وفد تجاري سعودي رفيع في بغداد لتدعيم التقارب الشامل مع العراق

استقبلت العاصمة العراقية، أمس، وفداً سعودياً رفيعاً ضم عدداً من الوزراء والمسؤولين، بهدف توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والتجارية والثقافية. وأبلغ مصدر سعودي مطلع «الشرق الأوسط» أن «مجموع أعضاء الوفد السعودي يناهز المائة».
وذكر نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، وزير النفط، رئيس اللجنة التنسيقية العراقية - السعودية ثامر عباس الغضبان، في بيان أمس، أن «الوفد رفيع المستوى من المملكة يترأسه وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد بن عبد الله القصبي، يضم عدداً من الوزراء وممثلي الوزارات ومديري كبريات الشركات السعودية والهيئات وعدداً من الشخصيات الاقتصادية والثقافية والأمنية».
وأضاف الغضبان أن «العراق والسعودية سيعقدان على مدى يومين اجتماعات كثيرة ضمن أعمال الدورة الثانية لمجلس التنسيق العراقي - السعودي، لبحث تعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين اقتصادياً وسياسياً وتجارياً وثقافياً وأمنياً».
ووقّعت الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، والغرفة التجارية الصناعية العراقية ببغداد، أمس، مذكرة تفاهم، لزيادة التبادل التجاري والتعاون الاستثماري والاقتصادي، استهدفت تقوية الروابط الاقتصادية بين البلدين، وتسخيرها لخدمة المصالح المشتركة. واتفق الطرفان على تنسيق الرؤى والمواقف في المنتديات والمؤتمرات والمعارض الاقتصادية الإقليمية والدولية، والاهتمام بإجراء البحوث والدراسات الاقتصادية، لسد الثغرات في القوانين التجارية والاقتصادية والمعايير الدولية.
وقضت مذكرة التفاهم، بعقد مؤتمر سنوي لشركات ورجال وسيدات الأعمال، بالتناوب في البلدين، وبناء قاعدة معلومات لخدمة الغرفتين، إضافة إلى تشجيع تبادل وتجارة المنتجات الوطنية بين البلدين، وتقديم جميع التسهيلات اللوجستية، وغيرها.
ووقّع الاتفاقية من جانب غرفة الرياض رئيس مجلس الإدارة عجلان العجلان، ومن غرفة تجارة بغداد نائب رئيس الغرفة عبد الله الجبوري.
وبعد التوقيع، قال عجلان العجلان لـ«الشرق الأوسط» إن مذكرة التفاهم ستمكن الطرفين من تعزيز العمل على تنمية وتطوير قطاع الأعمال والتجارة ومجالات العمل الاقتصادي للبلدين. وأكد اهتمام البلدين بالمساهمة في رفع التبادل التجاري بينهما، موضحاً أنه حسب الإحصائيات الرسمية فقد وصلت صادرات السعودية غير النفطية إلى العراق خلال الأعوام الخمسة الماضية، إلى ما يقارب 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).
وأوضح رئيس غرفة الرياض، أن صادرات السعودية إلى العراق خلال عام 2018 بلغت ما قيمته 2.4 مليار ريال، واحتل قطاع المواد الغذائية المرتبة الأولى للصادرات السعودية إلى العراق، بقيمة 662 مليون ريال (176.5 مليون دولار)، تلاه قطاع مواد البناء بقيمة تصديرية بلغت 565 مليون ريال (150.6 مليون دولار).
من جهته، قال السفير العراقي لدى الرياض، قحطان الجنابي، لـ«الشرق الأوسط»، من بغداد : «إن وجود وفد سعودي رفيع في بغداد، يؤكد عزيمة البلدين على المضي قدماً نحو شراكة شاملة اقتصادية وتجارية واستثمارية»، وسينعكس ذلك في زيادة التبادل التجاري بين البلدين في مستقبل الأيام.
وأكد الجنابي أن هذه الزيارة تهدف إلى المضي قدماً لتحقيق قدر كبير من التعاون الشامل والعمل المشترك، مشيراً إلى أن الجانبين يتطلعان إلى تهيئة أجواء التعاون وزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري، وأن زيارة وفد كبير يضم 100 عضو هي الأولى لوفد سعودي على هذا المستوى منذ 30 عاماً.
من جهته، أوضح الغضبان أن «وفد الأشقاء السعوديين، سيلتقي مع رئيس الجمهورية، ورئيسي الوزراء ومجلس النواب العراقي، لبحث آفاق تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين». وعقد المجلس التنسيقي السعودي - العراقي اجتماعه الأول في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017. ويهدف إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات كافة إلى آفاق جديدة، وتنسيق الجهود الثنائية بما يخدم مصالح البلدين.
