لا يشير الجدار إلا إلى العزل والتقوقع والحؤول دون التواصل مع الآخر. فالآخر في نظر من يرفعون الجدران هو مصدر الخطر والباعث على الرعب.
ومن أول جدار بناه السومريون في مواجهة الرُعاة العمّوريين، إلى الجدران التي بنتها أثينا القديمة لتصد عنها أخطار البحر، وصولاً إلى سور الصين العظيم وجدار برلين، فضلاً طبعاً عن جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل على حدود الضفة الغربية، ظل للجدار المعنى نفسه، معنى كره الآخر والخوف منه والرغبة في الانعزال.
وإلى جانب الخوف والتقوقع، ومعطوفةً عليه، جاءت حجة اللجوء وأفواج المهاجرين لتضيف جدراناً أخرى، مثل الذي أقامه رئيس المجر على حدود بلاده مع صربيا وكرواتيا.
ومع تقدم أحزاب اليمين الشعبوي في أوروبا، أخذت تتعزز فكرة «أوروبا القلعة» التي يرددها الطامحون إلى تغيير السياسات الأوروبية باتجاه الانغلاق والعداء للأجانب وللمسلمين. وكلما وصل حزب يميني متطرف إلى السلطة في بلد ما، اكتشف أعداء قد يشاركونه الكثير من آرائه على غرار النمسا التي لا تتساهل في السماح بدخول الآتين من المجر إليها، في حين أن هذه الأخيرة باتت، في ظل حكومة أوروبان، قطب التطرف اليميني في القارة ومصدر الكثير من التحديات، ليس للسياسات الأوروبية، بل لكل فكرة الديمقراطية وحكم القانون وحقوق الإنسان. فالجدران والحواجز عند الحدود تعبر عن سياسات الخوف، وتلقي تبعات الصعوبات الاقتصادية والأزمات السياسية على عدو خارجي تسهل إدانته وإلصاق كل الموبقات به.
...المزيد
جدران «الخوف من الآخر»... تفكك العالم
السومريون بنوا أولها... والشعبويون وراء انتشارها الآن
جدران «الخوف من الآخر»... تفكك العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة