صراع الألوان

2019 عام التناقضات وتبني الاختلاف حتى في ما يتعلق بمزج ظلال غير مألوفة

البنفسجي بكل درجاته من الألوان التي تشهد قوة في هذا الموسم  -  النجمة هيلين ميرين بفستان بظلال مرجانية  -  درجات البيج اكتملت في عرض «ماكس مارا»
البنفسجي بكل درجاته من الألوان التي تشهد قوة في هذا الموسم - النجمة هيلين ميرين بفستان بظلال مرجانية - درجات البيج اكتملت في عرض «ماكس مارا»
TT

صراع الألوان

البنفسجي بكل درجاته من الألوان التي تشهد قوة في هذا الموسم  -  النجمة هيلين ميرين بفستان بظلال مرجانية  -  درجات البيج اكتملت في عرض «ماكس مارا»
البنفسجي بكل درجاته من الألوان التي تشهد قوة في هذا الموسم - النجمة هيلين ميرين بفستان بظلال مرجانية - درجات البيج اكتملت في عرض «ماكس مارا»

بانتهاء أسابيع الموضة لخريف وشتاء (2019 - 2020)، تكون لوحة ألوان العام قد اكتملت، فلم يعد السباق بين الألوان الصريحة، وإنما بين ظلال من العائلة اللونية نفسها، بل ومن لون واحد، وبالتالي أصبح غير دقيق أن نقول: «اللون الأحمر»، من دون أن نحدد درجته؛ فهناك مثلاً الكرزي والعنابي وهكذا.
منذ منتصف عام 2018 ونحن نتابع السباق على المزج بين الظلال اللونية القريبة من بعضها. كانت البداية خلال أسابيع الموضة لخريف وشتاء 2018 - 2019، ثم جاء معهد بانتون للألوان، المعني بالفضاء اللوني المستخدم في الصناعات المختلفة، وحدد «المرجاني الحي» كلون لعام 2019. وبين رؤية بانتون وتفضيلات المصممين ومباركة موضة الشارع، دعونا ننظر من أعلى لنحدد لوحة ألون العام.
انقسم ممشى العروض إلى فريقين؛ الأول أعلى صوت الألوان الترابية الهادئة، وأصرَّ على تقديم الظلال الناعمة كنوع من فرض شكل من الترف الهادئ. أما الثاني، فاتجه إلى الظلال الصارخة، لكن الجميل أنه بين الفريقين، الأول والثاني، تسللت مجموعة من الألوان لم ترَ النور على ممشى العروض فحسب، بل باركتها النجمات والمشاهير.
- الأحمر لن يختفي على مدار العام
فعلياً، بدأ شتاء 2019 بظلال الأحمر، بحيث شاهدنا ظلاً داكناً مع لمعة محدودة، أُطلِق عليه «الكمثرى الحمراء»، بحسب معهد بانتون. وتُرجم اللون على ممشى عروض الأزياء في تصاميم رومانسية تستلهم الدفء من حرارة الأحمر، مثل «معطف الترانش الماكسي» الذي قدمته دار أزياء «روكساندا»، وفستان من خيوط نسيج الدانتيل مع الساتان من «جيفنشي». ورغم أن توهّج الأحمر في موضة الشتاء أصبح من الأمور التي تعودنا عليها منذ عدة سنوات، واستعمل مراراً لكسر كآبة الشتاء، فإنه هذا الموسم أخذ بعداً جديداً، فهو جزء من الموضة وليس مجرد أداة لكسر رتابتها، بدليل أنه مستمرّ في الربيع والصيف أيضاً.
بدرجته النارية المائلة إلى البرتقالي ظهر في كثير من العروض، مثل عرض دار «غوتشي» الذي قدمته في معطف ربيعي من الكتان مع فستان «ميدي» وجوارب باللون ذاته. مظهر يمكن أن يكون بالغ الجرأة بالنسبة للبعض، لكن يمكن بسهولة استعماله من خلال قطعة واحدة.
لكن «غوتشي» و«جيفنشي» لم تكونا الوحيدتين اللتين استعملتاه بسخاء، كما لم يقتصر على عاصمة موضة من دون أخرى. فقد سجل حضوراً قويّاً خلال «أسبوع نيويورك» أيضاً في تشكيلات كل من توم فورد، وأوسكار دي لا رينتا، ومارك جاكوبس. أما في باريس، فقد اقترحته دار «فالنتينو» بظلّ ساطع من الرأس إلى القدم.
صحيح أن سطوع لون على ممشى العروض يشير إلى رواج مرتقب، لكن مباركة أيقونات الموضة تحوله إلى صرعة لا مفر منها. فقد اعتمدت دوقة ساسيكس، ميغان ماركل، الأحمر في أكثر من مناسبة. الأولى عند زيارتها إلى بيركنهاد، حيث اعتمدت معطفاً باللون الأحمر الساطع، من علامة «سانتلر» الكندية، نسقته مع حذاء باللون ذاته. وفي المغرب أيضاً اعتمدته من خلال فستان أحمر ناري من دار أزياء «فالنتينو».
- البنفسجي يتموج ليناسب كل الفصول
يرتبط في الأذهان بحقبة الثمانينات، حيث كان أحد الألوان المفضلة لدى الأميرة ديانا أيقونة الموضة في تلك الحقبة. هذا العام عاد بقوة لا يُستهان بها، ومن خلال درجاته المتنوعة.
ضمن تشكيلة موسكينو لخريف وشتاء 2018 - 2019، قدمت الدار ظلاً «فينتاج» منه أعادنا إلى أسلوب ديانا، خصوصاً «تايور» عرضته بيلا حديد، ونسّقت معه حذاء من اللون ذاته، مع تسريحة شعر تعود إلى الأربعينات، وكأنه يبعث رسالة بأن البنفسجي لون الأناقة في زمن مضى.
على العكس اختارت دار «تيبي» والمصمم ديفيد كوما ظلاً واضحاً، ربما ليتوقف الناظر أمام البنفسجي لثوانٍ يستنشق فيها رحيق زهرة اللافندر، أما دار أزياء «ميو ميو»، فاختارت البنفسجي الفاتح الذي ينتمي إلى ألوان البودرة الرائجة هذا العام.
وقد ظهر هذا اللون مجدداً ضمن تشكيلة الربيع والصيف، حيث قدمته دار «كيت سبيد» بأسلوب أزياء «المونوكروم»، أي بلون موحد.
وبعيداً عن ممشى العروض، جاءت اختيارات النجمات لتؤكد أنه، وبكل درجاته، سيكون ضمن لوحة ألوان 2019، حيث اعتمدته دوقة كمبردج، كيت ميدلتون أكثر من مرة، وبأكثر من ظلّ، فخلال زيارتها مركز «هنري فوسيت للأطفال»، اختارت بلوزة من دار «غوتشي» نسقتها مع بنطلون أسود بساقٍ واسعة. قبل هذه الإطلالة كانت كيت ميدلتون قد ظهرت به في زيارتها إلى ألمانيا من خلال فستان كوكتيل لافندر باستيل مع حقيبة وحذاء من اللون ذاته.
في حفل توزيع جوائز الأوسكار ظهر اللون البنفسجي الداكن ليزين السجادة الحمراء، حيث ظهرت الممثلة لوسي بوينتون، صديقة الممثل الحائز على الأوسكار رامي مالك، بفستان من دار «سان لوران»، بنفسجي اللون ومصنوع من الساتان، مزدان بأكتاف مكشوفة مع شريط من المخمل الأسود.
- المرجاني لون العام بمباركة دور الأزياء
