مفتي دمشق يزور القاهرة لبحث «مواجهة الإرهاب»

مصادر بمشيخة الأزهر لمحت إلى لقاء بين الطيب والبزم

مفتي دمشق الشيخ عبد الفتاح البزم
مفتي دمشق الشيخ عبد الفتاح البزم
TT

مفتي دمشق يزور القاهرة لبحث «مواجهة الإرهاب»

مفتي دمشق الشيخ عبد الفتاح البزم
مفتي دمشق الشيخ عبد الفتاح البزم

قالت مصادر مسؤولة في مشيخة الأزهر الشريف بالقاهرة، إن «زيارة مهمة متوقعة لشخصية عربية دينية لمقر مشيخة الأزهر الشريف هذا الأسبوع لم يُعلن عنها»، لافتة إلى أن «أغلب لقاءات الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب تُحاط بسرية كاملة، لحساسية هذه اللقاءات». ولم تحدد المصادر الشخصية العربية التي ستلتقي مع الدكتور الطيب في مقر المشيخة بالدراسة بالقاهرة، لكنها لمحت إلى أنه قد يكون لمفتي أحد الدول العربية.
ووصل إلى القاهرة، أمس، الشيخ الدكتور عبد الفتاح البزم، مفتي دمشق، مدير معهد الفتح الإسلامي، قادما من سوريا، في زيارة لمصر تستغرق عدة أيام، يلتقي خلالها مع عدد من المسؤولين والشخصيات الدينية.
وقال مصدر مطلع في مصر، إن «مفتي دمشق سوف يلتقي عددا من الشخصيات الدينية والسياسية في البلاد». مضيفا أن المفتي سيبحث خلال زيارته آخر التطورات في سوريا، ودعم بلاده في مواجهة التنظيمات المسلحة، ومساندة المؤسسات الدينية في مصر لعرض حقيقة الإسلام الوسطى، ومواجهة التنظيمات «الإرهابية» التي تمارس القتل والذبح في بلاده، بما يشوه الإسلام.
وأوضح المصدر المطلع أن مفتي دمشق سيناقش «ضرورة توعية المواطنين ودرء الفتنة التي ألبست عباءة إسلامية لتشويه الدين الحنيف وتعاليمه من خلال ترويج وتقديم صور محرفة عن علاقة الإسلام بالإنسان والبنيان والمرأة والعلم، مع محاربة الفكر المتطرف والوقوف في وجه من أراد تشويه المعالم الدينية عبر التصرفات الإجرامية للتنظيمات الإرهابية التكفيرية».
وأكد المصدر المطلع أن «مفتي دمشق أشاد أكثر من مرة بدور الأزهر الشريف في دعم الفكر الإسلامي المعتدل، وعظمة الشعب المصري الذي استطاع أن يجتاز أزمته بكل اقتدار»، لافتا إلى أن مفتي دمشق سيؤكد خلال اللقاءات أن استقرار مصر هو استقرار للأمة العربية.
وسبق أن استقبل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أخيرا، الشيخ رافع الرفاعي مفتي العراق، وبحث خلال اللقاء الوضع في العراق، كما التقى الرفاعي عددا من الشخصيات الدينية في مصر. وقالت مصادر أزهرية إن «شيخ الأزهر أكد لمفتي العراق أن الشعب العراقي في حاجة ملحّة لتضافر كل القوى والفصائل، لوقف نزف الدم العراقي، منددا بما يحدث في العراق من الميليشيات المختلفة بقتل الأبرياء وانتهاك الأعراض وقصف المساجد، واضطهاد وتهجير للمسيحيين وبعض الطوائف الأخرى».
والشيخ عبد الفتاح البزم مفتي دمشق ومدير معهد الفتح الإسلامي، من علماء الدين الدمشقيين الذين وقفوا مع نظام الأسد في معركة البقاء، بزعم محاربة الإرهاب والفكر الإسلامي المتطرف.
وكانت شائعات أطلقت، العام الماضي، حول فراره إلى إسطنبول، وإعلان انشقاقه، الأمر الذي نفاه في حينها معهد الفتح الإسلامي، مؤكدا أن «الشائعة أطلقت أثناء غياب الشيخ في روسيا في زيارة للجامعة الإسلامية».
ويُشار إلى أن الشيخ البزم حاصل على عدة إجازات علمية في اللغة العربية من جامعة دمشق عام 1970، ودراسات عليا في جامعة عين شمس بالقاهرة، في اللغة العربية (النحو العربي) وماجستير في الشريعة ودكتوراه في الفلسفة (العقيدة الإسلامية) ودكتوراه ثانية في علم الحديث. وعمل مدرسا في معهد الفتح الإسلامي بعد الحصول على الشهادة الثانوية، ثم مديرا للمعهد منذ 22 سنة بتكليف من مؤسس المعهد وجمعية الفتح الإسلامي الشيخ صالح فرفور، ثم بقرار وزاري من وزير الأوقاف 1983.



