الجزائر: مسيرات مليونية اليوم... والجيش يقترح بن بيتور رئيساً للمرحلة الانتقالية

تحضيرات برلمانية لتثبيت شغور منصب الرئيس بعد استقالة بوتفليقة

متقاعدون من الجيش في مظاهرة وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل كل عناصر نظام بوتفليقة (إ.ب.أ)
متقاعدون من الجيش في مظاهرة وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل كل عناصر نظام بوتفليقة (إ.ب.أ)
TT

الجزائر: مسيرات مليونية اليوم... والجيش يقترح بن بيتور رئيساً للمرحلة الانتقالية

متقاعدون من الجيش في مظاهرة وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل كل عناصر نظام بوتفليقة (إ.ب.أ)
متقاعدون من الجيش في مظاهرة وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل كل عناصر نظام بوتفليقة (إ.ب.أ)

فيما تستعد مدن الجزائر لمسيرات مليونية غدا الجمعة، للمطالبة برحيل باقي فلول نظام بوتفليقة بعد استقالته، قالت مصادر من الحراك الجاري منذ 7 أسابيع، إن الجيش اقترح على رئيس الوزراء سابقا أحمد بن بيتور، رئاسة المرحلة الانتقالية، ضمن هيئة من الشخصيات تتولى تسيير شؤون البلاد لمدة 6 أشهر، بعدها يتم تنظيم انتخابات رئاسية. وفي غضون ذلك، اجتمع مكتبا غرفتي البرلمان لتحضير اجتماع له لتثبيت حالة الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية، عقب استقالة بوتفليقة الثلاثاء الماضي.
وذكرت مصادر الحراك لـ«الشرق الأوسط» أن بن بيتور دخل في مشاورات مع مقربين منه ليطلب رأيهم في عرض الجيش، وأوضحت أن رئيس الوزراء سابقا (2000 - 2001) غير متحمس كثيرا لأداء دور سياسي في المرحلة المقبلة، ونقلت عنه أنه كان يرغب في وقت سابق بإنشاء حزب سياسي لكنه عدل عن الفكرة، وأنه كان ينوي اعتزال السياسة والابتعاد عن أضواء الإعلام.
وبحسب نفس المصادر، فقد فكرت قيادة الجيش في بعض رموز الحراك ليكونوا في مقدمة المشهد خلال المرحلة المقبلة، مثل المحامي مصطفى بوشاشي، ورئيس الوزراء سابقا علي بن فليس، وزبيدة عسول رئيسة حزب «التغيير والرقي». مبرزة أن حظوظ بن فليس ضئيلة، بذريعة أنه كان أحد رجال بوتفليقة الأوفياء خلال ولايته الأولى، حيث شغل منصب مدير حملته الانتخابية في رئاسية 1999. وقد عينه بوتفليقة بعدها أمينا عاما للرئاسة، ثم رئيسا للوزراء. لكن اختلف الرجلان عشية رئاسية 2004 لما ظهرت على بن فليس رغبة في الترشح، مسنودا من قائد أركان الجيش آنذاك، محمد العماري.
ويقول مراقبون إن الجيش يبحث عن «شخص يحقق حدا أدنى من الإجماع»، ليحل محل مسؤولين يعدون من رموز نظام بوتفليقة، ويصر الحراك على تنحيهم من الواجهة فورا، وأولهم عبد القادر بن صالح رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، الذي يمنحه الدستور صلاحية رئاسة الدولة لمدة 90 يوما، في حالة استقالة رئيس الجمهورية، والذي كان من أشد الموالين لبوتفليقة، ومن المطالبين بترشحه لعهدة خامسة. أما الشخصية الثانية فهو الطيب بلعيز، رئيس «المجلس الدستوري»، الذي يعطيه الدستور صلاحية رئاسة الدولة لنفس الفترة، في حال اقترن شغور منصب الرئيس بمانع يواجهه رئيس «مجلس الأمة»، يحول دون توليه هذه المهمة، وقد ظل بلعيز طيلة 20 سنة من أشد رجال بوتفليقة ولاء، وتسلم ملف بوتفليقة للترشح لعهدة خامسة في 10 من فبراير (شباط) الماضي، من يدي مدير حملته الانتخابية، بينما القانون يلزم المترشح أن يودع أوراق ترشحه بنفسه. وكان بوتفليقة في تلك الفترة بسويسرا بغرض العلاج. أما الشخصية الثالثة فهي رئيس الوزراء نور الدين بدوي، الذي كان وزيرا للداخلية قبل الحراك، وهو متهم بـ«قمع» مظاهرات عدة فئات مهنية، كالأطباء وأساتذة التعليم، وبرفض الترخيص لأحزاب معارضة جديدة.
