مقتنيات حربية ملكية للمرة الأولى في متحف المجوهرات بالإسكندرية

تضمّ 20 قطعة صغيرة لأسرة محمد علي باشا

شعلة تذكارية أهديت للملك فاروق تجاورها لوحة صغيرة من الذهب على هيئة درع (الشرق الأوسط)
شعلة تذكارية أهديت للملك فاروق تجاورها لوحة صغيرة من الذهب على هيئة درع (الشرق الأوسط)
TT

مقتنيات حربية ملكية للمرة الأولى في متحف المجوهرات بالإسكندرية

شعلة تذكارية أهديت للملك فاروق تجاورها لوحة صغيرة من الذهب على هيئة درع (الشرق الأوسط)
شعلة تذكارية أهديت للملك فاروق تجاورها لوحة صغيرة من الذهب على هيئة درع (الشرق الأوسط)

يعرض متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية، مجموعة مقتنيات أثرية جديدة للمرة الأولى، تمثل جانباً مهماً من الحياة الحربية في عهد أسرة محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة، ضمن قسم المعارض المؤقتة بالمتحف. وتشمل المجموعة التي افتُتحت رسمياً أمس، 20 قطعة نادرة صغيرة الحجم.
وتتضمن القطع الأثرية المعروضة لأول مرة، وفقاً لبطاقات الشرح المرفقة بها، نموذجاً لشعلة من الفضة مطعّمة بالذهب على شكل زهرة لوتس مغطاة بالميناء الحمراء والخضراء وجسمها من العاج ومكتوب عليها «تحية من الجيش للملك»، وهي من مقتنيات الملك فاروق.
ويضم المعرض أيضاً مسدساً ماركة «مازور»، مقبضه مطعّم بالصّدف؛ ومرفقة معه خمس طلقات وهي من مقتنيات الملك أحمد فؤاد الأول، ويبدو عليه بعض مظاهر الصدأ والقِدم، وهو ما فسره مسؤولو المتحف بأنّهم «تركوا المقتنيات بوضعها الأصلي من دون تغيير أو تجميل كجزء من العرض التاريخي لها».
كما تظهر دانة مدفع ذهبية، مكوّنة من قطعتين، مقدمة من مجموعة الأمير يوسف كمال. بالإضافة إلى نوطين من الفضة يعودان إلى محمد علي باشا، يحمل الوجه الأول عبارة «الشجاعة من شرف النفس»؛ والوجه الآخر رُسم عليه سيف مع اسم مصر.
في السياق نفسه، تم عرض عدد من الأوشحة والنياشين المَلكية، من بينها الوشاح الأكبر من نيشان الخديو إسماعيل من الذهب والفضة، والوشاح الأكبر من نيشان محمد علي باشا من الذهب، ويتكون من «الرصيعة والوسام»، المغطى بالميناء الزرقاء والخضراء والحمراء والبيضاء، وبه أحجار من الزمرد والياقوت الأحمر وهو من مجموعة محمد علي باشا.
ويحتفي المعرض كذلك بمجموعة ميداليات ملكية نادرة من بينها ميدالية من البرونز محفورة عليها صورة محمد علي باشا، ولوحة صغيرة من الذهب على هيئة درع، يعلوها تاج مرصع بالياقوت الأحمر، وهو من مقتنيات الملك فاروق، بالإضافة إلى ميدالية تذكارية تركية مصنوعة من الفضة ترجع لعصر السلطان محمود خان الثاني؛ وهي من أقدم طرز الميداليات العثمانية، وأخيراً ميدالية من البرونز تذكار لمعركة «نصيبين» وعليها نقش بارز باسم «محمد علي باشا» تخليداً لانتصاره في المعركة.
من جهته، يشير الدكتور إسلام عاصم، مدرس التاريخ الحديث والمعاصر في المعهد العالي للسياحة وترميم الآثار، لـ«الشرق الأوسط»، إلى تميز القطع المعروضة لأول مرة، خصوصاً المسدس النادر؛ ووسام محمد علي باشا، الذي يُعد أعلى الأوسمة في فترة الملكية المصرية، وهو عبارة عن نجمة سداسية كُتب في مركزها اسم محمد علي باشا بالخط الكوفي، وحوله حكمة «ثلاثة تحصِّن الملك: الرأفة والعدل والجود».
ويضيف عاصم: «يلفت النظر أيضاً نيشان ورصيعة الخديو إسماعيل وهي عبارة عن نجمة خماسية، يتوسطها اسم إسماعيل بخط الثلث، ويحمل النيشان هذه النجمة التي تتوسط شمس أسرة محمد علي؛ وكذلك رصيعة وسام محمد علي باشا، وهو على شكل شمس، ويحمل نفس الزخارف التي على الوسام».
ويعدّ متحف المجوهرات من المتاحف المتميزة، ليس فقط لما يحتويه من مجموعة مقتنيات نادرة وفريدة، ولكن لتميز مبناه (قصر النبيلة فاطمة الزهراء حيدر)، ويعود طرازه الأوروبي إلى القرن التاسع عشر. ويعود تاريخ بعض مقتنيات متحف المجوهرات إلى عام 1805، عندما تولّى محمد علي باشا عرش مصر، وبعد قيام ثورة يوليو (تموز) 1952، صودرت تلك المجوهرات ووُضعت في خزائن الإدارة العامة للأموال المستردة، إلى أن أُنشئ هذا المتحف الذي يتميز بروعته المعمارية والمادية والفنية، ويعرض نفائس الحليّ والتحف القيّمة، ويضمّ قرابة 11 ألفاً و500 قطعة تخص أبناء الأسرة المالكة.
ومن أشهر القطع التي توجد في المتحف، تاج الأميرة شويكار، أضخم تيجان الأسرة العلوية، ومجموعة حليّ الأميرة فوزية وباقي الأميرات، وكذلك علبة النشوق الذّهبية المرصعة بالماس الخاصة بـمحمد علي باشا، إضافة إلى مجموعة الأمير محمد علي توفيق، التي تضمّ 12 ظرف فنجان من البلاتين والذهب وفيها 2753 فصاً من الماس البرلنت والفلمنك، حسب الموقع الرّسمي للهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
ويكشف موقع هيئة الاستعلامات المصرية أنّ مساحة المتحف تصل إلى 4185 متراً مربعاً، ويتكون من جناحين: الجناح الشّرقي عبارة عن قاعتين وصالة يتصدرها تمثال صبي من البرونز عليه لوحة فنية من الزجاج الملوّن المعشّق بالرصاص ومزيّن بصورة طبيعية. أمّا الجناح الغربي فيتكون من طابقين الأول به أربع قاعات، والثاني به أربع أيضاً، ويربط بين جناحي القصر بهو في غاية الرقة، كما تزخر به لوحات فنية تمثل 10 أبواب من الزجاج الملوّن والمعشّق، عليها رسوم قصص لمشاهد تاريخية أوروبية الطراز وقصص أسطورية مثل روميو وجولييت.


مقالات ذات صلة

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».