مصر: انخفاض طفيف في التضخم قبل ضغوط رمضان وزيادة أسعار الطاقة

صورة من سوق بالقاهرة
صورة من سوق بالقاهرة
TT

مصر: انخفاض طفيف في التضخم قبل ضغوط رمضان وزيادة أسعار الطاقة

صورة من سوق بالقاهرة
صورة من سوق بالقاهرة

تراجع التضخم السنوي في مصر خلال مارس (آذار) الماضي بشكل طفيف، بينما انخفض التضخم الشهري بشكل ملحوظ، في مؤشر على هدوء نسبي في وتيرة الأسعار قبل إجراءات تضخمية مرتقبة خلال الأشهر المقبلة.
وانخفض التضخم السنوي في مصر الشهر الماضي إلى 13.8 في المائة، مقابل تضخم سنوي بـ13.9 في المائة خلال فبراير (شباط) الذي سبقه، حسبما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس.
وأظهرت بيانات جهاز «الإحصاء» نمو الرقم القياسي لأسعار المستهلكين بصفة شهرية في مارس الماضي بـ0.9 في المائة، مقارنة بزيادة شهرية بـ1.8 في المائة خلال فبراير.
وقال «الجهاز المركزي» إن صعود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين في مارس الماضي جاء مدفوعاً بزيادة أسعار الخضراوات بـ3.9 في المائة، ومجموعة الدواجن بنسبة 3.1 في المائة.
وتشهد أسعار الخضراوات والفاكهة في مصر زيادات متواصلة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما دفع بوزارة الداخلية والجيش لطرح بعض السلع الغذائية للمواطنين بأسعار أقل من سعر السوق؛ في محاولة لتخفيف المعاناة عن كاهلهم.
وأعلن البنك المركزي المصري، أمس، أن معدل التضخم الأساسي، الذي لا يتضمن سلعاً مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها، تراجع إلى 8.9 في المائة على أساس سنوي في مارس من 9.2 في المائة خلال فبراير الذي سبقه.
وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في «بنك الاستثمار فاروس»، لوكالة «رويترز» تعليقاً على معدلات زيادة الرقم القياسي لأسعار المستهلكين: «الأرقام متوافقة مع التوقعات... كنا متوقعين ارتفاعاً من 0.7 إلى واحدٍ في المائة على أساس شهري بسبب تواصل ارتفاع أسعار الخضراوات والدواجن».
ويترقب مجتمع الأعمال في مصر هدوء الضغوط التضخمية بما يتيح للبنك المركزي تخفيض أسعار الفائدة التي تعدّ مرتفعة نسبياً مما يزيد من تكاليف النشاط الاقتصادي.
ورفع «المركزي» المصري أسعار الفائدة على خطوات عدة بعد تعويم عنيف للعملة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بمقدار 700 نقطة أساس، لاحتواء التضخم المتفاقم نتيجة تحرير أسعار العملة، وخفضها 200 نقطة أساس في فبراير ومارس 2018 مع اتجاه التضخم للتراجع.
لكن الضغوط التضخمية؛ الناتجة عن عوامل مثل إجراءات تحرير أسعار الطاقة ورفع تكاليف المواصلات العامة، ساهمت في إعاقة «المركزي» عن خفض الفائدة التي تؤثر على تكاليف النشاط الاستثماري وعجز الموازنة العامة.
وخفض «المركزي» المصري أسعار الفائدة في فبراير الماضي 100 نقطة أساس، لأول مرة منذ مارس 2018، ليصل سعر فائدة الإيداع لليلة واحدة إلى 15.75 في المائة، وسعر فائدة الإقراض لليلة واحدة إلى 16.75 في المائة.
وقبل أيام كشف صندوق النقد الدولي عن وثائق تتعلق بمتابعة سياسات الإصلاح الاقتصادي التي يدعمها في مصر، والتي اشتملت على تعهدات من الحكومة المصرية بإلغاء الدعم على معظم منتجات الطاقة بحلول 15 يونيو (حزيران) المقبل، وهي الخطوة التي يتوقع أن تساهم في زيادة الضغوط التضخمية خلال الفترة المقبلة.
وقالت الرسالة المؤرخة في 27 يناير (كانون الثاني) إن إلغاء الدعم يعني زيادة سعر البنزين والسولار والكيروسين وزيت الوقود الذي يتراوح حالياً بين 85 و90 في المائة من سعره العالمي.
ومن العوامل التي ستساهم في الضغوط التضخمية أيضاً خلال الأسابيع المقبلة اقتراب الموسم الرمضاني الذي يشهد إقبالاً فوق المعتاد على استهلاك السلع الغذائية المختلفة.
وقالت السويفي لـ«رويترز» إنها تتوقع «ارتفاع أرقام التضخم في شهر أبريل (نيسان) الحالي بسبب رمضان»، مضيفة: «نتوقع زيادة الأرقام إلى 1.5 في المائة على أساس شهري، وإلى نحو 14 - 14.5 في المائة على أساس سنوي لإجمالي الجمهورية وليس المدن فقط». وأضافت السويفي: «التضخم سيستقر بين 14 و15 في المائة على أساس سنوي خلال أغسطس (آب) المقبل، وآثار رفع الدعم عن المواد البترولية المتوقعة ستظهر في الأرقام الشهرية أكثر من السنوية».
من جهة أخرى، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إن الاقتصاد المصري ينمو بقوة، وإن البطالة في البلاد سجلت أدنى مستوى منذ عام 2011.
جاء ذلك في بيان للصندوق، أمس، قالت فيه لاغارد إنها بحثت برنامج الإصلاح الاقتصادي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في واشنطن، على هامش زيارته الحالية للولايات المتحدة. وأضافت لاغارد: «برنامج الإصلاح (المصري) يمضي بشكل جيد». وأشارت إلى أنه يتم التخطيط لمراجعة نهائية للبرنامج «خلال الأشهر المقبلة». وأوضحت أن الدين العام في البلاد يمضي في اتجاه تنازلي، وشددت على التزام الصندوق بدعم مصر.
وتوقع صندوق النقد الدولي، أول من أمس، أن ينمو الاقتصاد المصري حتى 5.5 في المائة هذا العام، دون تغيير عن توقعاته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، و5.9 في المائة خلال 2020.


مقالات ذات صلة

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مدبولي مترئساً اجتماعاً لمتابعة إجراءات طرح شركتَي «صافي» و«وطنية» (رئاسة الحكومة)

مدبولي: الحكومة المصرية ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال 2025

أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال عام 2025، وتحديد البرنامج الزمني للطرح.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وسط القاهرة من بناية مرتفعة بوسط البلد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

معدل نمو الاقتصاد المصري يرتفع إلى 3.5% في 3 أشهر

سجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر نمواً 3.5 % في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025، بارتفاع 0.8%، مقابل 2.7% في نفس الربع المقارن من العام السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حصَّادة تحصد القمح في حقل زراعي (رويترز)

روسيا تسعى لخفض التكاليف المتعلقة بمدفوعات القمح لمصر

قال رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا إدوارد زرنين، إن مصدّري الحبوب الروس سيقترحون سبلاً لخفض تكاليف المعاملات المتعلقة بسداد أسعار تصدير القمح لمصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.