4 توجهات فضائية جديدة رائدة

بعد 50 عاماً من الهبوط على سطح القمر: سياحة مدارية وقوة فضاء عسكرية

طائرة «فيرجن غالاكتيك» الفضائية للسياحة المدارية
طائرة «فيرجن غالاكتيك» الفضائية للسياحة المدارية
TT

4 توجهات فضائية جديدة رائدة

طائرة «فيرجن غالاكتيك» الفضائية للسياحة المدارية
طائرة «فيرجن غالاكتيك» الفضائية للسياحة المدارية

بعد مرور خمسين عاماً تقريباً على اختطاف رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ، أنظار سكّان الأرض «بالقفزة النوعية التي حقّقها للجنس البشري» بهبوطه على سطح القمر، عاد العالم اليوم إلى تركيز اهتمامه على السفر إلى الفضاء.
- مرحلة جديدة
في فبراير (شباط) الماضي، بلغت السياحة الفضائية مرحلة جديدة، بدأت فيها القوة الفضائية بالتصاعد، لتصبح العودة إلى الفضاء أقرب. وفي مداخلة له حول «البعثة القمرية» أمام لجنة التجارة والعلوم والنقل في مجلس الشيوخ الأميركي الشهر الفائت، قال جيم بريندستاين، مدير وكالة «ناسا» الفضائية: «هذه المرّة، سنقوم بهذا الأمر بشكل مختلف. هذه المرّة، سنذهب مع شركاء عالميين وشركاء تجاريين. وعندما نذهب إلى القمر، سنبقى هناك».
علاوة على ذلك، شهدت ذلك الشهر تعاوناً بين الوكالة وشركة «سبيس إكس» في إرسال رحلة فضائية تكلّلت بالنجاح. وستسهم هذه الرحلة في انتفاء حاجة رواد الفضاء الأميركيين إلى الصواريخ الروسية للوصول إلى المحطة الدولية التي تدور في مدار حول الأرض.
من جهته، رأى المؤرخ الفضائي جون لونغستون أنّ «هذه المصادفة وما جمعته من تطوّرات فضائية تجعل عامنا هذا مميزاً، بدءاً من الذكرى الخمسين لبعثة أبوللو»، في إشارة منه إلى الهبوط البشري الأوّل على سطح القمر في عام 1969، والذي خطف أنظار العالم قبل نصف قرن.
وأخيراً، يجب ألّا ننسى أيضاً التقدّم الذي حقّقته «ناسا» على طريق هدفها الأهمّ وهو إرسال البشر إلى كوكب المريخ.
لعلّ تحقيق هذا الهدف لا يزال على بُعد عقود من اليوم، خصوصاً أنّ قرار الإدارة الأميركية تأجيل عمل أساسي في «نظام الإطلاق الفضائي» قد يؤخّر موعد إطلاق أولى الرحلات إلى المريخ. ولكن الاختراقات التقنية التي تحقّقت هذا العام من شأنها أن تلعب دوراً مهماً في تسريع الوصول إلى الكوكب الأحمر.
- مهمات فضائية
فيما يلي ستتعرفون على خمسة أسباب تشرح لكم أهمية عام 2019 والزخم الذي يحمله للولايات المتحدة في مجال الفضاء، وفقاً لـ«يو إس إي توداي»:
> السياحة الفضائية: قد لا تكون السياحة الفضائية الاختراق التقني اللافت الذي سيقرّب البشر من كوكب المريخ. ولكنّ مركبة صاروخية أطلقتها شركة «فيرجن غالاكتيك» من سماء صحراء «موهافي» في كاليفورنيا بلغت حافة الفضاء الخارجي في فبراير الماضي، أي النقطة الأبعد التي وصلت إليها بعثة مأهولة إلى حدود الفضاء منذ نهاية برنامج «ناسا» للنقل الفضائي في 2011.
يشير هذا التقدّم إلى الكثير من العمل المستمرّ لقطاع التجارة الفضائية والتقنيات التي يعمل الخبراء حالياً على تطويرها. تسمع الشركات الخاصة الكثير من التشجيع لأداء المهام والبعثات التي كانت سابقاً محصورة في «ناسا»، خصوصاً في المدار الأرضي المنخفض.
> العودة إلى القمر: كان يوجين سيرنان آخِر رواد الفضاء الذين غادروا سطح القمر في ديسمبر (كانون الأول) 1972. وفي عام 2017 صدر قرار إدارة الرئيس ترمب بالعودة إلى القمر، ولكنّ ملامح هذه الجهود اتّضحت في فبراير الفائت، بعد إعلان «ناسا» عن دعوتها الشركات الخاصة لتوقيع شراكات مع الوكالة للعمل على أشكال محدّدة لهذه العودة كإنشاء «بوابة» انطلاق أرضية في المدار القمري.
أعلنت الإدارة الأميركية عن موازنتها لعام 2020 وتتضمّن 363 مليون دولار لدعم التطوير التجاري لسفينة هبوط كبيرة تستطيع أوّلاً نقل حمولة إلى الفضاء، ورواد فضائيين في وقت لاحق إلى سطح القمر.
وكانت الكلفة العالية لتطوير مركبة هبوط تحمل رواد فضاء من المدار إلى السطح قد تسببت في إلغاء «برنامج الكوكبة» الذي كان يهدف للعودة إلى القمر. أمّا كلفة المشروع الأخير فستتوزع بين شركاء عالميين وشركات طيران.