واستناداً إلى بيان الغضبان، فإن الوفد الوزاري السعودي يضم إلى جانب القصبي، كلاً من وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان، ووزير البيئة والمياه والزراعة عبد الرحمن الفضلي، ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح، ووزير التعليم حمد آل الشيخ، ووزير الإعلام تركي الشبانة، ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان.
ويضم الوفد أيضاً، محافظ الهيئة العامة للجمارك أحمد الحقباني، ونائب وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية عبد العزيز العبد الكريم، ورئيس هيئة النقل العام رميح الرميح، ومحافظ الهيئة العامة للتجارة الخارجية عبد الرحمن الحربي، وممثلين عن وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة المالية، ووزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ووزارة النقل، ووزارة الإعلام، ووزارة التجارة والاستثمار، ووزارة التعليم، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة الشؤون الإسلامية، والهيئة العامة للاستثمار، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وممثلين عن الرئاسة العامة للاستخبارات، وهيئة تنمية الصادرات السعودية، والهيئة العامة للطيران المدني، وهيئة النقل العام، والهيئة العامة للموانئ، والهيئة العامة للرياضة، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، والصندوق السعودي للتنمية، ورئاسة أمن الدولة، ومركز الملك سلمان للإغاثة.
كذلك يضم الوفد ممثلين عن كبرى الشركات السعودية الراغبة في الاستثمار في العراق في مختلف القطاعات.
من جانبه، يقول مدير «مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية» مناف الموسوي إن «المملكة السعودية تبعث برسالة قوية إلى العراق، عبر إرسال وفد كبير وعلى مستوى عالٍ. أعتقد أنها رسالة جيدة جداً لصالح العراق والمنطقة».
ويضيف الموسوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة ومجلس الوزراء العراقي اتخذ قراراً شجاعاً وغاية في الأهمية بحماية الاستثمار السعودي في العراق، وذلك سيؤدي بالتأكيد إلى إكمال آليات الاستثمار السعودي في العراق». ورأى الموسوي أن «العلاقات العراقية السعودية تدخل مرحلة جديدة وغير مسبوقة في التفاهم والانسجام، سينتج عنها بناء علاقات متوازنة على جميع الأصعدة تخدم المصالح الحيوية والمشتركة بين البلدين الشقيقين».
ويتفق رئيس «المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية» واثق الهاشمي، على أهمية وأولوية العراق بالنسبة للملكة العربية السعودية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الوفد السياسي والاقتصادي والثقافي السعودي الذي يزور العراق اليوم، وفد غير مسبوق من المملكة، حتى من بقية الدول العربية والإقليمية، وهذا مؤشر واضح على اهتمام المملكة بالعراق وتنامي العلاقة بين البلدين».
وأشار الهاشمي إلى أن «الانفتاح السعودي والإقليمي على العراق يصب في صالحه وصالح المنطقة، وبإمكان العراق اليوم أن يكون طرفاً فاعلاً في لعبة التوازن في العلاقات الإقليمية والدولية». ورأى أنه «على رجال السياسة في العراق استثمار لحظة الانفتاح هذه، بما يخدم مصالح البلاد، والكف عن دور توزيع الولاءات لهذا الطرف أو ذاك، من أجل نهوض البلاد».
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي كشف، أول من أمس، عن زيارة الوفد السعودي، وأعلن عزمه زيارة المملكة خلال الأسبوعين المقبلين، وذكر أن الوفد والزيارة المرتقبة هدفها «مناقشة جميع الأمور المتعلقة بتطوير العلاقات مع المملكة، وحريصون على تطويرها، فهي تولد بيئة إقليمية أفضل، ونحن فرحون بها، لأنها تصب في مصلحة العراق».
وتشهد العلاقات العراقية السعودية تنامياً مطرداً منذ قيام المملكة بإعادة فتح سفارتها في بغداد في ديسمبر (كانون الأول) 2015 بعد انقطاع دام 25 عاماً. وفي فبراير (شباط) 2017 زار وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير بغداد، وهي أول زيارة لوزير خارجية سعودي للعراق منذ 27 عاماً.
وقرر مجلس الوزراء العراقي في جلسة أول من أمس، اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين جمهورية العراق وحكومة المملكة العربية السعودية. الأمر الذي اعتبره مراقبون سيفتح باباً واسعاً أمام الاستثمارات السعودية في العراق.