بريطانيا تودع ريتشارد أتنبره مخرج «غاندي» و«تشابلن»

قال عن نفسه: لست مخرجا عظيما.. أنا مخرج جيد ولدي القدرة على جذب الجمهور لتأمل ظروف معينة

الملكة إليزابيث تصافح ريتشارد أتنبره بعد حضورها العرض المسرحي «ذا ماوس تراب» (رويترز)  -  مع شقيقه عالم الطبيعة ومقدم البرامج ديفيد أتنبره
الملكة إليزابيث تصافح ريتشارد أتنبره بعد حضورها العرض المسرحي «ذا ماوس تراب» (رويترز) - مع شقيقه عالم الطبيعة ومقدم البرامج ديفيد أتنبره
TT

بريطانيا تودع ريتشارد أتنبره مخرج «غاندي» و«تشابلن»

الملكة إليزابيث تصافح ريتشارد أتنبره بعد حضورها العرض المسرحي «ذا ماوس تراب» (رويترز)  -  مع شقيقه عالم الطبيعة ومقدم البرامج ديفيد أتنبره
الملكة إليزابيث تصافح ريتشارد أتنبره بعد حضورها العرض المسرحي «ذا ماوس تراب» (رويترز) - مع شقيقه عالم الطبيعة ومقدم البرامج ديفيد أتنبره

نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن ابن الممثل والمخرج السينمائي البريطاني ريتشارد أتنبره أن أباه توفي، أول من أمس (الأحد)، عن عمر ناهز 90 عاما.
وأحد أعظم إنجازات أتنبره هي إخراجه فيلما عن المهاتما غاندي، الذي فاز به بجائزة الأوسكار أفضل مخرج. لكنه فاز أيضا بشهرة تمثيلية عالمية عن أدواره، مثل دوره في «حديقة الديناصورات» (Jurassic Park).
وتوالت رسائل الرثاء لأتنبره الذي يحمل مكانة خاصة في قلوب الشعب البريطاني، وبادر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للتعبير عن ذلك بتغريدة على موقع «تويتر» قال فيها: «أداؤه التمثيلي في فيلم (برايتون روك) كان عبقريا، وقدراته الإخراجية في فيلم (غاندي) كانت مبهرة. ريتشارد أتنبره كان أحد عمالقة السينما». أما الممثلة ميا فارو فغردت: «ريتشارد أتنبره كان ألطف رجل عملت معه.. لترقد في سلام وشكرا لك». وعلق السير روجر مور: «كان رجلا موهوبا ورائعا».
وقالت الأكاديمية عبر موقع «فيسبوك»: «نحن حزينون جدا بعد علمنا بوفاة المخرج المرموق ورئيس (بافتا) السابق، وسنشتاق إليه كثيرا».
في عام 2013 انتقل أتنبره للحياة في إحدى دور الرعاية في غرب لندن، بعد 5 أعوام من إصابته بجلطة أقعدته عن الحركة وألزمته الكرسي المتحرك.
ولد ريتشارد أتنبره في عام 1923 في مدينة كمبردج، وهو الأخ الأكبر لسير ديفيد أتنبره مقدم برامج الطبيعة الشهير. فاز في عام 1940 بمنحة لدراسة الفنون في الأكاديمية الملكية لفنون الدراما. وظهر ممثلا على شاشة السينما للمرة الأولى في عام 1942، ومع تألق نجمه بعد ذلك انتقل إلى هوليوود حيث شارك مع الممثلين ستيف ماكوين وجيمس غارنر بطولة فيلم «الهروب الكبير» في عام 1963، وحصل على عدد من الجوائز على أدواره في أفلام «ساند بيبلز» و«دكتور دوليتل». ومن مشاركاته الشهيرة كان دوره في فيلم «حديقة الديناصورات» لستيفن سبيلبيرغ عام 1993، والجزء الثاني في عام 1997.
أما فيلم «غاندي» الذي أخرجه في عام 1982 فيعده أغلب النقاد قمة إبداع أتنبره، وحصل الفيلم الذي بلغت تكلفته 22 مليون دولار أميركي، وعُرض في 1982، على ثماني جوائز أوسكار، من بينها أوسكار أفضل مخرج، وهو ما يُعد رقما قياسيا لأي فيلم بريطاني.
ومن أفلامه الشهيرة أيضا فيلم «تشابلن» الذي تسبب في ذيوع شهرة الممثل الصاعد حينئذ روبرت داوني جونيور. وإلى جانب ذلك، قدم الراحل عددا كبيرا من الأفلام التي لاقت ترحيبا نقديا وجماهيريا، مثل «كراي فريدوم» في عام 1987، الذي تسبب في ترشيح بطله الممثل دينزل واشنطن لجائزة أوسكار، وفيلم «شادولاند» من بطولته أنثوني هوبكنز، الذي حصل على جائزة الأكاديمية البريطانية لأفضل فيلم.
ورغم التقدير الذي حظي به السير ريتشارد أتنبره، فإنه رفض الإطراء المفرط، وقال: «بالطبع أحب أن تُقال بحقي أشياء لطيفة، ولكني لست مخرجا عظيما.. أنا مخرج جيد، ولدي القدرة على جذب الجمهور لتأمل ظروف معينة».
وأصدر نادي تشيلسي لكرة القدم بيانا نعى فيه رئيسه الشرفي مدى الحياة ريتشارد أتنبره، وقال البيان إن السير ريتشارد أنقذ النادي الشهير من الإفلاس، وأضاف: «كان قوة دافعة في طريق الخير بالنسبة للنادي، حتى في أحلك الأوقات». يُذكر أن للراحل نشاطات تجارية في مجال البرامج الإذاعية، كما عمل على مساندة عدد من المنظمات الخيرية، مثل «يونيسيف»، التي نعته على صفحتها بـ«تويتر»: «شعرنا بالحزن الشديد لرحيل ريتشارد أتنبره، سفير النوايا الحسنة لدى اليونيسيف، كان دائم العمل من أجل الأطفال». والمعروف أنه تبرع بجانب من أرباحه عن فيلم «غاندي» لصالح منظمات خيرية، مثل «سيف ذا تشيلدرن» (أنقذوا الأطفال).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».