لم يكن الغدر الحوثي الذي طال الشيخ القبلي أحمد السكني مؤخرا وأودى بحياته الواقعة الأولى من نوعها، فقد قتل قبله الشيخ ماجد الأسدي وللسبب نفسه، وهو الذود عن اغتصاب أراضي مواطنيهم من قبل المشرفين والقيادات التابعة للميليشيات الحوثية، والنتيجة بالأمس هي ذاتها اليوم وهي تواطؤ قيادات الميليشيات مع القاتل وتهريبه.
ويقول الشيخ القبلي سعد الهمداني: «كلما طالبنا بالقصاص لم نحصل إلا على التسويف والمماطلة من جماعة الحوثي، التي لا تريد أن تفقد أحد القتلة التابعين لها فهي ستعيد استخدامه لقتل شيخ آخر أو تقتل به المواطنين! لهذا تقوم بتأمين الفرار له».
وتتنوع أساليب الإذلال والابتزاز التي تمارسها الميليشيات الحوثية ضد المشايخ في اليمن بدءا بالتهديد والوعيد مرورا بالاختطاف أو الإقامة الجبرية وصولاً إلى القتل.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» يقول أحد مشايخ بني مطر: «تقوم الميليشيات بإعداد كشوف بمن خالفهم أو الذي لا يؤيدهم والدفع بهم عن طريق مرتزقتهم في كل منطقة وبعدها يتم مضايقتهم لتنفيذ رغبات وتوجيهات المشرفين إذ يطلب منهم رفد الجبهات بالمقاتلين والأموال وفتح مراكز طائفية واستقبال زيارات لقيادات الميليشيا والخطباء الحوثيين».
ويضيف الشيخ المطري: «في حال رأت الميليشيات عدم تفاعل الشيخ معها تقوم بإرسال حملة عسكرية مكونة من بضعة أطقم إن كان داخل المدينة أو تنصب له كمينا إذا كان خارج المدينة، فإذا قاوم قتل وإذا انصاع يؤخذ ويتم احتجازه لمدة تتفاوت بين الثلاثة أسابيع والشهر، لا أحد يعلم أين هو وفي أحسن حال يتم إبلاغ أهله بأنه في دورة ثقافية كما حصل مع كثير من المشايخ».
ويروي الشيخ الوصابي وهو أحد الذين تم اختطافهم بمنطقة «دار سلم» طريقة اختطافه قائلاً: «جاء طقم إلى البيت ونزل أحدهم وقال لي محمد علي الحوثي يريد لقاءك في موضوع يهم منطقتك فصعدت معهم السيارة وغطوا رأسي حتى لا أرى، بحجة التكتم على مقر القيادة».
ويردف الوصابي: «استمرت السيارة تلف الشوارع والأزقة لتتويهي وفي النهاية أدخلوني بدروم وقالوا انتظر هنا وأغلقوا الباب ولم يقابلني أحد إلا بعد يومين».
وعن الممارسات والضغوط التي تمارس يسترسل الشيخ الوصابي: «خضعت لمدة شهر كامل أستيقظ كل يوم فجرا وأردد الصرخة الخمينية قبل كل أذان وبعدها يعطونني ملازم أقرؤها وبعد الظهر يفتحون لي خطب عبد الملك الحوثي أشاهدها وفي رأس الأسبوع يأتي أحدهم يطلب رأيي في الملازم وفيما يقوله عبد الملك، وأن أفصح عن قناعتي التي سلبوها مني، وبعد أربعة أسابيع تعهدت بالتعاون معهم واستقبال خطبائهم في مجلسي، وأعادوني إلى البيت مغمض العينين».
الشيخ أبو أحمد وهو «شيخ ضمان» من محافظة إب تعرض هو الآخر للاختطاف، أوقفوه وهو عائد إلى البيت وأجبر على الذهاب معهم، حقنا للدماء حسب قوله.
