أطباء يستغلون خبرتهم والثقة بأسمائهم لتسويق منتجات خاصة بالبشرة

دخل مؤخراً مجموعة من الأطباء في منافسة واضحة مع شركات التجميل. فهم لا يكتفون حالياً بإجراء عمليات تجميل؛ بل أتبعوها بمنتجات تستمد أهميتها من أنها «طبية» لتعطي الانطباع بأنها أكثر فاعلية. بعضها يجمع فعلاً بين مكونات حاصلة على براءات اختراع، وبعضها تسلل إلى عالم الإنترنت لاستقطاب كل من له رغبة في إعادة عقارب الزمن إلى الوراء، من دون الخضوع إلى مشرط جراح، وهم كُثر.
ورغم أن هذه المنتجات التي تحمل أسماء أطباء معروفين خضعت لعدة اختبارات وتجارب، ورغم أنها تحتوي على جرعات دقيقة وغنية من بعض المكونات المهمة من «فيتامين سي» إلى حمض «الهيالورونيك» وغيرها؛ فإنها ليست حكراً عليهم. فكثير من صناع الجمال يُدخلونها في مستحضراتهم بنسب مختلفة، وهو ما يفسر الجيل الجديد من منتجات العناية بالبشرة «الطبية» التي تجتاح الأسواق حالياً وتلقى رواجاً.
غني عن القول، أن عدم اقتصارها على من لهم خلفية بمجال طب الجلد أو الصيدلة بوجه عام، خلق نوعاً من المنافسة تصب في صالح المستهلك، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أنها لم تعد تقتصر على المرأة وحدها، ووصلت إلى الرجل أيضاً.
المشكلة أن آخرين انتبهوا أيضاً إلى هذه النقطة، ودخلوا على الخط محاولين طرح مستحضراتهم تحت هذه المسميات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مستغلين ثغرة أنها لا تستلزم موافقة جهات تنظيمية فيدرالية، وهذا يعني أن بعضها يفتقد إلى دراسات علمية دقيقة تدعم ادعاءاتها.
والمحصلة النهائية تفيد بأن هناك موجة ازدهار في مبيعات هذه المنتجات؛ خصوصاً عندما تحمل اسم طبيب متخصص أو شركة تجميل معروفة، كسبت الثقة على مدى سنوات.
الأرقام تكشف أن المبيعات في ارتفاع، تبعاً للأرقام الصادرة عن «إن بي دي غروب». وخلال العام المنتهي في يونيو (حزيران) 2018، سُجل ارتفاع للمنتجات رفيعة المستوى داخل الولايات المتحدة بنسبة 14 في المائة، لتصل إلى 5.4 مليار دولار، بينما ارتفعت مبيعات منتجات العناية بالبشرة الطبية بمعدل أسرع بلغ 16 في المائة، لتصل إلى 1.3 مليار دولار.
ماركة «تولا»، مثلاً، والتي أطلقها طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي، هو الدكتور روشيني راج، عام 2015، تحقق نجاحاً لافتاً؛ إذ استخدم فيها الطبيب الـ«بروبايوتيك» على أساس أن الميكروبات التي عادة ما تستخدم في علاج مشكلات هضمية، من الممكن استغلالها في تغذية البشرة، إذا ما استخدمت بصورة مؤقتة. الآن تتوفر «تولا» في 1000 متجر تقريباً في الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن تستمر سوق منتجات العناية بالبشرة في التنامي، مع تحول أبناء الألفية الجديدة نحو التفكير بجدية في سبل مكافحة علامات التقدم في العمر في سن مبكرة، مع عزوفهم عن الخضوع إلى مشرط جراح. فالتدخلات التجميلية بالنسبة لهم أفضل بكثير من العمليات الجذرية. أما إذا كان استعمال كريمات يفي بالغرض، فهذا هو عز الطلب.
وبالنتيجة، فإن الأطباء وجدوا منفذاً جديداً للربح، مع تنامي ثقافة العناية بالبشرة من دون تدخل جذري، بين الجيل الجديد. ومع ذلك لا بد من الانتباه وتوخي الحذر. ففي بعض الحالات، وحتى إذا اعتمدت علامة تجارية ما على المكونات الصحيحة وبنسب محسوبة، فإنها ربما لا تتولى تركيبها على النحو الصائب.
وتعلق باربرا ستورم، الطبيبة والخبيرة بمجال التجميل، والتي تملك خلفية في مجال طب جراحة العظام، ودشنت خط إنتاج باسمها لمنتجات العناية بالبشرة عام 2003، بأنه تم تحذيرها من عدم بيع منتجات تجميل عبر الإنترنت؛ لكنها لم تبال لأنها كانت متأكدة أن زبائنها يعرفونها جيداً، ويعرفون جودة المنتجات التي تبتكرها، وهو ما سيجعلهم يروجون لها بشكل أو بآخر. اليوم، تملك ستورم عيادة في دوسلدورف؛ حيث تعرض علاجات تجميلية غير جراحية، غالباً ما تعتمد على بروتينات البلازما، وعلاجات مضادة للالتهابات، وغيرها.
كما سبق وطرحت منتجاتها عبر موقع «نيت أبورتيه» الشهير في عام 2014، بأحجامها الصغيرة جداً، كانت عنواناً للرفاهية أكثر منها علاجية. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، حولت اهتمامها نحو تعزيز نشاطها التجاري على نحو أكثر استراتيجية.
اللافت أن الدكتورة ستورم هي أفضل سفير لمنتجاتها، وكثيراً ما تظهر في مقاطع مصورة لشرح فلسفتها للعناية بالبشرة.
من ناحية أخرى، أبدت علامات تجارية أخرى أطلقها أطباء منذ فترة بعيدة، اهتمامها بالوجود على مستوى شعبي أكبر، عوض أن تقتصر على نخبة من الزبائن.
من هؤلاء نذكر كاري غروس، رئيسة شركة «دكتور دينيس غروس» المالكة لخط إنتاج منتجات عناية بالبشرة، بدأه زوجها الراحل عام 2000، ومتاحة عبر «سيفورا» منذ عام 2002.
ومن جهته، أعرب ستيفاني كولو، رئيس شركة «دكتور براندت» التي تبلغ من العمر 19 عاماً، عن اعتقاده بأن العملاء اليوم يرغبون في معرفة مزيد عن الأساس العلمي وراء منتجات علامة تجارية ما.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد وفاة مؤسس الشركة، الدكتور فريدريك براندت عام 2015، شكل كولو مجلساً استشارياً يعنى بشؤون العناية بالبشرة، يضم خبراء تجميل، وأطباء متخصصين في الأمراض الجلدية، وخبراء تغذية، من أجل تولي مهمة الحديث علانية نيابة عن العلامة التجارية، ومحاولة تعريف الجمهور بجهود تنمية المنتجات وتطويرها، مع ضرورة احترام البشرة والعناية بها بشكل صحيح؛ لأنها عضو مهم بالجسم.