ترمب يشيد بدور السيسي في مكافحة الإرهاب

تجنّب التعليق على اتجاه مصر لتعديل الدستور

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

ترمب يشيد بدور السيسي في مكافحة الإرهاب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض أمس (رويترز)

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«العمل العظيم» الذي يقوم به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك لدى استقباله في البيت الأبيض، أمس، حيث عقد الرئيسان اجتماعا في المكتب البيضاوي أعقبه غداء عمل شارك فيه المسؤولون من الجانبين المصري والأميركي.
وقال ترمب في استقبال السيسي إنه «شرف كبير أن ألتقي الرئيس السيسي وأريد أن أرحب به في البيت الأبيض وتربطنا علاقات استراتيجية قوية على مدى سنوات طويلة».
وأضاف: «أعتقد أنه يقوم بعمل عظيم»، وتابع: «لم تكن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة جيدة كما هي عليها الآن».
وأكد ترمب أنه «تم إحراز تقدم كبير فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب في مصر وأخبر الصحافيين أن لديهما أمورا كثيرة لمناقشتها فيما يتعلق بالقضايا العسكرية والتجارية».
وفي إجابته عن سؤال حول التعديلات الدستورية التي تمنح السيسي الحق في تمديد فترة ولايته، اكتفى ترمب بالقول إنه «(السيسي) يقوم بعمل رائع... يمكنني فقط أن أخبرك أنه يقوم بعمل رائع».
وأشار الرئيس الأميركي إلى زيارة السيدة الأولى ميلانيا ترمب لمصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وقال إنها «استمتعت بمشاهدة الأهرامات إحدى عجائب الدنيا السبع وبهرت بها والتقطت كثيرا من الصور». فيما وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشكر لنظيره الأميركي، مشيرا إلى أن زيارته تستهدف مناقشة كل الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، ووجه الشكر للرئيس ترمب على دعمه لمصر.
ووصف مسؤول كبير بالبيت الأبيض اللقاء بأنه «كان لقاء شخصيا دافئا»، فيما أشار مسؤول آخر إلى أن إدارة الرئيس ترمب «ركزت في النقاشات مع الجانب المصري على أهمية إعادة المواطنين الأميركيين المحتجزين في مصر، وأبدت مخاوفها من معاملة الأقليات الدينية في مصر ووقوع كثير من الهجمات ضد المسيحيين المصريين، وهي المخاوف التي ركز عليها بشكل خاص نائب الرئيس الأميركي مايك بنس».
كما أبدت الإدارة الأميركية «قلقها من زيادة النفوذ الروسي في المنطقة خاصة بعد أن وقعت مصر صفقة بقيمة ملياري دولار مع روسيا لشراء أكثر من 20 طائرة مقاتلة من طراز سوخوي 35». وقال المسؤول الأميركي «لا يوجد كثير من الفوائد في التواصل مع الروس ولدينا أمثلة في سوريا وفي فنزويلا، ولذا نرغب بأن تسير مصر في طريق الحصول على الدعم والاستثمار من الولايات المتحدة».
ولم يوضح المسؤول للصحافيين في البيت الأبيض ما إذا كانت إدارة ترمب تدعم التعديلات الدستورية التي سيؤدي تمريرها إلى تمديد فترة ولاية السيسي في مصر، واكتفى بالقول إن «الإدارة الأميركية كانت صريحة ومنفتحة بشكل كبير مع المسؤولين المصريين بشأن أهمية مواصلة تطوير المجتمع المدني المصري».
ورجحت الدوائر السياسية أن تتضمن النقاشات بين الجانبين «الوضع في قطاع غزة مع تصاعد التوترات مع الفلسطينيين والإسرائيليين والقضايا الإقليمية المتعلقة بالوضع في ليبيا والتدخلات الإيرانية في منطقة الخليج. كما يتم التركيز بشكل أكبر على العلاقات الثنائية خاصة ما يتعلق بالقضايا العسكرية والتجارية».
ويأتي اجتماع ترمب والسيسي في الوقت نفسه مع إجراء الانتخابات الإسرائيلية التي تحدد مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبعد أقل من شهر من الذكرى الأربعين لتوقيع معاهدة كامب ديفيد، كما تستبق إعلان تفاصيل صفقة القرن أو المبادرة الأميركية المقترحة لتحقيق السلام العربي الإسرائيلي.
وكان السيسي التقى مساء الاثنين في مقر إقامته بقصر بلير هاوس، كلا من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر.
وقال بيان الخارجية الأميركية عن اللقاء إن «بومبيو أكد للسيسي أهمية وقوة العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة». ووجه بومبيو الشكر على «جهود السيسي في قيادة مصر وتعزيز أمن واستقرار مصر والمنطقة بما في ذلك جهود مكافحة الإرهاب، ومواجهة النفوذ الإيراني الخبيث، كما ناقش القضايا المتعلقة بالمواطنين الأميركيين في مصر».
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، في بيان، إن السيسي «ناقش مع بومبيو تعزيز الشراكة الاستراتيجية الأميركية المصرية باعتبارها الدعامة الأساسية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».
وكانت مجموعة من 15 عضوا جمهوريا وديمقراطيا بالكونغرس الأميركي قد أرسلت خطابا مفتوحا طالبت فيه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالتطرق إلى موضوعات حقوق الإنسان في مصر. وجاء في الرسالة التي وقعها زعيم الديمقراطيين والجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ أن «الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر قوية واستمرارها أمر حيوي لكلا البلدين لكنها تتطلب من مصر بذل جهد ملموس للقيام بإصلاحات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.