اضطراب نبضات القلب يؤدي إلى مشكلات في التفكير والذاكرة

اضطراب نبضات القلب يؤدي إلى مشكلات في التفكير والذاكرة
TT

اضطراب نبضات القلب يؤدي إلى مشكلات في التفكير والذاكرة

اضطراب نبضات القلب يؤدي إلى مشكلات في التفكير والذاكرة

يرتبط اضطراب نبضات القلب بمشكلات التفكير والذاكرة لكن قد تساعد العقاقير المضادة لتخثر الدم في الحد من مخاطر هذه الحالة
تجعل نوبات «الرجفان الأذيني atrial fibrillation»، وهي خفقان سريع غير منتظم، البعض يشعر بالدوار، في حين لا يلاحظ البعض الآخر أي أعراض. ومع ذلك يتمثل الخطر الحقيقي لهذه الحالة في زيادة احتمالات الإصابة بسكتة دماغية لدى الأشخاص الذين يعانون من تلك الحالة مقارنة بغيرهم. كذلك يتزايد حالياً الاعتراف بأن الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني سوف يواجهون مخاطر المعاناة من مشكلات في التفكير والذاكرة حتى إذا لم يصابوا بسكتة دماغية.
ومن بين تلك المشكلات، التي تُعرف بالاعتلال الإدراكي، صعوبة في التذكر أو تعلم أشياء جديدة، أو التركيز، أو اتخاذ قرارات روتينية معتادة. ما السبب الكامن وراء ذلك؟ إنها جلطات الدم الصغيرة التي تسبب سكتات دماغية «صامتة» (لا تتم ملاحظتها) وتؤدي تدريجياً إلى تضرر أجزاء من المخ تتصل بالإدراك.
يقول الدكتور موسى منصور، مدير برنامج الرجفان الأذيني في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: «لم نكن نعرف حتى وقت قريب الكثير عن العلاقة بين الرجفان الأذيني والاعتلال الإدراكي». مع ذلك يوضح تحليل شامل لخبراء، خاص باضطراب نبضات القلب، تم نشره في 23 مارس (آذار) العام الماضي في دورية اضطراب نبضات القلب، الدليل على وجود تلك العلاقة، ويقدم نصيحة للوقاية من تلك المشكلة.
عادةً ما لا تكون للسكتات الدماغية الصامتة أعراض ملحوظة لأنها صغيرة، وكثيراً ما تحدث أمام المخ لا في المناطق التي تؤثر على الحركة والحديث. ويوضح الدكتور منصور قائلاً: «غالباً ما يتكرر حدوث تلك السكتات الدماغية الصغيرة لدى الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني على مدى سنوات، ويكون الضرر تراكمياً». وتشير دراسات خاصة بتصوير المخ إلى أن الرجفان الأذيني يضاعف احتمالات الإصابة بالسكتات الدماغية الصامتة، والتي ترتبط بدورها باحتمالات الإصابة بالنكوص أو التدهور الإدراكي.
تعد العقاقير، التي تساعد في الوقاية من جلطات الدم، والتي يطلق عليها أيضاً مضادات التخثر أو مميعات الدم، جزءاً أساسياً وحيوياً من علاج الرجفان الأذيني. تزيد كل مضادات التخثر مخاطر واحتمالات حدوث نزيف في القناة الهضمية، أو المخ، ولهذا السبب لا تكون مناسبة إلا إذا كان احتمال تعرض الشخص للإصابة بالسكتة الدماغية يوازن احتمال حدوث نزيف. ولاتخاذ هذا القرار يستخدم الأطباء أداة تنظر في العوامل الأخرى لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية مثل العمر، والنوع، والمشكلات القلبية الوعائية.

ظل عقار «الوارافرين warfarin» (كومادين Coumadin) لعقود عديدة، عقاراً اختيارياً للوقاية من تخثر الدم، لكنه يتطلب متابعة مستمرة، وربما تعديلاً للجرعة، ويتفاعل مع الكثير من الأطعمة والعقاقير الأخرى.
ومن المرجح أن يصف الأطباء حالياً مضادات التخثر الفموية التي ليست لها الأعراض الجانبية ذاتها. ولا تقل تلك العقاقير فعالية على الأقل عن الوارافرين في الوقاية من الإصابة بالسكتات الدماغية، واحتمال تسببها في نزيف خطير في المخ أقل، على حدّ قول الدكتور منصور.
مع ذلك، وحسب التقديرات فإن 40% من الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني، ممن ينبغي لهم تناول عقار مضاد لتخثر الدم، لا يفعلون ذلك، على حد قول الدكتور منصور.
ينبغي على الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني، والمؤهلين لتلقي علاج مضاد للتخثر، النظر في تناول أحد مضادات التخثر الفموية حسب التحليل الشامل، حيث إنها قد تساعد أيضاً في الوقاية من الاعتلال الإدراكي من خلال الوقاية من الإصابة بسكتات دماغية.
ينبغي على الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني التركيز أيضاً على عادات صحية أخرى للحد من المخاطر. من بين تلك العادات: ممارسة الرياضة، وفقدان الوزن الزائد، وعلاج انقطاع النفس النومي، وعلاج ارتفاع ضغط الدم، وعلاج ارتفاع الكوليسترول. كذلك يوضح الكثير من الدراسات وجود صلة بين تناول المشروبات الكحولية والإصابة بالرجفان الأذيني، لذا يقترح الدكتور منصور الحد من تناول المشروبات الكحولية إذا كنت مصاباً بهذه الحالة.
- رسالة هارفارد للقلب،
خدمات «تريبيون ميديا»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».