قاعدة عسكرية فرنسية جديدة وسط مالي

لمحاربة الإرهابيين على الحدود مع النيجر وبوركينافاسو

TT

قاعدة عسكرية فرنسية جديدة وسط مالي

يواصل الفرنسيون تعزيز وجودهم العسكري في منطقة الساحل الأفريقي، وتحديداً في دولة مالي التي تعاني تصاعد أعمال العنف وانتشار جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، ويشيد الفرنسيون قاعدة عسكرية جديدة في وسط مالي، غير بعيد من الحدود مع بوركينافاسو، وهي المنطقة التي يتحرك فيها مقاتلون من «تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى».
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن الأشغال مستمرة لبناء القاعدة العسكرية الجديدة، إذ يشتغل العمال تحت شمس حارقة على حفر الأرض ونقل الأتربة، في مكان خارج بلدة «غوسي» حيث نصبت الخيام والمستودعات، والعمل يجري بوتيرة جيدة في موقع القاعدة، حيث يتصاعد الغبار، وسائقو الشاحنات يرتدون السترات الواقية من الرصاص رغم ارتفاع درجة الحرارة إلى 50 مئوية.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن قائد القاعدة قوله إنها «ستكون القاعدة الرئيسية للعمليات في منطقة غورما حيث التهديد نشط»، فيما قال ضابط رفيع آخر لم يكشف عن هويته: «في السابق كنا نتوغل ثم نخرج من المنطقة، لكننا الآن نرفع العلم هنا حيث سنبقى».
وعند اختيارهم لهذا الموقع، بحث الفرنسيون عن المياه الصالحة للشرب دون جدوى، ولكنهم في النهاية قرروا جلب المياه من مدينة «غاو»، كبرى مدن شمال مالي، والتي تبعد عن موقع القاعدة الجديدة 150 كيلومتراً؛ حيث يتم جلب المياه في صهاريج كبيرة.
وتعد القاعدة الجديدة هي الأحدث في إطار عملية «برخان» الفرنسية التي تتخذ من دولة تشاد مقرا رئيسيا لها، وينشط في عملية «برخان» 4.500 جندي يخوضون حرباً شرسة ضد مئات الإرهابيين النشطين في منطقة الساحل الأفريقي، ولكن القاعدة الجديدة ستركز على الشريط الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينافاسو.
وخلال الأشهر الأخيرة خاضت القوات الفرنسية مواجهات قوية في شمال شرقي مالي، ضد مقاتلي «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى»، وذلك في منطقة «ليبتاكو» المحاذية للنيجر، ولكن القوات الفرنسية تعتزم الآن التوسع غربا إلى منطقة «غورما» في وسط البلاد، وهي منطقة تقاطع تحاذي حدود مالي مع بوركينا فاسو.
وقال قائد عملية برخان الجنرال فريدريك بلاشون إن منطقة «غورما»، جنوب نهر النيجر، والتي تمتد على أجزاء من غاو وتمبكتو وموبتي، هي ملاذ معروف للجماعات المتطرفة التي تستغل وجود الغابات للاحتماء على طول حدود بوركينا فاسو.
وفي الأسابيع الأخيرة تكبدت القوات المالية خسائر فادحة في «غورما»، وهذا الأسبوع قُتل طبيب عسكري فرنسي عندما مرت عربته المدرعة فوق لغم.
وينشط تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى مع جماعات جهادية أخرى في هذه المنطقة، بينها على وجه الخصوص جماعة تسمى «كتيبة غورما» ترتبط بـ«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التحالف الرئيسي الذي يتبع لتنظيم «القاعدة»، وقتل قائد «كتيبة غورما» المنصور أغ القاسم في نوفمبر (تشرين الثاني) في غارة فرنسية.
وهناك جماعة أخرى قوية هي «أنصار الإسلام» الموجودة جنوب «غورما» على طول الحدود مع بوركينا فاسو، ويُعتقد أن مقاتليها مسؤولون عن سلسلة من الهجمات في شمال بوركينا فاسو عام 2015، وما تزال تشن هجمات حتى اليوم، ويعتقد أنها مرتبطة بتنظيم «داعش».
وتعد «غورما» منطقة استراتيجية تستخدمها الجماعات الإرهابية للتحرك بسهولة بين البلدان الثلاث (مالي، النيجر وبوركينافاسو)، وذلك ما أكده قائد عملية برخان الجنرال فريدريك بلاشون في حديث لإذاعة فرنسا الدولية، حين قال: «عندما تكون في غورما بإمكانك الوصول إلى أي مكان في المنطقة. وباستطاعتك أيضا تقديم الدعم في بوركينا إذا احتاج الأمر».
ولكن منطقة وسط مالي لا تواجه التحدي الإرهابي وحده، وإنما تعاني من توتر عرقي متصاعد بين قبائل «الفلان» وقبائل «الدوغون»، وهو التوتر الذي راح ضحيته قبل أيام 160 مدنياً من قبائل «الفلاني» قتلوا في مذبحة استهدفت قرية صغيرة من قرى «الفلاني»، يعتقد أنها من تنفيذ صيادين تقليديين من قبائل «الدوغون».
وتغيب الدولة عن مناطق واسعة من وسط مالي، ويكاد يكون حضور الجيش معدوماً في الكثير من هذه المناطق، فيما تنتشر شبكات تهريب السلاح والجماعات الإرهابية التي تستغل التوتر العرقي لاكتتاب مقاتلين جدد، وخاصة في وسط قبائل «الفلاني» المسلمة والتي يعتقد أفرادها أنها تعاني من مظلمة تاريخية.
واعترف قائد عملية برخان الفرنسية أن التوتر العرقي في مالي «عقّد عملية برخان لاستئصال الإرهابيين»، وأضاف أن «الأمر كله يتعلق بعدم الوقوع في هذا الشرك. عمل قوة مثل برخان هو التصدي للإرهابيين الحقيقيين، في الوقت الذي يتم فيه دعم هؤلاء المسؤولين عن التنمية. عليك أن تعالج جذور المشكلة الذي لا يعني بتاتا دعم إتنية أو قبيلة على حساب أخرى».
وفي حين يزيد الفرنسيون من حضورهم العسكرية في منطقة الساحل الأفريقي، إلا أنهم يساندون بقوة مجموعة دول الساحل الخمس (موريتانيا، مالي، النيجر، تشاد وبوركينافاسو)، وهي الدول التي شكلت قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب، ولكنها ما تزال تعاني من مشكلات في التمويل والتدريب.
وسيطر متطرفون مرتبطون بـ«القاعدة» على شمال صحراء مالي المترامية بداية عام 2012، لكن تم طردهم عبر عملية «سرفال» التي قادتها فرنسا وبدأت في يناير (كانون الثاني) 2013، وتحولت عام 2014 إلى عملية «برخان»، فيما تنتشر قوات أممية قوامها 15 ألف جندي لحفظ السلام في مالي، ولكنها لم تنجح في ذلك، إذ تعاني مالي من أعمال عنف متصاعدة؛ وأعلنت حكومة مالي هذا الأسبوع أن 450 مدنيا و150 عسكريا ماليا وأجنبيا قتلوا في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام وحده.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.