عودة حديث «التهجير» في لقاء ترمب - نتنياهو تلقي بظلالها على مفاوضات الهدنة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
TT

عودة حديث «التهجير» في لقاء ترمب - نتنياهو تلقي بظلالها على مفاوضات الهدنة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

التمسك بـ«تهجير الفلسطينيين» كان محوراً رئيساً في لقاء جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بواشنطن، بينما تتواصل مفاوضات في الدوحة لبحث الذهاب لهدنة جديدة قد تشمل محادثات بشأن وقف الحرب المستعرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

تلك العودة الكلامية للتهجير المرفوضة فلسطينياً وعربياً، يراها مصدر مصري مطلع وخبراء في أحاديث منفصلة لـ«الشرق الأوسط»، رسائل سلبية للمفاوضات الجارية بالدوحة، سواء بغرض الضغط أو فرض أمر واقع، مستبعدين أن تؤثر تلك الأحاديث حالياً بشكل جذري على مسار المحادثات الجارية أو التوصل لهدنة ستكون الأسبوع المقبل حال نجحت الزيارة المرتقبة للمبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف لقطر.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن عودة الحديث عن «تهجير» الفلسطينيين في هذا التوقيت الحساس تضر بجهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإبرام الهدنة، موضحاً أن «موقف مصر والموقف العربي عموماً ثابت في هذا الإطار، حيث ينطلق من رفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير أهل غزة».

طفل فلسطيني يبكي قرب جثمان أحد أقربائه قُتل خلال غارة إسرائيلية على النصيرات في مستشفى العودة وسط غزة (أ.ف.ب)

وأكد المصدر المصري أن «الجهود الراهنة يجب أن تكون منصبة على تحقيق هدنة تقود لوقف شامل للحرب، وإعادة تأهيل القطاع»، مشيراً إلى الخطة المصرية للإعمار التي حظيت بدعم عربي في هذا الصدد في مارس (آذار) الماضي.

وخلال اجتماع مع نتنياهو، الاثنين، بالبيت الأبيض، عندما سئل ترمب عن «تهجير» الفلسطينيين، قال: «نحظى بتعاون كبير من الدول المحيطة... لذا سيحدث أمر جيد»، بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بلاده تعمل مع واشنطن للعثور على دول أخرى توافق على مثل هذه الخطة، حسبما ذكرت «رويترز».

وعندما سُئل ترمب عما إذا كان حل الدولتين ممكناً، أجاب: «لا أعرف»، وأحال السؤال إلى نتنياهو، الذي أجاب بالقول: «أعتقد أن الفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بجميع الصلاحيات لحكم أنفسهم، ولكن دون أن تمنح لهم أي صلاحيات من شأنها أن تهددنا. هذا يعني أن السلطة السيادية، مثل الأمن الشامل، ستبقى دائماً في أيدينا».

وجدّد الرئيس الأميركي، في مايو (أيار)، اقتراحه بتهجير سكان غزة، مكرراً أحاديثه التي بدأها مع توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، وكررها أيضا في فبراير (شباط)، وأبريل (نيسان)، مقابل تنديد عالمي ورفض عربي واسع لا سيما من مصر والأردن البلدين الحدوديين لفلسطين.

وكشفت «رويترز»، الاثنين، عن خطة لدى مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أميركياً، اطلع عليها ترمب لإقامة مخيمات على مساحات كبيرة داخل غزة، وربما خارجها، لإيواء فلسطينيين من القطاع، وتبلغ تكلفتها نحو ملياري دولار، تزامناً مع تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن الوزارة ستنشئ منطقة إنسانية جديدة في منطقة رفح لاستقبال ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، وستكون خالية من «حماس».

