إن كلمة روماتيزم هي كلمة عائمة، وتقع تحت مظلتها مجموعة من الأمراض كالروماتويد والذئبة الحمراء والتهاب الأوعية الدموية والتهاب الفقرات اللاصق والتهابات المفاصل المصاحبة للصدفية وكذلك التهاب المفاصلK والخشونة والاحتكاك، لذلك فالكلمة عائمة وقد درج إطلاقها فيما يدل على الخشونة أو الاحتكاك لدى كبار السن.
إن الأمراض الروماتيزمية هي في الأصل أمراض مناعية مزمنة تؤثر على المفاصل وغيرها من أعضاء الجسم، وليست هناك أسباب واضحة تحتم إصابة شخص بعينه بالروماتيزم عن غيره، ولكن كل ما في الأمر أن لدى الإنسان قابلية للإصابة بالمرض، كما أن هناك أسباباً عدة تزيد من احتمالية الإصابة بالمرض من بينها التدخين والالتهابات البكتيرية أو الفيروسية والتي قد تحفز الجهاز المناعي وتقود لظهور الأعراض المختلفة للمرض.
مؤتمر طبي
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة حنان محمد الريس، استشارية الأمراض الباطنية والروماتيزم والذئبة الحمراء بمدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية بالرياض رئيسة الجمعية السعودية لأمراض الروماتيزم، فأوضحت أن هذه الجمعية أنشئت عام 2010 وشعارها دعم الأبحاث في طب الروماتيزم والاهتمام بأطباء الروماتيزم سواء للكبار أو الصغار، إضافة إلى إقامة نشاطات وورش عمل لتقوية الأبحاث.
وبصفتها رئيسة المؤتمر الدولي السادس للجمعية السعودية لأمراض الروماتيزم الذي اختتم أعماله مساء الأحد الماضي، أوضحت أنه تمت مناقشة آخر المستجدات في أمراض الروماتيزم من خلال مناقشة أكثر من 40 بحثاً وورقة عمل وإقامة 19 ورشة عمل للأطباء والمختصين. وبهذا فإن هذا المؤتمر السادس للجمعية يعتبر أكبر المؤتمرات خلال التسع سنوات الماضية من إنشاء الجمعية، وجمع 4 مؤتمرات في مؤتمر واحد.
الأمراض الروماتيزمية
تحدث إلى «صحتك» الدكتور إبراهيم عبد الرزاق الحمود، استشاري أمراض باطنية وروماتيزم رئيس برنامج طب الباطنة وطب الروماتيزم في مدينة الملك فهد الطبية بالرياض وأحد المشاركين في المؤتمر، فأوضح أن الأمراض الروماتيزمية تتميز بمجموعة من الأعراض المشتركة، وهذا ما يصعّب من عملية التشخيص أحياناً ويشكّل تحدياً للطبيب في بعض الأحايين.
> آلام المفاصل. وتشترك أغلب الأمراض الروماتيزمية في الشعور بآلام بالمفاصل وتيبسات صباحية، كما أن بعض أمراض الروماتيزم يصاحبها طفح جلدي وتقرحات بالفم والمناطق التناسلية وتساقط في الشعر. وقد تكون الأسباب متعددة وذات علاقة بالأمراض الروماتيزمية أو الالتهابات أو تعود بسبب تناول أدوية بعينها استخدمها الشخص في السابق، وهنا يبرز دور الطبيب في التعرف على التاريخ المرضي للمريض بالتفصيل، للوصول إلى عملية التشخيص السليمة ومن ثم فحص المريض، ثم القيام ببعض التحاليل والأشعة وصولاً إلى نتائج تشخيصية متكاملة.
> أمراض ليست وراثية. أمراض الروماتيزم ليست في طبيعتها أمراضاً وراثية، حيث إننا لا نعرف الجين المسؤول فعلياً عن الإصابة بالمرض، ولكن يمكن القول إن نسبة حدوث الإصابة بالمرض عالية حين يكون من بين أفراد العائلة شخص مصاب بالمرض نفسه، وهذا يعني احتمالية إصابة بقية أفراد العائلة، لكن العامل الوراثي غير وارد هنا.
> لا ترتبط بفئة عمرية محددة. بكل أسف تنتشر فكرة خاطئة مفادها أن الأمراض الروماتيزمية تصيب كبار السن فقط، وهذه المعلومة غير صحيحة، فالذئبة الحمراء مثلاً تصيب النساء أكثر من الرجال، وغالباً ما تكون الإصابة للمرأة في عمر الحمل والولادة، أي غالباً بين 20 و45 أو 48 عاماً، كما أن مرض الروماتويد يبدأ في الشيوع من سن 30 إلى 55 عاماً، وأن التهابات الأوعية الدموية تختلف أيضاً، وهي تتشكل من عدة أمراض بعضها يصيب الصغار وبعضها يصيب الكبار.
وبالنسبة لارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض الروماتيزمية لدى النساء مقارنة بالرجال، فإن هناك نظرية أو فرضية تقول إن للهرمونات دوراً كبيراً تلعبه في استثارة الجهاز المناعي، وهذا يمكن فهمه من خلال زيادة نسبة انتشار مرض الذئبة الحمراء وسط النساء، فهي تتمثل في نسبة 7 إلى 9 مرات أعلى من الرجال.
