وزراء خارجية «الناتو» يتجاوزون خلافاتهم حول الإنفاق والتصدي لروسيا

ملف الخلاف مع تركيا ما زال مرشحاً للتصاعد في ظل تمسك أنقرة بصفقة صواريخ «إس - 400» الروسية

الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (إ.ب.أ)
الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (إ.ب.أ)
TT

وزراء خارجية «الناتو» يتجاوزون خلافاتهم حول الإنفاق والتصدي لروسيا

الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (إ.ب.أ)
الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (إ.ب.أ)

اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الذكرى السبعين لتأسيسه الذي انتهى أمس، طغى عليه جزئياً ملف تركيا، مع سيل التصريحات والتحذيرات الأميركية التي أخذت طابعاً حاداً غير معهود في الآونة الأخيرة. وحظي الملف الروسي بنقاشات موسعة طاولت تحديداً التحديات التي تطرحها روسيا اليوم على المسرح الدولي. كان التوافق واضحاً بأن هذا الملف المتعدد الجوانب والاتهامات التي وجهت إلى روسيا بمحاولة زعزعة استقرار ليس دول التحالف فقط، بل والدول التي تشهد تدخلاً مباشراً منها، من أوكرانيا إلى البلطيق وسوريا وفنزويلا، فضلاً عن خرقها المعاهدات النووية، لن تبقى بلا رد.
وشدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على الوحدة بين أعضاء الحلف لاحتواء ما وصفه «بتحديات القوة» من روسيا والصين وإيران، مضيفاً أن الحلف مستعد تماماً لمواجهة هذه التحديات. وأضاف أن على الحلف الاستعداد لمواجهات موجات الهجرة الفوضوية والتحديات الحديثة كالهجمات السيبرانية، وتلك التي تستهدف مصادر الطاقة واستراتيجية الصين التنافسية، بما فيها تقنية الاتصالات من الجيل الخامس. في المقابل، تولى البنتاغون الإعلان عن خطط لبناء أنظمة رادار لكشف تهديدات الصواريخ فوق الصوتية، وإنتاج أسلحة جديدة للحفاظ على تفوق الولايات المتحدة العسكري؛ ما اعتبر دعماً لموقف الحلف لرد التحديات التي تطرحها روسيا. لكن الحرص كان واضحاً بأن الحلف لا يريد تصعيداً ولا سباقاً جديداً للتسلح مع روسيا؛ الأمر الذي أكد عليه الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، قائلاً: إن العلاقة مع روسيا سيحكمها على الدوام توازن الرد على التحدي وقنوات الحوار المفتوحة معها، لكنه ليس ساذجاً ولن يبقى مكتوف الأيدي.
وكان ستولتنبرغ أكد أن «الناتو» لن يدخل في سباق تسلح جديد ولن ينشر صواريخ نووية متوسطة المدى، رغم خرق روسيا لمعاهدة الصواريخ النووية المتوسطة، الذي أدى إلى إعلان واشنطن الانسحاب منها، وحظي قرارها بإجماع تام من أعضاء الحلف.
في هذا الوقت اعتبر خطاب ستولتنبرغ أمام الكونغرس الأميركي بمجلسيه، على أنه خطاب تطمين واطمئنان، خصوصاً أن أوساطاً عدة في الكونغرس تحدثت عن أن دعوة ستولتنبرغ لإلقاء خطابه، تمت من دون التنسيق مع البيت الأبيض؛ ما يعكس قلق «الطبقة السياسية الأميركية» من حملات التشكيك التي تعرّض لها الحلف، وتحديداً من الرئيس دونالد ترمب، وتقديم رسالة تطمين بأن الولايات المتحدة لا تزال على تعهدها وتمسكها بالحلف.
وفي خطاب ثانٍ، أثنى ستولتنبرغ على الجهود التي بذلها الوزير مايك بومبيو والكثير من قيادات الكونغرس لإيصال رسالة واضحة عن التزام الولايات المتحدة وتمسكها بالحلف، مذكراً بالحقب التاريخية التي مر بها الناتو وعلى توسعه الدائم، حيث انضمت إليه أخيراً دولة شمال ماكيدونيا ليصبح عدد أعضائه 30. ورغم الضبابية التي لا تزال تحيط بقضية إيفاء دول الحلف بالتزاماتهم المالية، فإن مسؤولين أميركيين أكدوا تحقيق تقدم كبير في هذا المجال. وأضافت تلك الأوساط أن تعهدات حصلت عليها واشنطن لمعالجة «الخلل في مساهمات أعضائه المالية»، وأن الجانبين قدما تنازلات، أخذت في الاعتبار ظروف البلدان المعنية بما يسمح لها بالوفاء بالتزاماتها. وضغط الوزير بومبيو على الدول الأعضاء، وخصوصاً على ألمانيا من أجل زيادة مساهمتها، وقال: إن لا وقت نضيعه لتبرير عدم التزامنا بتعزيز الإنفاق بحجة أن مواطنينا لا يدعمون هذا الأمر، مضيفاً أن كل دولة عليها واجب شرح ذلك لمواطنيها.
