الجيش الليبي يسيطر على ضواحي طرابلس... والسراج يلجأ للطيران

مواجهات مع ميليشيات طرابلس و«سرايا بنغازي» تدخل المعركة

قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)
TT

الجيش الليبي يسيطر على ضواحي طرابلس... والسراج يلجأ للطيران

قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)

واصل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، تجاهله دعوة مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى الوقف الفوري لكل التحركات العسكرية في اتجاه العاصمة طرابلس، حيث استمرت قوات الجيش في خوض معاركها على أكثر من محور في ضواحي العاصمة، تمهيداً لدخولها.
وبدا أن حفتر، يخطط لما بعد إعلان تحرير طرابلس إذ عقد أمس، اجتماعا رفيع المستوى بمقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي شرق البلاد، مع رئيس الحكومة المؤقتة الموالية له عبد الله الثني ورئيس الأركان العامة للجيش الفريق عبد الرازق الناظوري ووزير الداخلية إبراهيم بوشناف، لبحث ترتيبات تأمين طرابلس.
وبدأت قوات الجيش، التي لم يعد يفصلها سوى كيلومترات قليلة فقط عن وسط طرابلس، حيث مقر الوزارات الرئيسية التابعة لفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، في خوض قتال مباشر وجها لوجه مع الميليشيات المسلحة في طرابلس الموالية للسراج، الذي عين أمس، العقيد طيار محمد قنونو، ناطقا رسميا باسم الجيش التابع له، كما شكل غرفة عمليات مشتركة بقيادة اللواء أسامة الجويلي، تعود تبعيتها لرئيس أركانه الفريق الشريف، وتضم آمر المنطقة الوسطى وآمر قوة مكافحة الإرهاب.
وأعلن الجيش الوطني في بيان له أمس، في حدث وصفه بأنه «تاريخي غير مسبوق» لأهل ليبيا، أن قواته بسطت أمس، سيطرتها على كامل مطار طرابلس الدولي وتقوم بعملية تأمينه كنقطة انطلاق للسيطرة على مواقع حيوية أخرى داخل العاصمة في الساعات القليلة المقبلة، فيما وزعت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش فيديو يظهر وصول تعزيزات عسكرية إلى مكانها المحدد ضمن عملية «طوفان الكرامة» التي أطلقها حفتر.
ودخل سلاح الجو للمرة الأولى على خط المعركة، بعدما قصفت مقاتلات تابعة لحكومة السراج تمركزات لقوات الجيش الوطني، وقال مصدر عسكري في تصريحات له أمس، نقلتها وسائل إعلام محلية، إن «طائرات حربية انطلقت من القاعدة الجوية بمصراتة، نفذت 3 ضربات جوية استهدفت قوات الجيش في غريان ومزدة بجنوب طرابلس»، لافتا إلى أن الغارات كانت تستهدف تجمع آليات وذخائر في المواقع المذكورة.
لكن وسائل إعلام محلية قالت في المقابل، إن عائلة لقت حتفها جراء قصف منزلها بالخطأ من الطائرات التي تتبع السراج، فيما رد الجيش الوطني بإعلان المنطقة الغربية منطقة عمليات عسكرية يمنع الطيران فيها لأي طائرة حربية أو طائرة تصوير جوي من أي جهة كانت.
ووصف فتحي باشا أغا وزير الداخلية بحكومة الوفاق، الوضع الأمني في مدينة طرابلس بأنه جيد وممتاز، وقال في تصريحات تلفزيونية له مساء أول من أمس، إن قواته استعادت السيطرة على المطار بعد تسلل وحدات من قوات حفتر إليه، وإن المعارك تدور الآن في منطقة قصر بن غشير، مشيرا إلى أنها ستستمر حتى «دفع المهاجمين إلى المكان الذي أتوا منه في الرجمة»، المقر الرئيسي لقيادة حفتر.
