بنس يطالب الأمم المتحدة بسحب شرعية مادورو والاعتراف بغوايدو

في جلسة ساخنة لمجلس الأمن حول الوضع في فنزويلا

زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غايدو متحدثاً أثناء احتجاج ضد حكومة مادورو اليوم في كراكاس (رويترز)
زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غايدو متحدثاً أثناء احتجاج ضد حكومة مادورو اليوم في كراكاس (رويترز)
TT

بنس يطالب الأمم المتحدة بسحب شرعية مادورو والاعتراف بغوايدو

زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غايدو متحدثاً أثناء احتجاج ضد حكومة مادورو اليوم في كراكاس (رويترز)
زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غايدو متحدثاً أثناء احتجاج ضد حكومة مادورو اليوم في كراكاس (رويترز)

"مع كامل الإحترام سعادة السفير، لا ينبغي لك أن تكون هنا. ينبغي أن تعود الى فنزويلا وتقول لمادورو أن عليه أن يرحل"، بهذه العبارات خاطب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس المندوب الفنزويلي الدائم لدى الأمم المتحدة صاموئيل مونكادا آكوستا خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن في نيويورك، حيث طالب المسؤول الأميركي الرفيع المنظمة الدولية بسحب الشرعية عن نظام الرئيس نيكولاس مادورو والاعتراف بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً لهذا البلد في أميركا الجنوبية.
وجاءت هذه التصريحات في ظل قلق المسؤولين الأميركيين من الإنخراط المتزايد لكل من روسيا والصين في فنزويلا، علماً أن هذين البلدين اللذين يتمتعان بحق النقض، الفيتو، أعاقا جهوداً سابقة بذلتها الولايات المتحدة لتوبيخ مادورو في الأمم المتحدة. ويرجح أن تكررا ذلك.
وأفاد بنس أن الولايات المتحدة وضعت مشروع قرار في شأن سحب الشرعية الدولية من مادورو والاعتراف بغوايدو، داعياً كل الدول الأعضاء الى دعمه. ولم يتبين على الفور ما إذا كانت واشنطن تقترح مشروع القرار على مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً أو على الجمعية العامة المكونة من 193 عضواً. وقال: "حان الوقت لكي تعترف الأمم المتحدة بالرئيس الموقت خوان غوايدو كرئيس شرعي لفنزويلا ومقعده" في مجلس الأمن. وأكد أنه "قريباً بتوجيه من الرئيس (دونالد) ترمب، ستعلن الولايات المتحدة عن إجراء إضافي لمحاسبة كوبا على نفوذها الخبيث في فنزويلا". كما انتقد الجهود الروسية والصينية "لعرقلة" مجلس الأمن، متهماً حكومة مادورو بأنها تستخدم الغذاء وحتى الرعاية الطبية كأدوات سياسية، وبأنها تحول الضروريات الأساسية الى أوراق مساومة. وأكد أن بلاده ستمارس ضغوطاً دبلوماسية واقتصادية لتحقيق الإنتقال السلمي الى الديمقراطية في فنزويلا، لكنه أضاف أن "كل الخيارات مطروحة".
وعبر دبلوماسيون عن اعتقادهم ألا تحصل واشنطن على الدعم اللازم لاعتماد مثل هذا الإجراء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة. واعترفت الولايات المتحدة و54 دولة أخرى بزعيم المعارضة كرئيس موقت لفنزويلا.
وأفاد المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن الإجتماع الذي دعت إليه الولايات المتحدة هو مجرد "حلقة أخرى من المأساة مع العديد من الأعمال في محاولة لتغيير النظام في فنزويلا"، معتبراً أن الولايات المتحدة "أثارت بشكل مصطنع أزمة في هذا البلد من أجل إطاحة زعيم منتخب شرعياً واستبداله ببيدق تابع لها". ودعا "الولايات المتحدة الى الاعتراف بأن الشعب الفنزويلي وغيره من الناس لهم الحق في تقرير مستقبلهم". وخاطب بنس أنه "إذا كنت ترغب في جعل أميركا عظيمة مرة أخرى، ونحن جميعاً مهتمون برؤية ذلك، توقفوا عن التدخل في شؤون الدول الأخرى".
وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك قال إن المشكلة الإنسانية في فنزويلا ازدادت سوءاً وأن "حجم الحاجات كبير ومتزايد" للمعونات الإنسانية لنحو سبعة ملايين شخص، أي نحو 25 في المئة من السكان. وأضاف أن هناك "حاجة الى الفصل بين الأهداف السياسية والإنسانية"، داعياً مجلس مجلس الأمن الى "حماية الطبيعة المحايدة والنزيهة للعمل الإنساني". وحض على الضغط من أجل الوصول المستمر والمنتظم الى المحتاجين وعلى تمويل التوسع في البرامج الإنسانية، مشيراً الى "الانكماش الاقتصادي الحاد والمستمر في فنزويلا"،
وتحدث ممثلون عن منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية وباحثون في مجال الصحة العامة من جامعة جونز هوبكنز مطالبين بوضع فنزويلا في "حال طوارىء إنسانية معقدة تشكل تهديداً خطيراً على المنطقة".


مقالات ذات صلة

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

نقل مسؤولان أمميان هواجس السوريين إلى مجلس الأمن بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم تحفظات السلطات المؤقتة

علي بردى (واشنطن)
أوروبا مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا يرفع يده خلال إحدى جلسات مجلس الأمن (د.ب.أ)

موسكو تستبعد حصول ألمانيا على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي

قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن موسكو رفضت بشكل قاطع تطلع ألمانيا إلى الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مجلس الأمن (أ.ب)

بلينكن يؤدي مهمته الأخيرة مع مجلس الأمن... ويتركه «في غاية الانقسام»

من المقرر أن يقوم وزير الخارجية الأميركي بما يبدو أنه آخر زيارة له في منصبه إلى الأمم المتحدة، حيث يختتم مشاركاته مع الهيئة العالمية بعد 4 سنوات من الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم المندوب الأميركي خلال جلسة مجلس الأمن (رويترز)

«مجلس الأمن» يدعو لعملية سياسية «جامعة ويقودها السوريون»

دعا مجلس الأمن الدولي الثلاثاء إلى تنفيذ عملية سياسية "جامعة ويقودها السوريون"، وذلك في أعقاب فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (الولايات المتحدة))
المشرق العربي مجلس الأمن يستمع إلى آخر المستجدات من غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا ويبدو على الشاشة توماس فليتشر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة (أ.ف.ب)

مطالبة أممية بـ«رفع سلس» للعقوبات المفروضة على سوريا

طالب مسؤولان أمميان كبيران مجلس الأمن باتخاذ إجراءات لتثبيت الاستقرار في سوريا والمضي في عملية سياسية موثوقة على أساس القرار 2254 و«الرفع السلس» للعقوبات.


2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