ولكن رغم الزخم الذي تمثّله هذه العودة، لن نرى إنساناً يخطو على سطح القمر قبل عقد من الزمن، أي قبل عام 2028. وقال لونغستون: «بالنسبة إليّ، أهمّ ما قد يحصل في 2019 هو الالتزام الثابت بالعودة إلى القمر إلى جانب الأهداف التي تركّز الحكومة الأميركية على تحقيقها في السنوات المقبلة، وتنفيذها في إطار شراكات تجارية ودولية».
- عسكرة الفضاء
> قوة عسكرية فضائية: انطلق فرع جديد من الجيش الأميركي، تمّ إنشاؤه لمواجهة التهديدات الصادرة من الفضاء، إلى خارج كوكبنا في فبراير.
وكان الرئيس دونالد ترمب قد وقّع توجيهاً لإنشاء فرع جديدا في الجيش مهمّته مراقبة مدار الأرض المنخفض وحماية الولايات المتحدة من اعتداءات دول أخرى، وتحديداً روسيا والصين. يرى مسؤولو الدفاع الأميركيون أنّ الدولتين المذكورتين تطوِّران قدراتهما ودوافعهما المحتملة بشكل يهدّد الولايات المتحدة.
لم يقرّ الكونغرس بعد تمويل هذه الفكرة ولكنّها مطروحة في ميزانية الإدارة التي أُعلنت، الاثنين، حتى إنّ بعض المشرّعين أبدوا موافقتهم على السير في تنفيذها.
لا توفّر إدارة ترمب اليوم أي جهود لتنفيذ ما يتوجب عليها دون موافقة الكونغرس الذي لا يزال منقسماً حول هذه الفكرة. ولكنّ القرار الأخير يعود للمشرعين في اتخاذ القرار سواء كان لناحية السماح بإنشاء الفرع العسكري أو لناحية إقرار الأموال لتمويل الخطّة.
> مركبات رواد فضاء إلى المحطّة الفضائية الدولية: بعد نحو ثماني سنوات على إتمام مركبة «أتلانتس» آخر بعثات «ناسا» الفضائية، من المرجّح أنّ يعود الأميركيون قريباً إلى المحطة الفضائية الدولية على متن صواريخ أميركية أُطلقت من الأراضي الأميركية.
إنّ الهبوط الناجح للمركبة غير المسماة من «سبيس إكس كرو» في الثامن من مارس (آذار) بعد انطلاقها من فلوريدا في رحلة دامت خمسة أيّام إلى المحطة الفضائية الدولية، يزيد احتمال صعود رواد فضائيين في رحلة جديدة مع نهاية هذا العام.
في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في فبراير، قال ترمب: «سيشهد هذا العام عودة رواد فضاء أميركيين إلى الفضاء على متن صواريخ أميركية».
ومن المتوقّع أن تطلق شركة «بوينغ»، أحد شركاء «ناسا» التجاريين في برنامج «الطاقم التجاري» (كوميرشل كرو)، رحلتها التجريبية «سي إس تي - 100 ستارلاينر» في أبريل (نيسان).
نتائج كثيرة تتوقّف على نجاح هذه الرحلة وليس لأنّها تكلّف دافعي الضرائب الأميركيين أكثر من 80 مليون دولار في كلّ مرّة يحتاج فيها رواد الفضاء الأميركيون إلى الذهاب في رحلة إلى المحطة الفضائية. وكان بريندستاين قد تحدّث العام الماضي، عن استئناف البعثات الأميركية الفضائية مع نهاية عام 2019، ولكن دون أن يؤكّد ذلك.
- خمسينية الهبوط على سطح القمر عام 1969
> هذه التطوّرات جميعها تحصل بالتزامن مع اقتراب ذكرى تاريخية وهي خمسينية المسير الأول على سطح القمر في يوليو (تموز).
بدأت «ناسا» فعلاً باحتفالاتها بذكرى «أبولو 11» أي الرحلة التي حملت نيل أرمستورنغ، وميشال كولينز، وإدوين «باز» ألدرين، إلى القمر، ومن هذه الاحتفالات، إصدار شعار مميّز للمناسبة. وتجدر الإشارة إلى أنّ اسم ألدرين، آخر الأحياء من هذه البعثة، ورد في خطاب حالة الاتحاد للرئيس ترمب.
يعتبر داعمو البرنامج الفضائي أنّ هذه الذكرى تقدّم لهم فرصة لا تعوّض لإطلاق قضية تعكس العظمة الأميركية. وفي حديث لها مع موقع «كوليكت سبيس» لعشاق الفضاء، قالت فاليري نيل، مديرة قسم التاريخ الفضائي في متحف الطيران والفضاء الوطني التابع لمؤسسة «سميثسونيان»: «نرى في ذكرى (أبولو 11) الخمسين فرصة لتعريف جيل جديد بالكامل على ما شهدناه في زماننا. ونأمل الاستفادة من هذه المناسبة لإثارة هذا النوع من الحماس والبدء بالتفكير بما يمكننا فعله في القرن الحادي والعشرين ليرقى إلى مستوى إنجاز 1969 سواء في الفضاء أو هنا على الأرض».


مقالات ذات صلة

كشف مصدر إشارة راديو غامضة سافرت 200 مليون سنة ضوئية لتصل إلى الأرض

يوميات الشرق رسم توضيحي فني لنجم نيوتروني ينبعث منه شعاع راديوي (إم تي آي نيوز)

كشف مصدر إشارة راديو غامضة سافرت 200 مليون سنة ضوئية لتصل إلى الأرض

اكتشف علماء انفجاراً راديوياً غامضاً من الفضاء عام 2022، وقع في المجال المغناطيسي لنجم نيوتروني فائق الكثافة على بُعد 200 مليون سنة ضوئية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يتم رصد القمر وكوكب الزهرة في السماء فوق المجر (إ.ب.أ)

هواة مراقبة النجوم يشهدون كوكب الزهرة بجانب الهلال

يبدو أن شهر يناير (كانون الثاني) سيكون شهراً مميزاً لرؤية الظواهر السماوية النادرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أجسام محترقة رصدها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي جنوب السعودية

أجسام غامضة في سماء السعودية... هذا تفسيرها

تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الخميس، مقاطع فيديو لظهور ما يشبه أجسام محترقة في سماء مدينة جازان (جنوب السعودية).

جبير الأنصاري (الرياض)
يوميات الشرق عرض سماوي مبهر يحدث مرّة كل 80 عاماً (غيتي)

بعد انتظار 80 عاماً... علماء الفلك يستعدون لعرض سماوي مبهر وقصير

وتنتج هذه الظاهرة الفلكية عن التفاعل بين نجمين يدوران حول بعضهما بعضاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إنجاز مذهل (ناسا)

مسبار «ناسا»... «يقهر» الشمس مُسجِّلاً إنجازاً مذهلاً

أكّدت «ناسا» أنّ المسبار «باركر» الشمسي «سليم» ويعمل «بشكل طبيعي» بعدما نجح في الوصول إلى أقرب نقطة من الشمس يصل إليها أي جسم من صنع الإنسان.

«الشرق الأوسط» (ماريلاند الولايات المتحدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.