لكن مصدرا مسؤولا في وزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة الموالية لحفتر في شرق البلاد، أعلن في المقابل «انشقاقات واسعة في صفوف رجال الأمن بمناطق غرب ليبيا عن داخلية السراج». وأضاف المصدر أن مجموعات من جهاز الدعم المركزي في العاصمة طرابلس، فتحت قنوات اتصال مباشر مع وزير الداخلية إبراهيم بوشناف وقامت بتشكيل خلايا عمل داخل العاصمة لتأمينها ساعة الصفر بالتنسيق مع غرفة عمليات الجيش.
وأعلن مصطفى الشركسي قائد تنظيم «سرايا الدفاع عن بنغازي»، في فيديو مصور يعتبر أول ظهور علني له بعد اختفائه منذ نحو عامين، انضمامه إلى صفوف قوات السراج للتصدي للجيش في المنطقة الغربية. كما دعا الشركسي، قوات الجيش التي وصفها بـ«مجموعات من العاطلين عن العمل الباحثين عن المال، إلى الاستسلام»، مطالبا كل العسكريين بدعم من وصفهم بالثوار في طرابلس ومحيطها بالمعلومة والخبرة.
وفرضت قوات الجيش الوطني سيطرتها الكاملة على مطار طرابلس الدولي وأحكمت الطوق على جنوب العاصمة طرابلس، وفقا لما أعلنه الناطق الرسمي باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، الذي قال مساء أول من أمس، في مؤتمر صحافي: «وصلنا إلى الموقع وفرضنا سيطرة كاملة عليه كما قمنا بالسيطرة على مدينة العزيزية والسواني، وبالتالي أحكمنا الطوق الجنوبي للعاصمة».
وأظهرت لقطات مصورة عناصر من «الكتيبة 155» التابعة للجيش وهي تعلن السيطرة على المدخل الجنوبي للعاصمة طرابلس المؤدي إلى المطار الدولي، كما نجحت في السيطرة على مدينة ترهونة وصولا إلى بلدية قصر بن غشير الواقعة على بعد 28 كيلومترا جنوب طرابلس.
وأضاف المسماري: «قواتنا تسيطر على بلدتي ترهونة والعزيزية القريبتين من طرابلس وهي تتقدم بخطى ثابتة، وحينما نتحدث عن قصر بن غشير وسواني وبن يادم ومحطة الرمل فإننا دخلنا طرابلس وغدا سنكون وسطها»، مؤكدا أن عملية تحرير طرابلس لن تتوقف حتى تنهي مهمتها.
وأعلن المسماري أن «الوحدات العسكرية فقدت خمسة (شهداء) أمس واليوم في طريق تقدمها نحو طرابلس»، مشيرا إلى «أسر 123 جنديا» في منطقة الـ27 كيلومترا غرب طرابلس، التي سيطرت عليها قوات الجيش قبل أن تستعيدها قوات موالية لحكومة السراج لاحقا.
وسعت حكومة السراج إلى إعاقة التقدم المطرد لقوات الجيش، إذ نفذت طائرات حربية تابعة لها انطلقت من قاعدة مصراتة الجوية غرب البلاد، ضربة جوية استهدفت قوات الجيش في منطقة أبو غيلان جنوب طرابلس، لكن دون أي خسائر. وطبقا للمسماري فقد رصدت قوات الجيش «تحركات صوب الجفرة الواقعة على بعد نحو 650 كيلومترا جنوب شرقي طرابلس، من قبل قوات مسلحة» لم يسمها، مضيفا: «نحن نعرف جيداً الوجهة التي جاءت منها ونحذرها من الاستمرار في التقدم».
وقال سكان إن قوات من مدينة مصراتة الواقعة شرق طرابلس أرسلت مزيدا من التعزيزات للدفاع عن السراج، إذ دفعت قوات متحالفة مع حكومته بالمزيد من الشاحنات الصغيرة المزودة بالأسلحة الآلية إلى طرابلس للدفاع عن العاصمة في مواجهة قوات الجيش الوطني.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.