ويرى أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية الدكتور طارق فهمي، أن عودة ترمب ونتنياهو لهذا الحديث تعد رسالة بأنهما ماضيان في مخطط التهجير، وأن هذه الورقة لم تسقط من حساباتهما بعد سواء بهجرة طوعية أو جبرية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه «من الواضح أن نتنياهو يريد تنفيذ مخططه بنقل الفلسطينيين بغزة إلى رفح التي تمثل نحو 20 في المائة من مساحة القطاع وجعلها منطقة أشبه بسجن لدفع السكان للهجرة القسرية أو الطوعية»، مشيراً إلى أن «عودة ترمب ونتنياهو لهذا الحديث مجدداً وسط مفاوضات دائرة بالدوحة نوع من الإرباك والضغط على المفاوض الفلسطيني».

فتاتان تهرولان بأحد الشوارع عقب غارة إسرائيلية أصابت خيمةً تؤوي نازحين فلسطينيين في مدينة غزة (أ.ف.ب)

ورغم استدعاء واشنطن لحديث «التهجير» مجدداً، فإنها ستوفد ويتكوف لحضور مفاوضات الهدنة بغزة، وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في تصريحات الاثنين إنه «سيتوجه إلى العاصمة القطرية الدوحة، هذا الأسبوع، حيث سيواصل المشاركة في هذه المناقشات»، مضيفة أن «القطريين والمصريين كانوا شركاء مفيدين للغاية في التوسط بهذه المفاوضات والمناقشات لإحلال السلام في هذه المنطقة، وإنهاء هذا الصراع نهائياً».

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، بالدوحة زيارة ويتكوف دون أن يحدد موعداً لها، مشيراً إلى أن المفاوضات تتركز حالياً على «إطار تفاوضي» للاتفاق، «وسعي إلى جسر الهوة للإطار التفاوضي».

وكانت المفاوضات في اليوم الثالث «صعبة وتركز على بحث آليات الانسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة، وإدخال المساعدات ووقف النار»، بحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فيما قال الوزير الإسرائيلي زئيف إلكين، وهو عضو في الحكومة الأمنية المصغرة، لهيئة البث الإسرائيلية الثلاثاء إن هناك «فرصة حقيقية» للاتفاق على وقف إطلاق النار، مضيفاً: «(حماس) تريد تغيير بعض الأمور الجوهرية، الأمر ليس بسيطاً، إلا أن هناك تقدماً».

ونقلت «آي نيوز 24» الإسرائيلية عن مصادر أن «هناك تقدماً في المفاوضات حيث تم حل 75 في المائة من القضايا حتى الآن. ومن القضايا التي لم يتم الاتفاق عليها بعدُ كيفية توزيع المساعدات الإنسانية، ويجري حالياً مناقشة انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة خلال وقف إطلاق النار».

ووصل وفد إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة، الأحد، يضم منسق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية، أوفير فالك، ومسؤولين آخرين من الجيش الإسرائيلي والموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك)، بحسب القناة ذاتها.

ويعتقد فهمي أن استمرار جلسات التفاوض بالدوحة بحضور مصري منذ السبت بجانب مستوى الوفد الإسرائيلي يدل على أن هناك جدية لإتمام اتفاق، يضاف لذلك أن ويتكوف سيأتي للمنطقة لوضع اللمسات الأخيرة كما فعل في اتفاق يناير الماضي، مؤكداً أن فرص نجاح هذه المحادثات أقوى من فرص فشلها.

ويتوقع الرقب أن يتم في ضوء زيارة ويتكوف تلاقي التباينات تحت ضغوط أميركية والتوصل لهدنة قريبة ربما تكون الأحد أو الاثنين، خصوصاً والمبعوث الأميركي قد يضع اللمسات الأخيرة دون أن تتأثر تلك الجهود بالعمليات الاستنزافية التي تقوم بها المقاومة التي تشكل ضغطاً فقط على إسرائيل، مبدياً تفاؤلاً حذراً بإمكانية استمرار الهدنة بعد تصريحات ترمب ونتنياهو، إذ قد يستغلها الأخير في الحصول على رهائن والعودة لتنفيذ مخطط التهجير تحت أي ذرائع وبضوء أميركي.