انطلاق العام الدراسي بالضفة.. لكن ليس في غزة

475 ألف تلميذ حرموا من حق التعليم بسبب العدوان الإسرائيلي

انطلاق العام الدراسي بالضفة.. لكن ليس في غزة
TT

انطلاق العام الدراسي بالضفة.. لكن ليس في غزة

انطلاق العام الدراسي بالضفة.. لكن ليس في غزة

لم تستطع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إطلاق العام الدراسي الجديد في قطاع غزة على غرار الضفة الغربية، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع، وهو ما حرم نحو 475 ألف طالب من الالتحاق بمدارسهم أمس السبت.
وبينما انتظمت الدراسة في جميع مدارس الضفة، وتلقى الطلاب تعليمهم كالمعتاد، كان زملاؤهم في غزة يتلقون مزيدا من المعونات في المدارس، التي يشغلونها مع عائلاتهم، بعدما تشردوا وآخرون من منازلهم بفعل القصف الإسرائيلي.
وقالت وزيرة التربية والتعليم خولة الشخشير أمس، إنه «من المؤلم ويعز علينا أن يبدأ العام الدراسي في الضفة من دون غزة التي أجلت فيها الدراسة إلى إشعار آخر». وأضافت في مؤتمر صحافي «كان من المقرر أن يتوجه نحو 1.200 مليون طالب وطالبة إلى مدارس الوطن في 2753 مدرسة حكومية وخاصة ووكالة غوث، يشرف عليهم 62 ألف معلم ومعلمة، ولكن نظرا للعدوان على القطاع فقد اضطرت الوزارة إلى بدء العام الدراسي هذا العام من دون محافظات غزة، وهو ما حرم نحو 475 ألفا من الالتحاق بمدارسهم».
وانطلق العام الدراسي في الضفة من دون مشكلات تذكر، بل مع توسعات شملت إنشاء 12 مدرسة جديدة في محافظات الضفة، واشتملت على إضافة 175 غرفة صفية جديدة بتكلفة تقدر بـ10 ملايين دولار، وتوسعة شملت 14 مدرسة قائمة أضيفت لها 82 غرفة صفية جديدة بتكلفة تقدر بـ5.5 مليون دولار، وصيانة 13 مدرسة بتكلفة تقدر بمليون دولار.
لكن في غزة كان المشهد مغايرا تماما، فإما مدارس تحوي نازحين أو مدارس مدمرة بالكامل أو بشكل جزئي. ويعيش في مدارس الأونروا ومدارس حكومية في غزة، ما يناهز 200 ألف نازح من العائلات التي فقدت منازلها. ويجري البحث حاليا عن بدائل لإيواء النازحين.
ونظّمت دائرة «التعليم»، في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أمس، بداية رمزية للعام الدراسي الجديد في قطاع غزة، إذ اصطف الطلاب النازحون في طابور صباحي، في مدارس متعددة، واقتصرت فعاليات بدء العام الدراسي على قرع الجرس، والوقوف في طابور من دون التوجه لمقاعد الدراسة.
وقالت كارولاين بونتفراكت، المديرة الإقليمية لدائرة «التعليم»، في وكالة «الأونروا»، في كلمة ألقاها أحد المعلمين نيابة عنها، في مدرسة في حي الرمال «سنظهر للعالم أن أطفالنا وبرغم الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة مصرون على التعليم».
وتقول وزارة التربية والتعليم في غزة بأنها بحاجة إلى أسبوعين منذ اللحظة التي يتوقف فيها العدوان من أجل استئناف الدراسة. وأعلنت عن خطة تتكون من ثلاث مراحل لإطلاق العام الدراسي في القطاع تركز المرحلة الأولى منها على دعم الحاجات النفسية الاجتماعية لكل الأطفال وإقامة نشاطات ترفيهية إضافية، أما المرحلة الثانية فتنتظم فيها الدراسة بشكل جزئي في مراكز الإيواء وتتم تهيئة وتوفير التجهيزات اللازمة والاحتياجات من خلال الإدارات المتخصصة، والمرحلة الأخيرة تشهد عودة الطلاب إلى المدارس بالشكل الطبيعي المعتاد.
وقالت الوزيرة خولة الشخشير: «لقد وضعنا الخطط والبرامج لتنفيذ الكثير من المشاريع في مجال الإصلاح والتطوير ومعالجة الوضع الصحي والنفسي السيئ الناتج عن العدوان، خاصة أن الجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال ضد الأطفال والمدنيين تحتاج إلى جهود مضاعفة لإزالة آثارها».
وفقد الطلاب والمدرسون عددا من زملائهم خلال العدوان الأخير. وفي هذا السياق، قالت خولة الشخشير: «يعزّ علينا أن نبدأ العام الدراسي الجديد، ونحن نحصي شهداءنا الطلبة والموظفين». وأضافت: «فقدت الأسرة التربوية 20 تربويا، ونحو 550 طفلا، وأصيب الآلاف منهم بحالات إعاقة دائمة، نتيجة القصف الإسرائيلي الهمجي من طائرات ودبابات الاحتلال، وخسروا كذلك بيوتهم».
وأحصت الوزيرة الأضرار التي أصابت مدارس غزة، وقالت: إن نحو 141 مدرسة تعرضت للقصف والتدمير، منها 22 مدرسة دمرت بشكل كامل، و119 بشكل جزئي، وكذلك عدد من مدارس وكالة الغوث، وست مؤسسات للتعليم العالي، وأربع رياض أطفال، الأمر الذي يحتاج وقتا وجهدا وأموالا لإصلاح الأضرار، تزيد عن 10 ملايين دولار.
وكانت المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية طالبت بتدخل عاجل لإنهاء العدوان الذي يشنه الاحتلال ضد قطاع غزة، من أجل تمكين السلطة «من تضميد جراح الطلبة والأسرة التربوية، والبدء بإصلاح الأضرار المادية والمعنوية والنفسية، وإيجاد مأوى للذين دمرت منازلهم، والذين باتوا يسكنون في المدارس».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.