ويضيف: «غطوا عينيّ وأوصلوني إلى شقة تحت الأرض وأخذوا تليفوناتي وعزلوني عن كل شيء ولم يسمحوا لي بالتواصل مع أحد ولمدة شهر أرغمت على ترديد الصرخة والاستماع إلى المحاضرات وكتبت لهم تعهدا بعدم اعتراض أي مشرف وأن أدعم الجبهة بالمال والرجال».
ويقول شيخ قبلي آخر تحدث لـ«الشرق الأوسط» «بعد أن فرزت الميليشيات المشايخ حزبيا ومذهبيا فإنها تبدأ بالإصلاحيين منهم مرورا بالمؤتمريين والناصريين والاشتراكيين ووصولا إلى المستقلين ولا تستثني منهم أحدا حتى الداعمين لها».
ويؤكد عدد من المشايخ لـ«الشرق الأوسط» أن الشيخ الذي يرفض إرسال أبناء منطقته من الرجال والأطفال إلى الجبهات يوضع في القائمة السوداء ويتم مضايقته عبر المشرفين التابعين للميليشيات ويفرض عليه جمع مبالغ مالية كبيرة من مواطني منطقته وتجهيز قوافل غذائية لدعم الجبهات.
ويوضح أحد مشايخ قبيلة حاشد أن «المشايخ الذين يساندون جماعة الحوثي يتم إهانتهم وإذلالهم والغدر بهم من قبل قيادات الميليشيات، أما من يحاول تجنبهم ويلزم بيته فإنهم لا يتركونه بل يبتزونه ويضايقونه».
ويضيف: «يتم تفتيشهم وتقييد تحركاتهم وأحيانا يتم إهانتهم وتوقيفهم كما حصل مع الشيخ الحاوري، أو التهجم عليهم وإذلالهم كما حصل للشيخ مجاهد القهالي وكما حصل للشيخ صادق الأحمر».
ويستطرد: «لا يتورع الحوثيون عن قتل من يقف في وجههم، فقد حاولوا اغتيال الشيخ علي شعلان في صنعاء، واغتيال كاتب دباء وهو أحد مشايخ السودة في عمران، كما أنهم قتلوا الشيخ المجذوب وأصابوا اثنين من مرافقيه بذمار».
ولتفكيك القبيلة اليمنية وترويضها كانت أقدمت الميليشيات الحوثية على تشكيل ما أطلقت عليه «مجلس التلاحم القبلي» في صنعاء وفي المحافظات الخاضعة لها، ونصبت له أحد الشيوخ الطائفيين الموالين لها ويدعى ضيف الله رسام.
وتحاول الجماعة أن تستقطب من تستدرجهم من صغار المشايخ في مشروعها الطائفي، عبر منح السيارات وتخصيص المنح المالية والسلاح، لكنهم لا يستطيعون أبدا التخلف عن تلبية صوت الميليشيات أو رفض أي من طلباتها.
وحسب بعض الإحصائيات، فإنه يوجد أكثر من 400 قبيلة صغيرة في اليمن وكلها تنضوي تحت قبائل «حاشد» وقبائل «بكيل» وقبائل «مذحج» وقبائل «حمير»، وقبائل «همدان» في حين تشكل قبيلة بكيل مع قبيلة حاشد معا أكبر قبيلتين في اليمن، وأهم قبائل الطوق للعاصمة صنعاء.
وتتعدد أسماء المشايخ في هذه القبائل ما بين «شيخ للقرية» و«شيخ عزلة» و«شيخ ضمان» و«شيخ قبيلة» وشيخ مشايخ، وهذه الأخيرة أكبر مرتبة من بينهم.
ووفق إحصائية مصلحة شؤون القبائل عام 2005 بلغ المسجلون فيها من المشايخ نحو 399 شيخا، منهم 8 شيوخ مشايخ، و69 شيخ ضمان، و222 شيخا و100 شيخ محل.
زعماء القبائل تحت سيطرة الحوثيين... إما القتل أو الإذلال
زعماء القبائل تحت سيطرة الحوثيين... إما القتل أو الإذلال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة