«جلّ ما نريده هو الخروج من هنا. لا يمكن أن نُدان لأننا قمنا بواجبنا في المنزل ووفرّنا العناية لأطفالنا في دولة داعش». هذا ما قالته المواطنات الإسبانيات الثلاث اللاتي انضممن إلى تنظيم داعش مع أزواجهن، يولاندا مارتينيز ولونا فرنانديز ولبنى ميلودي، ووقعن في قبضة قوات التحالف على حدود سوريا الشرقية مع تركيا». ووصفت صحيفة «الباييس» الإسبانية، التي التقت بالمعتقلات الثلاث في مخيّم الهول، ظروف المخيّم الذي يضمّ 73 ألف معتقل معظمهم من النساء والقاصرين، بأنها (خطيرة وغير صحّية).
وتقول لبنى إن زوجها الذي يحمل جنسية إسبانية ويتحدر من أصول مغربية معتقل في أحد السجون الكردية، أما الزوجان الآخران فقد قضيا في المعارك الأخيرة التي أدّت إلى انهيار «داعش». وتعرب الإسبانيات الثلاث عن رغبتهن في العودة إلى إسبانيا: لكن برفقة أولادهن. وتقول إحداهن: «لن نقبل أبدا بالانفصال عن أولادنا»، ويؤكدن أن الذهاب إلى سوريا: «كان نتيجة خدعة ووعود برحلة استجمام وحياة أفضل في تركيا التي انتقلنا منها سرّاً في الليل إلى المناطق السورية التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش».
وتقول يولاندا إن: «المخيّم تحوّل منذ شهر إلى خلافة مصغّرة حيث تحاول الجهاديات الأكثر تطرّفاً السيطرة على المجموعة»، وتضرب المثال بإحدى المعتقلات من ترينيداد وتوباغو التي تعرّضت للضرب على يد المتشددات لأنها رفضت ارتداء النقاب.
ويبلغ عدد المعتقلات الأجنبيات نحو عشرة آلاف 65 في المائة منهن قاصرات، أما البقيّة فمعظمهن من السوريات والعراقيات، إضافة إلى (التونسيات وهنّ الأكثر تشدداً وشراسة).
وقد بدأت القوات الكردية التي تشرف على المعتقل بنقل الأجنبيات إلى مخيّم آخر كان مخصصاً للمعتقلات من كازاخستان والمغرب.
ويفيد تقرير وضعته الأمم المتحدة أن 126 قاصرا لقوا حتفهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية في هذا المخيّم بسبب المرض أو قلة التغذية أو إصابات تعذّرت معالجتها، وأن نحو 40 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين السادسة والثانية عشرة يعيشون في ظروف مأساوية ولا يعرف أحد ماذا ينتظرهم. ويقول مصدر رسمي في مدريد إن الحكومة الإسبانية تدرس إمكانية التجاوب مع طلب الولايات المتحدة استرجاع مواطنيها المعتقلين في مخيمات وسجون قوات التحالف الدولي في سوريا. ويؤكد مسؤول في مخيّم الهول أن فرنسا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي استرجعت أربعة من مواطنيها القاصرين من أصل 1200 امرأة وطفل ينتمون إلى جنسيات أوروبية.
وتقول لبنى، المولودة في الرباط، إن زوجها اقترح عليها السفر في رحلة سياحية إلى تركيا عام 2014: «وبدأت رحلة المآسي التي لم تنقطع منذ ذلك اليوم»، وتؤكد أنها ما كانت لتذهب أبدا لو قال لها إنهما ذاهبان إلى سوريا. وتعرب عن خشيتها من مجموعة النساء المتشددات في المخيّم: «اللواتي كان معظمهن من أفراد شرطة الأخلاق التابعة لتنظيم داعش، تجول الشوارع لملاحقة النساء اللاتي لا يحترمن القواعد السلوكية ويعاقبنها بالضرب والتعذيب».
وتذكر لبنى كيف دخلت مع زوجها وأولادها عن طريق الرقّة حيث كان (يتمّ فرز العائلات الأجنبية التي تلتحق بتنظيم الدولة، ويفصل الزوج عن زوجته وأولاده الذين ينقلون إلى «مضافات» مخصصة لأسر الداعشيين)، وأنهم بعد غياب الزوج شهراً كاملاً عاد وانتقلوا جميعاً إلى محيط مدينة حلب حيث التحق بمقاتلي الدولة الإسلامية، ثم تبلغت استشهاده في المعارك «وبدأت رحلة أخرى من العذاب مع أولادي». وتقول إن وسطاء يتصّلون بها من وقت لآخر ويعرضون عليها تسهيل الخروج مع أولادها مقابل مبلغ يناهز العشرين ألف دولار: «طلبتها من عائلة زوجي، لكن لم يصلني ردّ منها».
أما يولاندا مارتينيز المولودة في أحد أرقى أحياء العاصمة الإسبانية وتخرّجت من كليّة الفنون الجميلة: «لأني كنت أريد السير على خطى والدتي الرسّامة»، فتقول بأنها تعرّفت على زوجها وهي في الثانية والعشرين من عمرها: «ومعه اكتشفت الإسلام ودعوة الدين التي كانت تعتمل في داخلي». وتروي كيف أن تذمّر عائلتها التي رفضت زواجها واعتناقها الإسلام دفعها للهجرة إلى المغرب مع زوجها وأولادها، ومن هناك انتقلت العائلة إلى تركيا ثم إلى سوريا حيث التحق زوجها بالفريق الذي كان يدير محكمة تنظيم الدولة. وتقول إن زوجها لم يقاتل أبدا في صفوف التنظيم وكان نشاطه ينحصر في الشـؤون الإدارية. ويفيد تقرير للشرطة الإسبانية أن زوج يولاندا: «كان قياديا ناشطاً في استقطاب الجهاديين بين الشباب الذين كانوا يترددون على المركز الإسلامي في مدريد، وهو الذي كان يقرر كيف ومتى يسافر الجهاديون إلى مناطق النزاع».
أما والدة لونا فرنانديز، الإسبانية الثالثة التي تطلب من السلطات مساعدتها للعودة إلى بلادها، فتقول إنها ودّعت ابنتها الوحيدة وحفيديها في العام 2014: «يقيناً مني بأنها كانت ذاهبة مع زوجها، وهو من أصول مغربية، إلى الإسكندرية للعمل مع أسرة صديقة في مجال تجارة الملبوسات». وتذكر أن زوج ابنتها كان: «كتوماً جداً، قليل الكلام، يدخّن ويتعاطى الكحول ونادراً ما يذهب إلى المسجد... لكنه تغيّر فجأة وبصورة جذرية، ومعه تغيّرت ابنتي التي كانت ملحدة، وأصبحت متشددة في تطبيقها التعاليم الإسلامية».
معتقلات إسبانيات «داعشيات» يردن العودة إلى بلادهن
معتقلات إسبانيات «داعشيات» يردن العودة إلى بلادهن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة