إسرائيل تتجه لتنفيذ المرحلة الثانية من الجدار الحدودي باتجاه شبعا

«الشرق الأوسط» واكبت جولة مفوض الحكومة على الخطّ الأزرق

القاضي بيتر جرمانوس عند الجدار الإسمنتي الذي أقامته إسرائيل على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)
القاضي بيتر جرمانوس عند الجدار الإسمنتي الذي أقامته إسرائيل على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)
TT

إسرائيل تتجه لتنفيذ المرحلة الثانية من الجدار الحدودي باتجاه شبعا

القاضي بيتر جرمانوس عند الجدار الإسمنتي الذي أقامته إسرائيل على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)
القاضي بيتر جرمانوس عند الجدار الإسمنتي الذي أقامته إسرائيل على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)

أنجزت القوات الإسرائيلية المرحلة الأولى من بناء الجدار الإسمنتي الذي يفصل بين الأراضي الفلسطينية المحتلّة ولبنان، الممتد على طول 5 كلم، ويبدأ من مرتفعات بلدة العديسة اللبنانية غرباً مروراً ببلدة كفركلا وصولاً إلى أطراف سهل الخيام شرقاً، وهي تتهيّأ للبدء بتنفيذ المرحلة الثانية باتجاه مزارع شبعا ومرتفعات جبل الشيخ، وجرى تعزيز الوضع الأمني للجدار بتقنيات حديثة وعالية الدقّة من كاميرات وأبراج مراقبة، وأجهزة حساسة قادرة على استشعار أي تحرّك غير اعتيادي من الجهة اللبنانية.
ويعتبر مجلس الدفاع الأعلى في لبنان، أن بناء الجدار يشكل اعتداء على الأراضي اللبنانية لا يمكن القبول به، وتراقب الأجهزة الأمنية والقضائية تطورات بناء هذا الجدار، حيث تفقّد مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، منطقة الشريط الحدودي عند الخطّ الأزرق الذي رسمته قوات الأمم المتحدة، وواكبت «الشرق الأوسط» مفوّض الحكومة خلال جولته مع وفد أمني من استخبارات الجيش اللبناني على طول الجدار، واطلع جرمانوس على واقع الأمر، واستمع إلى شرح مفصّل من المسؤولين الأمنيين في المنطقة الحدودية لما يحصل، وللاستفزازات الإسرائيلية المتكررة سواء لجنود الجيش اللبناني أو للمدنيين.
وشدد مفوّض الحكومة على ضرورة تزويده بتقارير دورية عن هذه التطورات، داعياً إلى «اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، حتى لا تتعرض وحدات الجيش المنتشرة على الحدود لأي أذى»، خصوصاً بعدما أبلغه الأمنيون، أن الجنود الإسرائيليين غالباً ما يلجأون إلى الاستفزاز ويتخذون وضعيات قتالية ويصوبون فوهات بنادقهم نحو الجيش، ويوجهون الشتائم لهم وللمدنيين في محاولة لاستدراجهم لعمليات إطلاق نار.
والتقى القاضي جرمانوس ضباطاً وعناصر من الكتيبة الإندونيسية العاملة في عداد قوات «اليونيفيل» والمتمركزة في منطقة العديسة قرب الحدود مع إسرائيل، وناقش معهم الوضع الأمني على الحدود، والإجراءات التي تتبعها القوات الدولية.
وعاينت «الشرق الأوسط» الجدار الإسمنتي الذي يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار، يعلوه في بعض المواقع المنخفضة جغرافياً، شباك حديدي وأسلاك معدنية بارتفاع مترين إضافيين، فيما تظهر أعمدة حديد مرتفعة جداً تبعد خمسة أمتار تقريباً عن الجدار، مثبّتة عليها كاميرات مراقبة حديثة. لكن في مقابل الورشة الإسرائيلية المتسارعة بدت الحركة كثيفة من قبل أهالي البلدات اللبنانية الواقعة على تخوم هذا الجدار، لا سيما في بلدات كفركلا، الخيام والعديسة، حيث عمليات بناء المنازل والفيلات ناشطة، يعززها وجود سكاني كثيف، بالإضافة إلى استثمار الأراضي الزراعية، وكأن الناس غير معنيين بما يحصل في الجهة المقابلة، أو أنهم باتوا أكثر اطمئناناً لعدم اندلاع أي حرب قريبة مع إسرائيل.
مصدر عسكري واكب مفوّض الحكومة القاضي جرمانوس في جولته، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن الجدار «لا يلغي خطر دخول إسرائيلي بريا إلى لبنان». وكشف عن «وجود بوابات ضمن أسوار هذا الجدار وعلى مسافات متقاربة، تسمح بعبور دبابات كبيرة من خلالها بحجم الـ(ميركافا)، ما يعني أن خيار التصعيد الإسرائيلي يبقى وارداً».
ولفت المصدر العسكري إلى أن المراحل الأخرى من بناء الجدار ستستغرق وقتاً طويلاً، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية «بدأت استقدام حفارات ضخمة، لحفر قاعدة للجدار بعمق كبير وسماكة ضخمة، لإعاقة حفر أنفاق جديدة في المرحلة المقبلة».
من جهته، أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد خليل حلو، أنه «من الناحية العسكرية لا يمكن للجدار صدّ هجوم عسكري في حال اندلاع الحرب، لكنه يشكّل ورقة ضغط سياسية على لبنان». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوظيفة الأساسية لهذا الجدار، هي منع عمليات التسلل، وتهريب المخدرات من الجانب اللبناني إلى داخل إسرائيل، التي نشطت في السنوات الأخيرة، والتخفيف من عمليات الرقابة المباشرة»، لافتاً إلى أن الجدار «يمكنه أن يحدّ من رصد (حزب الله) لتحركات الدوريات الإسرائيلية قرب الشريط الحدودي، ويحول دون استهدافها مباشرة، كما يشعر قاطنو المستوطنات القريبة من لبنان ببعض الاطمئنان».
ويبدو أن «الإجراءات الإسرائيلية لا تنغّص حياة أبناء جنوب لبنان، الذين اتخذوا من الجدار منطقة سياحية للتنزه فيها، والتقاط الصور التذكارية، حتى إن الرسامين وجدوا في هذا الجدار ألواحاً كبيرة لرسم لوحات وصور لثوّار مثل (تشي غيفارا وغاندي ونيسلون مانديلا)، بالإضافة إلى كتابات وشعارات سياسية خطّها أنصار (حزب الله)».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.