يبدو أن مصممي الأزياء هضموا مفهوم معهد «بانتون» لتقديم المرجاني الحي ليكون لون العام، الذي برر اختياره بأن الكائن البحري، الذي يهرب ليكون تجمعات تُعرف لاحقاً بالشعاب المرجانية، حتى يواجه قسوة البيئة، هو أفضل تعبير عن حالة التناقضات المعاصرة التي نعيشها، لذلك ظهر المرجاني بشكل لافت، والتزم عدد كبير من المصممين بالظل البرتقالي المائل إلى الوردي الذي حدده «بانتون».
وشوهدت أقمشة لامعة مثل الساتان والحرير ضمن تشكيلة مارك جاكوبس، عززت بريق المرجاني الحي، كذلك ظهرت فساتين مزدانة بطبعات من المرجاني خلال عرض دار الأزياء الإيطالي «إيترو» لربيع وصيف العام. وحتى في أسبوع الأزياء الراقية، اعتمده كثير من المصممين من بينهم أليكسي مابيل من خلال فساتين فخمة بأحجام ضخمة وتفاصيل مبتكرة.
- 2019 عام التناقضات «من البيج إلى البني»
استبشر خبراء الموضة منذ بداية العام أن يكون 2019 هو عام احتضان الاختلاف، وهو ما انعكس على ألوان معينة تم استعمالها في غير موسمها، إن صح القول، بحيث كان لافتاً في عروض ربيع وصيف 2019، صعود العائلة اللونية الكاملة للبني. فرغم ارتباط هذا اللون بدرجاته الغامقة خاصة بأجواء الشتاء والخرف، فإن منصات العرض تلوّنت به من دون أن يبدو الأمر نشازاً أو منافياً للذوق. بالعكس تماماً، بدليل الصورة التي عكسها في عرض «ماكس مارا»، فقد استعملت الدار الإيطالية ظلاله المتنوعة في إطلالات كاملة، من الرأس وحتى الحذاء. في عرض «فندي» أيضاً ظهر بدرجة باردة ليميز تصاميم الدار الراقية. كانت السترات الجلدية والتنورات المبتكرة منسّقة مع حقائب تُربَط عند الخصر باللون الأصفر الكركمي. لكن يبدو أن كلاً من «فندي» و«هيرمس» و«ماكس مارا» فضلوا الظل المتوسط من البني، أي ذلك المستوحى من حلوى «التوفي» الشهية.
ويبدو أن دور الأزياء استلهمت هذا الاتجاه من ملهمة الموضة الجديدة، ميغان ميركل، فمنذ دخولها القصر البريطاني، وهي تعتمد هذه الظلال بأسلوب عصري عزّز مكانتها.
- الوردي يؤكد أن 2019 عام المرأة
إذا كانت هناك محاولات تم رصدها العام الماضي وتسللت إلى هذا الموسم، فهي بلا شك ألوان الورود المتفتحة؛ فالمبيعات تؤكد أنها لقيت صدى إيجابياً يُشجع على استمرارها لمواسم مقبلة، وهو ما تُرجم في ظهور المزيد من ظلال الوردي. فقد ظهر في عدة عروض، مثل عرض «براندون ماكسويل»، بل وتسلل إلى الأزياء الرجالية أيضاً في تشكيلة «بوس»، الدار الألمانية التي قدمت مجموعة من البدلات والبنطلونات بلون وردي فاتح لرجل لا يخاف من تجربة الجديد. كذلك ظهر الوردي ضمن تركيبة لونية ربيعية ضمت الظلال الساطعة من لون الزهور مع البرتقالي العميق، مثل ما اقترحته كارولينا هيريرا وكريستيان كوان وبرابال غورونغ وأنا سوي وأيرديم.
بعيداً عن منصات العرض، احتل الوردي أيضاً الصدارة على السجادة الحمراء لحفل الأوسكار 2019، من خلال كل درجاته تقريباً، أي من الوردي البودري وصولاً إلى المتوهّج، مثل الفستان الذي اختارته جوليا روبرتس، وكان من تصميم إيلي صعب، أو الذي اختارته الممثلة جيما تشان، بكرانيش، من توقيع دار «فالنتينو».


مقالات ذات صلة

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

لمسات الموضة صرعات الموضة (آيماكستري)

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

منذ ظهور تلك البدعة، تضاربت الآراء بين المُشتغلين بالتصميم بين مُعجب ومُستهجن. هل يكون الزيّ في خدمة مظهر المرأة أم يجعل منها مهرّجاً ومسخرة؟

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

في ظل التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوُّق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً ومشوقاً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)

«أتولييه في إم» تحتفل بسنواتها الـ25 بعنوان مستقل

«أتولييه في إم» Atelier VM واحدة من علامات المجوهرات التي تأسست من أجل تلبية جوانب شخصية ونفسية وفنية في الوقت ذاته.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

صرعات الموضة (آيماكستري)
صرعات الموضة (آيماكستري)
TT

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

صرعات الموضة (آيماكستري)
صرعات الموضة (آيماكستري)

لفتت النظر في عروض باريس لموضة الربيع والصيف المقبلين، عارضات يرتدين سراويل ذات ساق واحدة، وأيضاً بساق مغطَّاة وأخرى مكشوفة. ومنذ ظهور تلك البدعة، تضاربت الآراء وسط المُشتغلين بالتصميم بين مُعجب ومُستهجن. هل يكون الزيّ في خدمة مظهر المرأة أم يجعل منها مهرّجاً ومسخرة؟

لم يقتصر تقديم تلك الموضة على مجموعات المصمّمين الجدد والشباب، وإنما امتدّ إلى أسماء شهيرة، مثل عروض أزياء «لويس فويتون»، و«كوبرني»، و«فيكتوريا بيكام»، و«بوتيغا فينيتا». ففي حين يرى المعجبون بالسراويل غير المتناظرة أنها تعبّر عن اتجاه جريء يحمل تجديداً في التصميم، وجد كثيرون أنها خالية من الأناقة. فهل تلقى الموضة الجديدة قبولاً من النساء أم تموت في مهدها؟

طرحت مجلة «مدام فيغارو» الباريسية السؤال على محرّرتين من صفحات الأزياء فيها؛ الأولى ماتيلد كامب التي قالت: «أحبّ كثيراً المظهر الذي يعبّر عن القوة والمفاجأة التي نراها في هذا السروال. إنه يراوح بين زيّ المسرح وشكل البطلة المتفوّقة. وهو قطعة قوية وسهلة الارتداء شرط أن تترافق مع سترة كلاسيكية وتنسجم مع المظهر العام وبقية قطع الثياب. ثم إنّ هذا السروال يقدّم مقترحاً جديداً؛ بل غير مسبوق. وهو إضافة لخزانة المرأة، وليس مجرّد زيّ مكرَّر يأخذ مكانه مع سراويل مُتشابهة. صحيح أنه متطرّف، لكنه مثير في الوقت عينه، وأكثر جاذبية من سراويل الجينز الممزّقة والمثقوبة التي انتشرت بشكل واسع بين الشابات. ويجب الانتباه إلى أنّ هذا الزيّ يتطلّب سيقاناً مثالية وركباً جميلة ليكون مقبولاً في المكتب وفي السهرات».

أما رئيسة قسم الموضة كارول ماتري، فكان رأيها مخالفاً. تساءلت: «هل هو نقص في القماش؟»؛ وأضافت: «لم أفهم المبدأ، حيث ستشعر مرتدية هذا السروال بالدفء من جهة والبرد من الجهة الثانية. وهو بالنسبة إليّ موضة تجريبية، ولا أرى أي جانب تجاري فيها. هل هي قابلة للارتداء في الشارع وهل ستُباع في المتاجر؟». ولأنها عاملة في حقل الأزياء، فإن ماتري تحرص على التأكيد أنّ القطع المبتكرة الجريئة لا تخيفها، فهي تتقبل وضع ريشة فوق الرأس، أو ثوباً شفافاً أو بألوان صارخة؛ لكنها تقول «كلا» لهذا السروال، ولا تحبّ قطع الثياب غير المتناظرة مثل البلوزة ذات الذراع الواحدة. مع هذا؛ فإنها تتفهَّم ظهور هذه الصرعات على منصات العرض؛ لأنها تلفت النظر وتسلّي الحضور.