سفيرة الولايات المتحدة في الحلف كاي بايلي هاتشيسون، كانت أكدت أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعهدت في اتصال هاتفي مع الرئيس ترمب بزيادة حصة بلادها إلى 1.5 في المائة من ناتجها القومي عام 2024.
وأعلن بومبيو، أن الدول الأوروبية وكندا وافقوا على استثمار 100 مليار دولار بنهاية عام 2020، وأنهم سيواصلون زيادة مساهماتهم حتى إغلاق الفجوة القائمة في ميزانية الحلف.
كما أكد أمين عام الحلف على أن جميع الأعضاء قد وافقوا على رفع التزاماتهم لتحقيق نسبة 2 في المائة، وأن بعض الدول ستحقق هذا الالتزام عام 2020 وبعضها عام 2024، من بينها ألمانيا أيضاً.
ملف الحرب في أفغانستان أخذ نصيباً كبيراً أيضاً من مناقشات الوزراء الذين أبدوا اهتماماً واضحاً في معرفة تفاصيل المحادثات التي يجريها المبعوث الأميركي الخاص زلماي خليل زاد للتوصل إلى اتفاق إطار وخريطة طريق تسمح بإنهاء أطول حرب إقليمية، وتضمن عدم تحول أفغانستان إلى ملاذ متجدد للإرهاب، في المنطقة والعالم.
وأعلن الوزراء دعمهم جهود السلام، خصوصاً أن أعباء تلك الحرب تصيب بلدانهم جميعاً، على الرغم من أن النصيب الأكبر يقع على عاتق الولايات المتحدة.
وتحدثت مصادر في البيت الأبيض بأن الأسابيع القليلة المقبلة قد تشهد اختراقاً سياسياً في محادثات السلام، وقد تؤدي إلى الإعلان عن قرار لوقف إطلاق النار، ووقف الأعمال العدائية وإقرار فترة انتقالية مدتها سنتان، يتخللها اتفاقيات سياسية وعسكرية بمشاركة «طالبان» والحكومة الأفغانية.
وتسرب من أجواء الاجتماعات التي عقدت بين المسؤولين الأميركيين والأتراك، أن الخلاف مرشح للتصاعد، في ظل تمسك أنقرة بصفقة صواريخ «إس - 400» الروسية. واعتبر خطاب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس أمام اجتماع وزراء الخارجية أنه الأقوى تجاه تركيا عندما خيّرها بين المضي في صفقتها وشراكتها مع حلف الناتو. وقال: «إن على تركيا الاختيار بين ما إذا كانت تود البقاء شريكاً بالغ الأهمية في التحالف العسكري الأكثر نجاحاً في التاريخ، أو أنها تود المخاطرة بسلامة هذه الشراكة واتخاذ قرارات متهورة تضع الحلف بأكمله ضمن دائرة الخطر».
من ناحيته، وفي ملف آخر، حذر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنقرة خلال لقائه نظيره التركي مولود جاويش، من النتائج «المدمرة» لأي عمل عسكري تركي شمال شرقي سوريا. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان عقب اللقاء: إن بومبيو أعرب عن دعمه المفاوضات الجارية فيما يخص شمال شرقي سوريا، مع التحذير من العواقب المدمرة المحتملة للعمل العسكري التركي الأحادي الجانب في المنطقة.
وسبق أن أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مشاركته في الاجتماع، أن أنقرة لن تتراجع عن قرارها شراء «إس -400» الروسية رغم الضغوط الممارسة؛ لأن المسألة قد حسمت.
وعلقت الولايات المتحدة توريدات المعدات الخاصة بمقاتلاتها «إف 35» إلى تركيا، في حين نقل عن مصادر في البنتاغون، أن أنقرة منحت مهلة نهائية تنتهي في شهر يوليو (تموز) المقبل للتراجع عن صفقة «إس - 400»، وإلا تعرضت لعقوبات إضافية. دول الحلف الأخرى لم تُدلِ كثيراً بدلوها في هذا الملف، على الرغم من مشاركتها واشنطن بواعث القلق جراء تمسك أنقرة بصفقة الصواريخ الروسية. وأعلن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، أن هذه القضية ليست مدرجة على جدول أعمال الاجتماع، لكنه أكد أن هذا النوع من الخلافات تبحث في هذه الاجتماعات عادة.
وقال: إن قضية نوعية النظم الدفاعية التي تختارها الدول هي مسألة سيادية، لكن من الواضح أن هناك مخاوف بشأن نظم من خارج منظومة الحلف. وقال: إن فرنسا وإيطاليا دخلتا على خط الأزمة القائمة بين الولايات المتحدة وتركيا، من خلال عرض منظومة صواريخ دفاعية بديلة، وأن مفاوضات جارية مع الأتراك.



تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».