إلى ذلك، أعلن مكتبا «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) و«مجلس الأمة»، عن اجتماعهما أمس بغرض التحضير لاجتماع البرلمان بغرفتيه، وذلك عقب تبليغه من طرف المجلس الدستوري بشهادة التصريح بالشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وفقا لما تنص عليه المادة 102 من الدستور، التي تقول بأنه «في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان، الذي يجتمع وجوبا».
ورجحت مصادر برلمانية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، التئام الغرفتين بعد غد الأحد ليبدأ بن صالح مهامه مباشرة. ويشار إلى أن رئيس «المجلس الشعبي»، معاذ بوشارب، وهو منسق حزب الأغلبية، منبوذ شعبيا لأنه أطاح برئيسه المنتخب سعيد بوحجة قبل ستة أشهر، في انقلاب أمرت به رئاسة الجمهورية.
من جهة أخرى، نفى حزب «تجمع أمل الجزائر»، الذي كان مواليا لبوتفليقة، مشاركة رئيسه، الوزير السابق عمر غول في اجتماع مفترض، أثار ضجة كبيرة ونددت به قيادة الجيش، عقده مدير المخابرات الحالي اللواء بشير طرطاق ومدير المخابرات السابق الفريق محمد مدين، مع عناصر من المخابرات الفرنسية، والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، كما حضر الاجتماع، بحسب ما جاء في تصريحات أستاذ الإعلام المعروف عبد العالي رزاقي، لفضائية خاصة، عمارة بن يونس، الوزير السابق ورئيس حزب «الحركة الشعبية الجزائرية». والغرض من هذا الاجتماع هو «تشويه سمعة الجيش بشن حملة إعلامية ضده»، بحسب ما جاء على لسان رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في خطاب ناري السبت الماضي.
وقال حزب غول في بيان إنه «ينفي قطعيا هذه الإشاعات، ويؤكد أنه لا علاقة له بأي شكل بمثل هذه اللقاءات». وصرح بن يونس أنه «ينفي هذا الأمر جملة وتفصيلا، بل أكثر من ذلك عدم علمي به أصلا. كما لا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أجتمع خارج الأطر النظامية والقانونية للجمهورية الجزائرية، متآمرا على سيادة بلادي، التي دفع الشعب الجزائري من أجلها أكثر من مليون ونصف شهيد، والدي، رحمه الله، واحد منهم». وأضاف موضحا «لا يمكنني اليوم في مثل هذه الظروف، التي تمر بها الجزائر، إلا أن أقف ضد أي متآمر على سيادة بلادي، لا سيما الذين يريدون التآمر مع أعداء الجزائر، سواء من الداخل أو الخارج».
وتبين في النهاية أن اللقاء المثير للجدل، جمع مدين بالرئيس السابق اليمين زروال، الذي تلقى منه عرضا لرئاسة الدولة في المرحلة المقبلة. وهذه الفكرة صدرت عن السعيد بوتفليقة، بحسب ما ذكره زروال في بيان.
وبحسب مصادر مطلعة، فقد شعر قائد الجيش صالح أنه مستهدف بهذا اللقاء شخصيا، لأنه خصم لدود لمدين والسعيد بوتفليقة، وكان وراء إبعاد الأول من قيادة المخابرات عام 2015. ولهذا السبب هاجم صالح جماعة الرئيس السابق بحدة، وطالب بوتفليقة الثلاثاء الماضي بالاستقالة فورا، وهو ما تم في نفس اليوم.
إلى ذلك، اتضح أمس عدم صحة خبر نشرته وسائل إعلام، مفاده أن شقيق الرئيس المستقيل ناصر بوتفليقة، ليس في الإقامة الجبرية. ونشرت وزارة التكوين المهني بصفحتها بـ«فيسبوك» صورا، ظهر فيها ناصر، وهو أمين عام الوزارة، بمناسبة بدء الوزير الجديد موسى بلخير مهامه. كما جاء في نفس الأخبار أن السعيد في الإقامة الجبرية أيضا، وأن قرارا بمنعه من السفر مع ناصر، صدر عن النائب العام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.