوة والانتخابات المحلية، عادت التكهنات باندماج الجناحين، لتجد لها مكاناً في أحاديث وكواليس الحزب السياسية. ورغم نفي علي السنيد، عضو ائتلاف «النصر» نية الاندماج مع ائتلاف «دولة القانون» لخوض انتخابات مجالس المحافظات المقبلة وتأكيده انفتاح «تحالف النصر على جميع الكتل السياسية»، يرجّح مصدر رفيع في حزب الدعوة نية الاندماج بين الجناحين. ويقول المصدر الذي لا يفضل الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن «النائب السنيد ليس عضواً في حزب الدعوة، وبالتالي هو لا يعرف ربما ما يجري خلف الكواليس». ويضيف: «الحديث عن اندماج الجناحين متواصل هذه الأيام، وهناك حراك داخل الدعوة في الدخول لإعمال المؤتمر الحزبي المقبل بشكل موحد، لتلافي حالة التشظي والانقسام التي قد تحدث، ولعل أحد أسباب تأجيل عقد المؤتمر كل هذه الفترة، يعود في جانب منه إلى الرغبة في توحيد صفوف الحزب». ويرى المصدر الرفيع أن «الانتخابات المحلية المقبلة تستدعي أن يعيد الحزب حساباته، لأن تجربة القائمتين في الانتخابات العامة أضرّت به».
وثمة أسباب أخرى تدفع باتجاه توحيد الجانبين، والكلام للمصدر، منها «عدم استفادة المالكي أو العبادي من تحالفيهما مع (البناء) و(الإصلاح)، بمعنى أنهما لم يشكلا مراكز ثقل كبيرة في التحالفين المذكورين، وبالتالي فإن انقسامهما كان في غير صالح حزب الدعوة».
وكان العبادي لمح الأسبوع الماضي إلى إمكانية انفراط عقد تحالفه مع «الإصلاح» واعتبر أن «التحالفات الحالية هشة وغير مؤسسة وكل شيء محتمل». كما وجّه أمس، أثناء زيارته لمحافظة النجف انتقادات للطريقة «الحزبية» التي شكلت بها حكومة عادل عبد المهدي وذكر أن ائتلافه منح «استحقاقه من الوزارة حتى يشغل مواقعها وزراء مهنيون وليس من الأحزاب».
بدوره، يؤكد الأمين العام لاتحاد تركمان العراق والمقرب من حزب «الدعوة» جاسم محمد جعفر قضية الاندماج الوشيك بين جناحي المالكي - العبادي. ويقول جعفر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الاندماج واقعي وقريب جداً، ولعل ما أخره حتى الآن، الالتزامات التي قطعها كل من العبادي والمالكي لتحالفي (البناء) و(الإصلاح) ومع استكمال أعضاء الحكومة والوزارة القريب، سيكونان في حل من تلك الالتزامات ويمكن عودتهما معاً للعمل تحت مظلة الحزب الواحدة». ويرجح جعفر عملية «اضمحلال وانتهاء التحالفات الحالية، ما يؤدي أو يسهل عملية اندماج قادة الدعوة، وهما على كل حال لم يستفيدا من تحالفاتهما الحالية، كما أن الحزب أهم من الائتلافات، لذلك نجد أن الشخصيات القيادية التي تركت الحزب سابقاً ومنهم إبراهيم الجعفري قد انتهت سياسياً».
وحول ما تردد عن مساعي إيرانية لإعادة اللحمة إلى حزب «الدعوة» والضغط باتجاه توحيد صفوفه، يرى جعفر أن «احتمال تدخل شخصيات دينية إيرانية وليست سياسية في ردم الهوة بين المالكي - العبادي، هو أمر أقرب للواقع، إذ إن تلك الشخصيات من طلاب مؤسس (الدعوة) محمد باقر الصدر، وبالتالي لا ترغب في رؤية الحزب وهو منقسم إلى مجموعة أجنحة». ويعد حزب الدعوة الإسلامية الذي أسسه المرجع الديني الراحل محمد باقر الصدر عام 1957، من أبرز أحزاب الإسلام السياسي الشيعي الذي عارض حكم نظام حزب «البعث» المنحل لنحو 3 عقود، لكنه عاد ليهيمن على الحياة السياسية العراقية 3 دورات وزارية متتالية بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003.



تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تراجعت أنشطة بنوك يمنية بشكل حاد، ويشتكي مودعون من حالة تذمر إزاء عدم قدرتهم على سحب أموالهم، وسط إجراءات وقرارات حوثية.

تلك البنوك تقع بمناطق سيطرة الحوثيين، ويشتكي السكان من إجراءات الجماعة المدعومة من إيران، من عجزها عن تقديم خدمات بنكية.

ودفعت المعاناة البنوك إلى مزاولة أنشطة خارج اختصاصاتها، والاعتماد على فروعها بالمناطق اليمنية المحررة، وتحت سيطرة الحكومة لتغطية خسائرها، في حين تطالبها الجماعة بجبايات عن أنشطة تلك الفروع.

