«لا تمانع فرنسا في إعطاء بريطانيا مهلة إضافية طويلة، ولكن ضمن مجموعة من الشروط، أولها أن تقدم رئيسة الوزراء خطة مقنعة وواضحة، وثانيها أن توفر ضمانات صلبة بأن التمديد لن يعيق عمل المؤسسات الأوروبية، وثالثها أن تقل هذه المهلة عن تسعة أشهر»، هذه خلاصة الموقف الفرنسي الذي شرحته مصادر قصر الإليزيه، على هامش زيارة تيريزا ماي إلى باريس بعد برلين. وتؤكد المصادر الفرنسية أن باريس «لا تلعب دور الطفل الشرير»، بل إن أولوية الأولويات عندها هي المحافظة على الاتحاد الأوروبي، وعلى عمل مؤسساته التي لا يتعين أن ترهقها عملية خروج بريطانيا. ومن المنظور الفرنسي، ثمة ثلاثة احتمالات مطروحة على القمة: إما أن تنجح ماي في تمرير اتفاق الخروج قبل 22 مايو (أيار) في البرلمان و«هذا أفضل الحلول». وإما أن تعجز عن ذلك، وألا تكون قادرة على «عرض آفاق محددة للتوصل إلى حل والخروج من الطريق المسدودة»، وعندها سيكون الخروج من دون اتفاق. والاحتمال الأخير أن تقول إن لديها «خطة» وأفاقاً جديدة من شأنها الإيصال إلى اتفاق (من خلال التفاهم مع زعيم المعارضة العمالية جيرمي كوربن)، أو الوعد بإجراء انتخابات أو استفتاء، وعندها يستطيع القادة الـ27 أن يمنحوها مهلة جديدة.
فيما تعتبر باريس أنه يتعين المحافظة على فرص التعاون الدبلوماسي والسياسي والعسكري والاقتصادي مع بريطانيا، بوجود اتفاق أو من غير اتفاق، إلا أنها في الوقت عينه، وفي حال منح ماي فرصة إضافية طويلة المدى، تطالب وبقوة بـ«ضمانات بريطانية موثوقة»، وبإيجاد «آلية متابعة» لالتزام لندن بها.
ولا تجيز المعاهدات الأوروبية المعمول بها المطالبة بضمانات قانونية. لذا، فإن المتاح هو «ضمانات سياسية»، من ضمنها الالتزام بمواعيد لقاءات ثابتة تتيح التأكد من العمل بموجبها. وبطبيعة الحال، يتعين على لندن أن تشارك في الانتخابات الأوروبية. لكن بالمقابل، يعتبر الأوروبيون أن واجب النواب البريطانيين الامتناع عن عرقلة عمل البرلمان البريطاني، وأن يمتنعوا عن التصويت، والأمر نفسه يصح على الهيئات والمؤسسات الأوروبية الأخرى. وهكذا، ستكون بريطانيا داخل الاتحاد، ولكن لـ«مرحلة انتقالية»، وفق توصيف المصادر الرئاسية. ويستشف من أقوال المصادر الفرنسية نوع من «الغيظ» من تقلب البريطانيين الذين «صوت برلمانهم ضد الخروج من غير اتفاق، وفي الوقت نفسه صوت ضد الاتفاق». وتضيف هذه المصادر أنه «ليس لنا أن نكرس كامل طاقاتنا لملف (البريكست) والكرة في الملعب البريطاني، وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم». وفي أي حال، فإن «التمديد ليس حلاً، ولا يمكن أن يقوم مكان الحل»، والاتفاق المبرم بعد عامين من المفاوضات الشاقة «لن يعاد التفاوض بشأنه»، ما يعني أن الأوروبيين أعطوا أفضل ما يمكنهم إعطاءه، وعلى الطرف البريطاني أن يتخذ القرار.
وتؤكد باريس أنها «اتخذت التدابير اللازمة» لمواجهة الخروج البريطاني من غير اتفاق، وإذا تبين أن ماي لن تأتي اليوم بخطة، ولن تبين وجود «أفق» للتوصل إلى تسوية ما (الموافقة على الاتفاق المبرم، البقاء داخل الاتحاد الجمركي، وعد بتنظيم استفتاء أو انتخابات جديدة)، فإن الخروج من غير اتفاق يمكن أن يحصل اليوم، وفي أي حال قبل 22 من الشهر الحالي، وهو الموعد النهائي الذي أعطاه المجلس الأوروبي لرئيسة الوزراء البريطانية.
فرنسا «لا تلعب دور الطفل الشرير»
فرنسا «لا تلعب دور الطفل الشرير»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة