الولايات المتحدة تهدد بفرض رسوم على واردات أوروبية بـ11 مليار دولار

بسبب نزاع منذ 14 عاماً بين «إيرباص» و«بوينغ»

TT

الولايات المتحدة تهدد بفرض رسوم على واردات أوروبية بـ11 مليار دولار

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً على منتجات للاتحاد الأوروبي قيمتها 11 مليار دولار، بعد يوم من اقتراح مسؤولين أميركيين قائمة منتجات مستهدفة من الاتحاد الأوروبي في إطار نزاع بشأن طائرات يدور بين الجانبين حالياً. وكتب ترمب على «تويتر»: «منظمة التجارة العالمية خلصت إلى أن دعم الاتحاد الأوروبي لـ(إيرباص) أثّر سلباً على الولايات المتحدة التي ستفرض الآن رسوماً على منتجات للاتحاد الأوروبي بقيمة 11 مليار دولار! الاتحاد الأوروبي استغل الولايات المتحدة تجارياً لسنوات عدة. سيتوقف قريبا!».
وثار خلاف تجاري عالمي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ سنوات طويلة بسبب مزاعم متبادلة بدعم غير قانوني لعملاقي الطائرات؛ شركتي «إيرباص» ومقرها هولندا، و«بوينغ» ومقرها الولايات المتحدة، لكسب ميزة في نشاط الطائرات العالمية.
وأعلن الممثل التجاري الأميركي الاثنين الماضي المنتجات المزمع استهدافها رداً على دعم الشركة الأوروبية، مع توقعات بإعلان القائمة النهائية في الصيف. ونقلت «رويترز» عن مسؤول في الاتحاد الأوروبي، أمس، قوله إن الاتحاد بدأ الاستعداد للرد على دعم «بوينغ».
وتأتي التحركات مع بلوغ الخلاف بشأن الدعم، الذي تنظره منظمة التجارة العالمية منذ نحو 15 عاماً، ذروته، وسيقرر طرفا التحكيم حجم الإجراءات ضد الطرف الآخر.
وحكمت منظمة التجارة العالمية بأن الطرفين دفعا مليارات الدولارات دعماً لاكتساب ميزة، وطالبتهما بالتوقف أو مواجهة عقوبات محتملة.
ومن شأن هذه التصعيدات أن تزيد احتمال إحياء التوترات التجارية بين الأوروبيين والأميركيين. ويشكل ذلك فصلاً جديداً من نزاع قديم عمره 14 عاماً بين مجموعتي «بوينغ» و«إيرباص»، تخوضانه عبر أوروبا والولايات المتحدة اللتين تتبادلان الاتهامات أمام منظمة التجارة العالمية بتقديم إعانات غير قانونية إلى الشركتين الرائدتين في تصنيع الطائرات.
وقال ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر في بيان يوم الاثنين الماضي إن الإعانات الأوروبية لشركة «إيرباص» «تكلّف» الولايات المتحدة ما يصل إلى 11 مليار دولار في المبادلات التجارية كل عام. وأضاف أن واشنطن مستعدة لاتخاذ إجراءات للتعويض ابتداء من هذا الصيف. وبحسب مكتب ممثل التجارة الأميركي، فقد «توصلت منظمة التجارة العالمية أكثر من مرة إلى أن مساعدات الاتحاد الأوروبي تسببت في خسائر للولايات المتحدة»، علماً بأن الأوروبيين غير ملزمين بقرارات هذا المكتب. وتدعم الموقف الأميركي شركة «بوينغ» التي أضعفتها مشكلات في أهم طائراتها «ماكس 737» التي منعت من التحليق لمدة زمنية غير محددة بعد كارثتين جويتين.
ويعدّ مكتب ممثل التجارة الأميركي لائحة أولية بالسلع الأوروبية التي يمكن أن تخضع للتعريفات الجمركية الإضافية، خصوصاً في قطاع الطيران، لكن أيضاً بسلع غذائية مثل لحم سمك السيف وشرائح السلمون وبعض أنواع الجبن والفواكه وكذلك زيت الزيتون والنبيذ.
وردّ مصدر في المفوضية الأوروبية على الإعلان الأميركي أمس بالقول إن «مستوى التدابير المضادة (...) مبالغ فيه بشدة». وأضاف أن «الرقم الذي تحدث عنه مكتب ممثل التجارة الأميركي يستند إلى تقديرات داخلية أميركية». وأوضح المصدر أن «قيمة التعويضات التي تسمح منظمة التجارة العالمية بدفعها لا يمكن أن تحدد إلا بحكم تطلقه المنظمة نفسها».
ويحذر الاتحاد الأوروبي كذلك من أنه في إطار «النزاع الموازي المتعلق بـ(بوينغ)»، ينوي أيضاً «اتخاذ إجراءات سريعة» للردّ. ولذلك سيطلب من «الوسيط الذي تعينه منظمة التجارة العالمية تحديد قواعد الرد».
يقول الأوروبيون مع ذلك إنهم منفتحون لإجراء «محادثات»، بحسب المصدر نفسه. ويؤكد الأميركيون أيضاً، بحسب بيانهم، أن هدفهم «النهائي هو التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لوضع حدّ للإعانات المقدمة إلى الطائرات المدنية الضخمة».
ورأت «إيرباص» من جهتها أن «الحل المنطقي الوحيد هو تسوية يتم التفاوض عليها»، عادّة التهديدات الأميركية «غير مبررة إطلاقاً» في وقت دعا فيه وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أيضاً إلى «اتفاق ودي».
ومنذ أكثر من 14 عاماً، تتبادل واشنطن والمفوضية الأوروبية الاتهامات بتقديم مساعدات لا موجب لها إلى «بوينغ» و«إيرباص». وهذا النزاع التجاري الذي ينطوي على مليارات الدولارات، هو أطول وأعقد نزاع تعالجه منظمة التجارة العالمية.
وحصل الاتحاد الأوروبي الصيف الماضي على موافقة منظمة التجارة العالمية بتحكيم مجلس خبراء في هذا النزاع حول المساعدات إلى «إيرباص» التي ترفضها الولايات المتحدة.
لكن الأميركيين مطالبون بدورهم من منظمة التجارة العالمية بتحديد مبلغ العقوبات التي يمكن أن يفرضوها على الاتحاد الأوروبي.
وفي ملف المساعدات المقدمة إلى «بوينغ»، أكدت منظمة التجارة العالمية في أواخر مارس (آذار) الماضي أن الأميركيين لم يلتزموا أيضاً بقرارها لعام 2012 الذي يطلب منهم وقف المساعدات غير القانونية للشركة العملاقة المتمركزة في شيكاغو.
ويأتي التهديد الأميركي الأخير في ظل مناخ توترات تجارية متكررة بين الاتحاد الأوروبي وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تستخدم حق فرض رسوم جمركية عقابية سلاحاً في المفاوضات.
وهدد ترمب منذ مدة قصيرة أيضاً بفرض رسوم كبيرة على قطاع السيارات الأوروبي، رغم هدنة تجارية مع الاتحاد الأوروبي أعلنت أواخر يوليو (تموز) الماضي.
ويجهد الطرفان منذ أشهر باتخاذ إجراءات ملموسة عبر التفاوض على اتفاق تجاري متعلق بالسلع الصناعية حصراً، لكن المحادثات التمهيدية لدى الجانب الأوروبي تأخذ وقت طويلاً.
وتجد «بوينغ» نفسها في ظلّ اضطراب كبير بعد التشكيك في أمان نموذجها الجديد «737 ماكس»، بعد كارثتين قاتلتين بفارق أشهر؛ الأولى في بحر جاوة بإندونيسيا، والأخرى في إثيوبيا.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

بريطانيا تفرض عقوبات على وسطاء ماليين لاثنين من النخبة الروسية

رجل الأعمال الروسي عليشر عثمانوف الذي طالته العقوبات البريطانية الأخيرة يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 27 نوفمبر 2018 (رويترز)
رجل الأعمال الروسي عليشر عثمانوف الذي طالته العقوبات البريطانية الأخيرة يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 27 نوفمبر 2018 (رويترز)
TT

بريطانيا تفرض عقوبات على وسطاء ماليين لاثنين من النخبة الروسية

رجل الأعمال الروسي عليشر عثمانوف الذي طالته العقوبات البريطانية الأخيرة يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 27 نوفمبر 2018 (رويترز)
رجل الأعمال الروسي عليشر عثمانوف الذي طالته العقوبات البريطانية الأخيرة يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 27 نوفمبر 2018 (رويترز)

فرضت بريطانيا، اليوم (الأربعاء)، عقوبات على أفراد وشركات اتهمتهم بالعمل كوسطاء ماليين لرومان أبراموفيتش وعليشر عثمانوف، وهما من أفراد النخبة الروسية.
وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، قالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان إن الإجراءات الجديدة تستهدف من يساعدون رجلي الأعمال البارزين على الإفلات من تحمل التبعات الكاملة للعقوبات التي فُرضت في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وذكر وزير الخارجية جيمس كليفرلي في البيان: «نضيق الخناق على النخبة الروسية وأولئك الذين يحاولون مساعدتهم في إخفاء أموالهم من أجل الحرب». وأضاف: «سنظل نحول بينهم وبين الأصول التي اعتقدوا أنهم نجحوا في إخفائها».
وقالت الحكومة إنها فرضت عقوبات على ديميتريس يوانيدس وكريستودولوس فاسيليادس، وهما قبرصيان وصفتهما بأنهما «مساعدان محترفان» ساهما في إنشاء هياكل وصناديق استثمارية في الخارج.
واستهدفت العقوبات أيضا الشبكة المالية لعثمانوف، بما في ذلك شركات «يو.إس.إم» و«كورزون سكوير» المحدودة و«هانلي» المحدودة، وفقا للبيان.
وجمدت بريطانيا أصول أبراموفيتش وعثمانوف بعد أسابيع من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الماضي.