في الأثناء، اشتبك عدد من المودعين مع أفراد أمن أحد البنوك، على خلفية مطالبتهم بمبالغ من ودائعهم في صنعاء قبل أيام، وفقاً لمصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الموظفين أيضاً يخشون خسارة مصدر دخلهم بسبب موجة تقليص وظيفي لمواجهة تراجع الإيرادات وهواجس الإفلاس الذي يهددها.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن المودعين اعتصموا داخل مقر البنك بعد رفض إدارته منحهم مبالغ من ودائعهم، ما دفعهم للاحتجاج بالاعتصام، قبل أن ينشب عراك بينهم وبين رجال الأمن، وتطورت الأحداث بقدوم مسلحين من أقارب بعض المودعين، حاولوا اقتحام البنك بالقوة، وتبادلوا إطلاق النار لبعض الوقت، قبل أن تتدخل قوة من شرطة الجماعة الحوثية، وتوقف الاشتباكات. لجأ البنك إلى تخفيض رواتب الموظفين العاملين في إدارته وفروعه، بنسبة 20 في المائة، بسبب أزمة السيولة النقدية التي يواجهها منذ أشهر، بعدما حجزت الجماعة أمواله في البنك المركزي الحوثي بصنعاء، ما اضطر عدداً من الموظفين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على خفض رواتبهم، أو للبحث عن فرص عمل أخرى. ويواجه سكان مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية معقدة بسبب الحرب وسيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة ووقف رواتب الموظفين العموميين.

أزمة نقدية

تُمْنَى البنوك اليمنية وفروعها الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بخسائر كبيرة، وتواجه أزمات نقدية حادة، وباتت غالبيتها غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو تغطية مصاريفها الشهرية.

بسبب الإجراءات الحوثية تحوّلت غالبية البنوك إلى أنشطة غير مصرفية (غيتي)

يرى الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي، أن مصير البنوك والقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بشكل عام أصبح في مهب الريح، بعد الدخول في مرحلة شبه إفلاس منذ أصدرت الجماعة قانوناً يمنع الفائدة، ما أجهز تماماً على ما تبقى من إمكانية تحقيق إيرادات للبنوك في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه تلك المناطق. ويبين الآنسي لـ«الشرق الأوسط» أنه، إضافة الى لجوء الناس، وخاصة رجال الأعمال والتجار، إلى الاعتماد على شركات الصرافة، فإن البنوك أضحت خاوية من العملاء تقريباً، باستثناء تلك البنوك التي تحولت إلى ما يشبه محلات صرافة لتسليم المعونات الإغاثية أو مرتبات شركات القطاع الخاص. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فرضت الجماعة الحوثية على البنوك جبايات جديدة تحت مسمى دعم وإسناد قطاع غزة، وطالبتها بمبالغ ما بين 75 ألفاً، و131 ألف دولار (ما بين 40 مليوناً و70 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها بـ534 ريالاً).

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين لجأت إلى مزاولة أنشطة وأعمال تجارية ليست من اختصاصها لمواجهة حالة الركود وشبح الإفلاس اللذين يحيطان بها، ومن ذلك الوساطة بين المستهلكين والشركات التجارية والمحلات التجارية ومحال البقالة للحصول على عمولات يتحملها المستهلكون.

البنوك اليمنية تعرضت لاستحواذ الجماعة الحوثية على سيولتها النقدية المتوفرة لصالح المجهود الحربي (إكس)

ويتهم البنك المركزي اليمني الجماعة الحوثية بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك التجارية في مناطق سيطرتها، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوافرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها لدعم مجهودها الحربي، متسببة بعجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

الاتكال على الفروع

يواجه عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين الأزمات النقدية ببيع بطاقات الشراء من الإنترنت وبطاقات ركوب الحافلات وبيع الذهب، بعدما فقدت، بسبب الإجراءات والقرارات الحوثية، القدرة على ممارسة مهامها الأساسية وتقديم التمويلات الضخمة والمنتجات المصرفية. ووفقاً للآنسي، لجأت هذه البنوك إلى الاعتماد على فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تحقق أرباحاً كبيرة نتيجة دخولها في الدين العام وتحصيل فوائد تصل إلى 23 في المائة، إضافة إلى الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، وتوجه رجال الأعمال والشركات التجارية للتعامل مع البنوك لسهولة الحركة بعيداً عن رقابة الجماعة الحوثية.

بنك في صنعاء تعرض للحجز التحفظي على أرصدة ملاكه قبل أعوام بأوامر من الحوثيين (إكس)

وتشترك فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة في مزادات البنك المركزي، ما يحقق لها عائداً جيداً من خلال بيع العملات الأجنبية للتجار، أو من خلال فتح الاعتمادات الخاصة بالمزادات، وهو ما يتيح للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التنفس برئة هذه الفروع. وينتقد الآنسي ما وصفه بتقاعس الحكومة اليمنية عن تحصيل ضرائب من إيرادات فروع البنوك في مناطق سيطرتها، بينما تضغط الجماعة الحوثية على إدارات البنوك في مناطق سيطرتها لإجبارها على دفع ضرائب على أرباح تلك الفروع، ما يمثل دعماً مالياً إضافياً للجماعة. وطالب الباحث اليمني البنك المركزي في عدن بعزل فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة عن فروعها ومراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تجنباً لتحول هذه الفروع إلى ممول للجماعة.