نجح أكثر من 110 فنانين مصريين في تحويل مساحات خضراء مستطيلة صغيرة، لا تتعدى مساحتها 38 متراً، هي مساحة مراسمهم المكونة من طابق واحد إلى فضاء لوحة عنوانها الإبداع في النحت أو الرسم أو التصوير أو الخزف، ليُطلق على الحي الذي يحتضن مراسمهم اسم «حي الفنانين»، في تجربة غير مسبوقة بمنطقة الشرق الأوسط، تؤسس لنظام متبع في مدن عالمية، وهو نظام «الإقامة الفنية والأدبية للمبدعين»، إذ إنها تعد المرة الأولى بالمنطقة التي تشهد فيها إقامة هذا العدد من الفنانين في مكان واحد، بتنوع مجالات تخصصهم وثراء إنتاجهم وتطور مسيرتهم الإبداعية.
يقع «حي الفنانين» بمدينة «هرم سيتي» السكنية، بمدينة السادس من أكتوبر، بالجيزة (غرب القاهرة). وتعود قصة «حي الفنانين» إلى عام 2009 حين وقعت شركة «أوراسكوم للإسكان التعاوني» التي يرأس مجلس إدارتها المهندس سميح ساويرس، والمالكة لتلك الوحدات، بروتوكول تعاون بين الشركة ووزارة الثقافة، بحيث يحصل كل فنان على وحدة يستغلها في نشاطه الفني، بشكل مدعوم بالكامل.
ويأتي المعرض الجماعي «مختارات من فناني هرم سيتي»، والمقام حالياً بغاليري «العاصمة»، بحي الزمالك بالقاهرة، احتفالاً بمرور 10 سنوات على تنفيذ البروتوكول، كأحد وسائل الكشف عن ثراء التجربة، ودورها في تحقيق حراك بالمشهد التشكيلي المصري، تقول دعاء شعبان مديرة الغاليري، وتضيف موضحة: «يضم أعمالاً في مجالات مختلفة، منها النحت والرسم والحفر والخزف والتصوير لـ24 فناناً من فناني هرم سيتي».
وفي المعرض المستمر حتى 21 أبريل (نيسان) الحالي، نلتقي بمجموعة من الإبداعات التي تكشف عن الكثير من ملامح الفن التشكيلي المعاصر في مصر، باختلاف المدارس والأساليب الفنية والخامات، عبر أعمال هؤلاء الفنانين، التي تعكس تجربتهم المتميزة في «حي الفنانين» بمساهمتها وحضورها البارز في المشهد التشكيلي، ويشاهد المتلقي بجرأة التناول الفني وعمق الأفكار وحداثتها مثل منحوتة «الذبابة» من الحديد الخردة للفنان عمر طوسون، وعملي «فيجر الإنسان» للفنان أحمد جعفري الذي قدم فيهما تصوراً لكيف يمكن لطفل أن يرسم الإنسان بشكل هندسي أو بخطوط عضوية، في إطار مشروعه الفني حول الجسد البشري، وتمثال برونز للفنان أيمن سعداوي، وغير ذلك من روائع فنية.
ويقول الفنان أحمد جعفري، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «يقدم المعرض للجمهور نبذة عن مسيرة فنية عمرها 10 سنوات هي عمر (حي الفنانين)، الذي اعتبره بمثابة سمبوزيوم دائم، أو بوتقة فنية تشهد أكبر تجمع لعدد من الفنانين في مكان واحد، وبشكل دائم، حيث إنه يطبق المفهوم العالمي للإقامة الدائمة للفنانين 24 ساعة طوال أيام الأسابيع على مدى السنة، ومن هنا يختلف عن أي تجارب أخرى عرفتها مصر والمنطقة مثل (حي الفخارين) في مصر القديمة أو مراسم وكالة الغوري في الأزهر».
ويقول الفنان النحات عمر طوسون «إن المعرض يبرز مدى تميز تجربة الحي، حيث يحفز المناخ الصحي على الإبداع، فمنذ 10 سنوات كان عدد كبير من هؤلاء الفنانين المنتمين للتجربة شباباً لا يملكون مرسماً أو أي مساحة صغيرة للعمل، وبعضهم كانوا يستأجرون أماكن، وينتقلون هنا وهناك وسط معوقات كثيرة، لا سيما النحاتون الذين يحتاجون إلى مساحة أكبر لضخامة وكثرة معداتهم، إلى أن جاء هذا الحي المتخصص الفريد من نوعه ليزيل كل هذه المعوقات، ويتيح لهم حلاً استثنائياً». ويلفت: «ثمة تعاون مستمر بين الفنانين، على سبيل المثال نحن 10 نحاتين في الحي، يكفي أنه في أي وقت على مدار اليوم حتى في منتصف الليل، يمكن لأي منهم أن يتوجه إلى جاره، ويطلب منه خامة ومعدة ما يحتاجها، أو يطلب أيضاً رأيه في عمل فني يكون بصدده، وهكذا نحن دوماً».
معرض تشكيلي يجني ثمار إبداع «حي الفنانين» بمصر
«هرم سيتي» قدم تجربتهم في «غاليري العاصمة»
معرض تشكيلي يجني ثمار إبداع «حي الفنانين» بمصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة