اجتماع بواشنطن في مايو للتأكد من تجاوب لبنان مع إصلاحات «سيدر»

ارتياح أوروبي لإقرار خطة الكهرباء

TT

اجتماع بواشنطن في مايو للتأكد من تجاوب لبنان مع إصلاحات «سيدر»

ترك قرار مجلس الوزراء بالموافقة، أول من أمس، على خطة الكهرباء بالإجماع، صدى إيجابياً في باريس وفي عدد كبير من الدول الأوروبية المشاركة في مقررات مؤتمر «سيدر»، إضافة إلى البنك الدولي وباقي الصناديق التمويلية. وقال سفير دولة أوروبية لـ«الشرق الأوسط»: «هذه أول خطوة في خريطة الطريق المرسومة لقطاع الكهرباء، وبعدها ليس كما قبلها».
ولفت السفير إلى أن قطاع الكهرباء هو أكبر نزيف للدولة، وأصبحت كلفة الميزانية 40 مليار دولار حتى اليوم، أي ما يوازي 46 في المائة من عجز الدين العام الإجمالي.
ويقول تقرير «ماكينزي» أن 50 في المائة هو هدر قطاع الكهرباء، ويجب اتخاذ خطوات جريئة برفع الغطاء السياسي عن سرقة الكهرباء والهدر التقني. والمطلوب تخفيف الهدر وزيادة الإنتاج.
وأكد مصدر أوروبي في بيروت لـ«الشرق الأوسط» أن مسار «سيدر» طلب من الحكومة ومن القطاع الخاص 72 نقطة مطلوب إصلاحها، مع التأكد من أن ذلك تحقق، وتم إصلاح الخلل في النظام. وأكد أن صانعي «سيدر» يريدون التأكد من الإصلاح قبل ضخّ الأموال.
أما الأمر الثاني المطلوب من لبنان «فهو مدى قدرته على امتصاص الأموال وكيفية صرفها، وذلك عبر أجهزة (سيدر) والبنك الدولي».
وكشف مصدر وزاري لبناني لـ«الشرق الأوسط» عن أن هناك اجتماعاً سيعقد في شهر مايو (أيار) المقبل في واشنطن، لمعرفة ما تم إصلاحه مما هو مطلوب من لبنان، بعد أن تبين منذ عدة أسابيع أن لا شيء نفّذ حتى الآن. وأشار المصدر إلى أن لبنان يسعى إلى تأخير هذا الموعد في مايو، لإنجاز الموازنة الذي سيباشر بها في الأيام القليلة المقبلة.
وشرح مصدر مشارك في إعداد «سيدر» أنه مسار إذا نفّذت مشروعاته فسيفيد كل المناطق اللبنانية، كتوسيع مطار رفيق الحريري الذي هو بحاجة إلى ذلك. وهذا المشروع هو بحاجة ماسة إلى التوسيع لوضع حد لمعاناة المسافرين. ولحظ «سيدر» 500 مليون دولار لتوسعته، وإذا ما نفّذ، فهذا يعني أن Terminal2 سيستوعب 6 ملايين راكب إضافي.
وأضاف المصدر: «المطلوب أيضاً تأهيل مطار الرئيس رينه معوض في الشمال، ولوحظ لخدماته 100 مليون دولار. وسيتكفل بتوفير فرص عمل كبيرة، ويمكن إعادة فتحه، وسيكون نقطة انطلاق إعادة إعمار سوريا».
وأعرب عن تمنياته بالتخلي عن السياسة، والانصراف إلى المشروعات الإنمائية، وما يحتاجه المواطن، مشدداً على أن «المطلوب التوافق بالسياسة، لأن المطلوب اليوم أن نعمل المستحيل لإعادة فتح المطار من دون أي خلاف سياسي، والابتعاد عن الحصص ومنطق الطوائف، وأن يكون نقطة انطلاق لكل المنطقة العربية»، مشدداً على أن طرابلس (شمال لبنان) هي بأمسّ الحاجة إلى مطار من هذا النوع. وأشار إلى أن مبلغ 3 مليارات دولار مخصص لشمال لبنان، لإنجاز مشروعات إنمائية، ولإصلاح البنى التحتية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.