خلاف الشركاء في مؤتمر «سيدر» يؤخر تنفيذ قراراته

وزير الخارجية الفرنسي في بيروت الشهر المقبل

TT

خلاف الشركاء في مؤتمر «سيدر» يؤخر تنفيذ قراراته

يُتوقع أن يزور بيروت وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الشهر المقبل، للاطلاع على ما حقق لبنان من مطالب للبدء بتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، في وقت كثرت فيه التحقيقات مع موظفين من الفئة الأولى، وتم إيقافهم عن ممارسة وظائفهم، كما تم منع قضاة من ممارسة مهامهم إلى أن ينتهي التحقيق معهم.
وبدأت علامات الاستفهام ترتسم حول: مَن يعرقل انطلاقة «سيدر»؟ وهل سيعطي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضوء الأخضر بعد عودة وزير خارجيته من بيروت ورفع تقرير مفصل له عما سمعه من المسؤولين الذين سيلتقيهم، ويلعب ماكرون دوراً داعماً مع باقي الشركاء من القطاعين الخاص والعام؟
يجدر التذكير بأن الموفد الرئاسي الفرنسي السفير بيار دوكان الذي زار بيروت في الأول من مارس (آذار) الماضي أعرب عن ارتياحه لما سمعه من الرئيس سعد الحريري عن تطبيق ما كان قد اتفق عليه قبل نحو سنة بشأن مؤتمر «سيدر». واتفق الحريري ودوكان على تحديد الأولويات من قبل الحكومة، و«وضع برنامج يتضمن أن البنى التحتية هي قيد التنفيذ وكذلك الإصلاحات المتعلقة بالاقتصاد الكلي، مع التركيز على أمر مهم جداً بالنسبة إلى المانحين، وهو مكافحة الفساد». ونقل دوكان إلى المسؤولين الذين التقاهم أن المانحين الدوليين يطالبون بـ«إشارات في هذه الفترة»، علماً بأن ما ورد في البيان الوزاري لا يزال قائماً، مع إدراكهم أن المشاريع المفترض تنفيذها تستوجب وقتاً.
وأفاد مصدر دبلوماسي يشارك في الاتصالات الجارية بين بيروت وباريس وجهات أخرى للاطلاع على ما تقوم به الحكومة، بأن «تأخير البدء في تنفيذ مقررات (سيدر) يعود إلى خلافات بين عدد من الدول المشاركة في المؤتمر». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف «ليس واحداً، وكل دولة لها وجهة نظر في التنفيذ، لكن القواسم المشتركة التي يطالبون بها واحدة، وتتمثل أولاً في تشكيل الحكومة فتشكلت، ويبقى أمام لبنان مواضيع أخرى لتنفيذها، هي الإصلاحات والموازنة وموضوع مكافحة الفساد والشفافية».
وتابع المصدر: «هذه هي أكثر الأمور التي يطالبون بها». وطرح المصدر سؤالاً مشككاً مفاده: «إذا كانت هناك أمور أخرى غير معلنة، فهذا موضوع آخر»! وقال: «ليس بوسع الدول أن تدعي أن مشكلة مكافحة الفساد لا تُعالج. بالعكس لقد بدأت، ومجلس الوزراء أقرّ أمس استراتيجية لتنفيذ ذلك عملياً».
أما «بالنسبة للموازنة، فالمطلوب من وزير المال علي حسن خليل عدم تجاوز العجز فيها بنسبة معينة، وتشترط الدول تخفيضاً في الإنفاق وتحسناً في المداخيل»، مشيراً إلى أن «التحضير للموازنة (ماشي)، وأصبح المشروع شبه جاهز. وسيُحال قريباً إلى مجلس الوزراء».
واستغرب المصدر تجاهل المجتمع الدولي الإجراءات اللبنانية، علماً بأن السفير دوكان يحيل بدوره إلى الرئيس ماكرون تقارير مفصلة ترسلها السفارة الفرنسية في بيروت عن ورش العمل الحالية لمكافحة الفساد في ميادين عدة، منها القضاء والجمارك وقوى الأمن الداخلي ومصلحة تسجيل السيارات، ونشاط اللجنة المالية يكاد يكون يومياً للتدقيق بصرف المال العام، تمهيداً لوقف الهدر بأنواعه، سواء للجمعيات وللمدارس المجانية (ثبت أن بعضها لا يستقبل طلاباً) وحتى تخفيض التعويضات التي يتلقاها الرؤساء والوزراء والنواب وورثتهم. إضافة إلى أن الاجتماعات لمعالجة عجز الكهرباء مكثفة ومتتالية وبرئاسة الرئيس الحريري، وتكاد اللجنة المختصة تقر مشروعاً شبه نهائي تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء. إضافة إلى فتح ملفات الموظفين في القطاع العام الذين انخرطوا في الوظيفة بقرار من الوزير المختص.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».