> لا تعيق الزواج والحمل والإرضاع. يؤكد د. الحمود أنه على العكس من ذلك، فإن مريض الروماتيزم باستطاعته أن يتزوج، كما أن باستطاعة المرأة أن تحمل وتُرضِع وتسافر، ولكن الأهم من ذلك المتابعة مع الطبيب والالتزام بنصائحه.
نعم إن هناك أدوية يجب التوقف عنها عند الحمل، وهذا يتطلب الإعداد والتخطيط المبكرين قبل الحمل، لأن هناك أدوية ممنوع استخدامها أثناء الحمل وهي كثيرة، بحيث يوقفها الطبيب، كما أن هناك فترات معينة بعضها يحتاج لشهر وبعضها إلى 3 شهور كي تتخلص المرأة من آثارها وتكون قادرة على الحمل. أيضاً هناك أدوية ممنوعة أثناء الرضاعة ويجب إخبار المريضة والتحدث إليها في هذا الخصوص، وبالمثل فإن هناك أدوية آمنة عند الحمل والرضاعة، لذا فمن الأهمية بمكان تذكير المريضة بعدم إيقاف هذه الأدوية أثناء الحمل والرضاعة لكونها آمنة ولكون إيقافها قد يؤدي إلى زيادة نشاط المرض.
التشخيص والعلاج
يقول د. الحمود: أولاً، يجب التعرف على التاريخ المرضي بالتفصيل، وبعد هذه الخطوة يمكن إجراء التحاليل المخبرية وصور الأشعة التي تساعد الطبيب على التشخيص السليم، ومن ثم الشروع في العلاج.
ويقال إن بعضاً من عامة الناس لديهم تحاليل إيجابية (أي مؤكدة للإصابة) وليسوا بمرضى، وإن آخرين مصابون بالمرض ولكن تحاليلهم سلبية (غير مؤكدة). وهذا أمر صحيح، فمثلاً مع مرض الروماتويد فإن ما يقارب من 15 إلى 20 في المائة من المرضى قد تكون تحاليلهم سلبية وهم مصابون بالمرض، بينما في الطرف الآخر قد يكون تحليل الروماتويد إيجابياً لعدة أسباب، فمثلاً التهاب الكبد الوبائي والتقدم في السن قد يعطيان نتيجة إيجابية عند التحليل وبنسبة ضئيلة، ولذلك لا يعتمد الطبيب فقط على التحاليل قبل التعرف على التاريخ المرضي، وأحياناً تربك التحاليل الطبيب غير المختص.
ويؤكد د. الحمود على التشخيص المبكر، وأنه أمر في غاية الأهمية من كونه يفيد في تعاطي العلاج مبكراً، ومن هنا ينصح بالكشف المبكر لتفادي جميع المضاعفات بإذن الله. وأن على كل إنسان يعاني من آلام بالمفاصل، أياً كانت فئته العمرية، وأن آلامه تلك غالباً تزداد مع قلة الحركة وتتحسن مع زيادتها، بل ويصاحبها تيبس عند الصباح يتجاوز 40 دقيقة، لا بد له من مقابلة طبيب الروماتيزم والمفاصل، وكذلك من لديه تورم بالمفاصل مصحوب بآلام وطفح بالجلد واحمرار بالعين.
أما عن العلاج فيقول د. الحمود إن خطة العلاج تبدأ بأدوية تُستخدم لفترة قصيرة من الزمن، فمثلاً يتم استخدام الكورتيزون لتستقر الحالة، ثم يتم إيقافه بإشراف الطبيب، ثم توصف الأدوية المناعية والبيولوجية حسب كل حالة، بناءً على وضع المريض ونشاط المرض. ثم يتابع المريض حالته في العيادات المتخصصة، وفي حالة ظهور أي من الأعراض الجديدة يتم حينها استبدال الأدوية بناءً على الأعراض المستجدة. وفيما يتعلق بمرض الروماتويد تحديداً، فلا يزال العلاج الابتدائي الذي تُستهل به المعالجة هو الكيميائي (ميثوتريكسيت)، وهنا يكون علاجاً مناعياً وليس كيميائياً، لأن جرعته المستخدمة لا تتجاوز في الغالب 20 مليغراماً ولا تتعدى 8 حبات، ولذلك يُستخدم في الخط الأول للعلاج، وفي حال فشله ننتقل للأدوية البيولوجية التي لا يعني وجودها الاستغناء عن الأدوية المناعية.
وعندما نقول أدوية كيميائية يتخوف من ذلك كثير من الناس، صحيح أن هذا الدواء يمكن أن يستخدم دواء كيميائياً في علاج بعض الأورام، لكن استخدامه مع الروماتيزم يكون في جرعات أقل بوصفه علاجاً مناعياً يثبط المناعة الزائدة، ولا نصل مطلقاً إلى الجرعات التي تستخدم في علاج الأورام. وقد تكون هناك بعض الأعراض الجانبية، ولكنها قليلة مقارنة بمصابي الأورام شفانا الله وإياهم.
- استشاري طب المجتمع
7:57 دقيقة
أبحاث جديدة لعلاج الروماتيزم والسيطرة عليه
https://aawsat.com/home/article/1665391/%D8%A3%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%AB-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%B2%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87
أبحاث جديدة لعلاج الروماتيزم والسيطرة عليه
تطورات كبرى في العقاقير المناعية والبيولوجية
- الرياض: د. عبد الحفيظ يحيى خوجة
- الرياض: د. عبد الحفيظ يحيى خوجة
أبحاث جديدة لعلاج الروماتيزم والسيطرة عليه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة